
![]() |
نافذة من المهجر سحر العودة لمشاهدة الأعمال الدراميّة القديمة |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
الأحداث السياسيّة المعقّدة العصيّة على استنتاج توقّعات نتائجها , والفجائع الإنسانيّة التي لا تريد أن تنتهي , أو ربّما لا يُراد لها أن تنتهي , وما يحيط بنا من ويلات ومآسٍ , تجعلني هذه الدوّامة أعود للعيش في ماضٍ أستحضره من خلال إعادة مشاهدة الأعمال الدراميّة القديمة , وخصوصاً تلك المأخوذة من روايات وقصص لنجيب محفوظ أو إحسان عبد القدوس أو أسامة أنور عكاشة وعلى صعيد الكتّاب العراقيين صباح عطوان مثلاً , فالأعمال التي كتبها هؤلاء والعديدون غيرهم , كانت تأخذ من روح المجتمع شخصيّاتها وحكاياتها , لتقدّمها للمشاهد بأسلوب في غاية الدقّة والحِرَفيّة والحذر , لأن أداة تسويق هذه الأعمال كانت شاشة التلفزيون , هذا الجهاز الأليف الذي وصف بأنه الزائر الذي يدخل البيوت بلا استئذان , كان نافذة التسلية و الاطلاع على العالم مع الإذاعة التي كانت لا تقلّ شأناً من التلفزيون في تأثيرها على المتلقّي .... أعترف بأن كلّ شيء تغيّر , والشاشة التي كانت تقتصر على خيار واحد أو خيارين في أحسن الأحوال , صارت تعرض آلاف القنوات وتجعل المتلقي أمام خيارات لا تنتهي بسهولة , لذلك ولّدت لدينا الحيرة وعدم الثبات بسهولة على عمل معيّن يمكن أن يشدّنا إليه ويجعلنا ننشغل به دون البحث عن خيارات أخرى , ومن المؤكد أن الفيض المعروض من القنوات الذي يوفّر فرصاً أكثر , يقابله التسليم بالإصغاء إلى أعمال أقل في التلفزيون المحدد بقناتين , وهذا التحديد يجعلنا نركّز على عمل فنيّ معيّن يتمّ اختياره وفق عوامل – لا تخلو من أدلجة وأهداف سياسيّة – لكنها كانت تمرر في رؤى اجتماعيّة وإنسانيّة تحققها الأعمال الدراميّة التي شارك فيها أهم نجوم الفنّ من ممثلين ومخرجين وفنيين , ليطلقوا أعمالاً تستحقّ أن نقول عنها أنها أعمال خالدة ... إن تطوّر وسائل الاتصال والفعل الإعلامي بشكل عام , غيّر من ذائقة الفرد , وجعله ينفتح على ثقافات مختلفة وآفاق معرفيّة وفّرت مساحات اطّلاع واسعة لها منافعها الكبيرة , وخصوصاً على الفئات الواعية المؤهلة لتقبّل الآخر من بين أبناء المجتمع , أمّ أصحاب الوعي الهشّ والثقافة البسيطة فسرعان ما هيمنت عليهم قشور الثقافات الأخرى وليس أعماقها , وخصوصاً تلك المستلمة من الأعمال الدراميّة المدبلجة , التي أثّر حتى قاموس خطابها اللغوي على شرائح عريضة من أبناء مجتمعنا , فصارت العبارات والمفردات – والأزياء والكماليّات بالنسبة للفتيات – هي ذاتها التي تتبناها المسلسلات التي تأتي في الغالب ممطوطة بأحداث مبالغ في انفعالاتها , وبالتالي تجذب المتلقي حدّ أن يدمن على متابعة أعمال بنت سيناريوهات حكاياتها على موضوعات لا تصل إلى نهايات قريبة , وهذا الإدمان لا يقلّ ضرراً عن حالات الإدمان الأخرى التي اجتاحت مجتمعاتنا العربية . لا أريد هنا أن أناقش الظواهر الفنيّة الجديدة , فهي لها متذوّقوها الذين احترم خياراتهم , لكنني وأنا بعيدة عن أجواء الوطن وحرارته التي بلغت أرقاماً قياسية في صيف لاهب يعيشه أبناء شعبي وهم يشكون من سوء الخدمات وفي مقدمتها الكهرباء التي صارت العلة المزمنة في حياتهم وكأنها لغز عصيّ على الحلّ , أقول وأنا أطلّ من نافذتي أنني عدتُ لمشاهدة عدد من الأعمال الدرامية التي اشتهرت في فترات التسعينيات التي شهدتها , وطبعا هناك أعمال مهمة خالدة في السنوات التي سبقتها , وهذه الأعمال في كل مفاصلها وجزئيّاتها الصغيرة ذات مهارة عالية في أدائها تأليفاً وإخراجاً وتمثيلاً , لتكون مجسّدة للأعمال القصصية أو الروائيّة التي أخذت منها وهي لكتّاب هضموا الواقع الذي يعيشه المجتمع العربي آنذاك ونسجوا منه أعمالهم رؤى وأفكاراً وحكايات مدهشة لتكون قريبة من المتلقي الذي يرى فيها مرآة لواقعه الذي يعيشه بحلوه ومرّه .... هي دعوة لإعادة قراءة الأعمال الفنية الجديدة وكذلك للبحث والدراسة بعمق لأسرار نجاح الأعمال الدرامية القديمة التي ظلت خالدة في الذاكرة عصيّة على النسيان . |
المشـاهدات 25 تاريخ الإضافـة 02/08/2025 رقم المحتوى 65320 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |