السبت 2025/8/2 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 40.95 مئويـة
نيوز بار
رواية يوم في سيدني ل " علي جاسب " أفكر في وطن أكله حزب واحد كما تأكل الأرضة سقفا
رواية يوم في سيدني ل " علي جاسب " أفكر في وطن أكله حزب واحد كما تأكل الأرضة سقفا
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

 

قاسم ماضي -ديترويت

 

ذهول وتعكز على زمان ومكان صنعه  الكاتب الروائي " علي جاسب " بمخياله ليدخلنا في شخوصه التي أحياها نتيجة هذا الموت البطيء الذي نمر به .وهذه الشخوص  متعددة وشاخصة وكثيرة  عاشت معه ، ومنها فائق ، شاهين ،محسن الناهي

 كل هذه الشخصيات  رسمها بعناية وهو يتطرق إليها بوصفها جزءا من أحداث .  

بتصور مليئ بالامال والمعاناة لما يحطيه  من تصورات  تأخذك إلى مديات كثيرة .

 محملة بعدة أسئلة طرحها الكاتب في روايته . من خلال توظيف عناصر العمل الإبداعي وفي النتاج السردي تأتي   الشخصية ، والحوار ، وطريقة. الوصف و ديناميكية السرد ،  لتؤثث عمله السردي الروائي  الذي يشغل ما يمر به أي كاتب .يقول لنا

ان الضحية الأولى في هذا لعالم هو الإنسان ص113

فأهمية المكان لا تختلف عن أهمية الزمان أو الشخوص .وكأن الروائي يسير بخطى ثقيلة أزاء أحداث هذه الرواية ،التي ترسم الواقع اليومي الذي عاشه الكاتب في فترة من الفترات،ومحاولة منه  الخوض في حياة الأخرين ، يرافقه تعقب وبحث عن مرافئ جديدة ، لذهنية عراقية روائية مغتربة ، ممزوجة بعدة أسئلة مقتضبة ،إذ لا خلاص للعقل الا بمواجهة أسئلته المؤجلة  ولا شفاء للأمة إلا باعادة الروح للتفكير، أراد منها الكاتب والروائي العراقي  " علي جاسب " المهجر قسريا ً من بلده " العراق "

 ليقول لنا  "

" وتدريجيا يتحرك الأموات والأحياء، امام عيني على الصحو تتغلف الأفكار، وتتبني هياكل للعبارات ،وتضيع الحقائق في سرداب مؤبد، ان حدثا جرى قبل بضعة ايام يكبر كهلامة حول وجهي، له علاقة بتكويني وحريتي ، له علاقة بانفلاق الكون إلى انصاف عديدة " ص140

 فاتحاً عدة تساؤلات فلسفية في محاولة أيجاد حلول لهذه التساؤلات كي يتحرر منها، رافعا صوته عاليا ومناشدأ العديد من منظمات المجتمع الدولي ، ومنها الأمم المتحدة عبر شخصية محورية  وهي  " هيلين " الموظفة في الأمم التحدة .

وهو يخاطبها قائلاً

ثلاثون سنة والزمن ليس له شكل ، ولم تستطع ان تقيسه بالسنين ، الأحداث هي التي توقظك فتعد على أصابعك زمنا سائلا ما له بداية ، لست أنت من يحسب الزمن ، الزمن يحسبه أصحاب الأرصدة وسفرات التبضع " ص112

هذه الأسئلة هي ليست منفصلة عن واقع الحال الذي يعيشه في مغتربه الذي ظل فيه باحثا عن جزئياته التي تلتف حول رقبته ولم يستطع التخلص منها ، فهو يدور في كل مفاصل الحياة التي دخلها من باب أغترابه ، واصفا هذه الحياة بعجلة الناس الذين يحيطونه .مستغلا المكان والاهتمام به ، كعنصر من عناصر البناء الفني ، حيث مدينته " أم الفوانيس " ظلت عالقة في ذهنه .ليقول لنا

وهل ضاق بك هذا الوطن ؟ ص16

 ربما من يقرأ رواية " علي جاسب " يكشف اسئلة مختلفة لأنها تدخلك في عوالم سردية مشبعة بموضعيتها المتأصلة في داخله ، وهو الرافض لهذا الواقع المزري الذي تعيشه البشرية جمعاء . وشخوص أراد أن يحياها في مخيلته لتكون شاهدة لواقعنا الذي نعيشه .وهنا يقول لنا

" هل أستطيع تغيير العالم ؟ بالتأكيد لا "ص5

  لكنها اسئلة انقاد معها بسهولة ، وتدريجيا ً يتحرك الأموات والأحياء امام عيني على وتيرة واحدة وأضعا أوزاراً متعددة الألوان عليهم ، في الصحو تتغلف الأفكار وتبنى هياكل للعبارات وتضيع الحقائق في سرداب مؤبد .

هذا البوح الواضح في شخصية السارد " جاسب " شكل عدة أسئلة كي تكون جميع شخوصه مرتبطه بهذا الوجع الإنساني العام الذي ينتشر كالنار في الهشيم ،وهو لا يريد أن يضع فقط منطقة الشرق الأوسط في هذه العذابات بل في العالم أجمع .قائلا لنا

" إن حدثا ً جرى قبل بضعة ايام يكبر كهلامة حول وجهي ، له علاقة بتكويني وحريتي ، له علاقة بانفلاق الكون الى أنصاف عديدة ، سيجارتان ، وثلاث وخمس ، سأطفئ نيراني بالسجائر ما دام ذلك يدفعني الى السكون ، لقد وصلت إلى هنا لأقول كل شيء " ص6

 وهنا نؤكد على فن السرد في الروايات وتحضير الأفكار والرؤى والكثير من التأملات الفلسفية  التي ينطلق منها الروائي  ، وهي محركة للعوالم السردية بأسئلة عديدة انسانية ووجودية وكذلك ميتافيزيقية .

حيث اعتبر السرد فنا وملاذ الكثير من المفكرين والأدباء ، وهذه المحاولات التي شكلت عند الروائي " جاسب " هي الصرخة الذاتية انطلاقا من أقوال بعض الفلاسفة اليونانين "

 ان الحياة الخالية من البحث والتأمل حياة لا تليق بإنسان ،ومؤكدا عبر هذه الأدانة لجميع المنظمات العاملة في هذه الأيام ، مجسدا على الواقع ومن خلال كتاباته الحياة أمل فمن فقد الأمل فقد الحياة .يقول لنا

" وتجوفت القضية الكبرى التي طالما حملتها بين أضلاعي ، وتحولت إلى حسابات نفط وموازنات دولية ، صار الانسان خلالها رقيعا وهتافاته مجرد مرض يومي يسمونه عولمة وتسميه اجهزة الأمن ارهابا " ص6

ولا يغيب عن بالنا مؤكدين ذلك في معظم ما نوصله للقارئ ، لأن رواية السيرة الذاتية هي جزء من الخيال ،وعبر جسره اللغوي الذي استخدمه لشد القارئ ومن خلال أربعة أبواب عمل عليها لتكون اللغة واصفة للشعور، جائلة في الفضاء المكاني الذي تبناه " جاسب"

 ليقول لنا

" سأقول انهم سجنوني وأهانوني وأخرجوني من أرضي ، سأقول ان ليس هناك من حقوق انسان ولا حيوان " ص7

وهذا المزج بين النوعين الرواية والسيرة الذاتية ،فيمكن  تصنيفها حسب اعتقادي رواية صوت الشخصية الرئيسية وهو السارد الرئيس بضمير أنا ، ضمير الكشف عن مكوناته الداخلية والذي يطلق عليه ضمير البوح والإفضاء الغزير الذي شكله عبر مسيرة طويلة محملة بالعديد من الآهات .

ليقول لنا

" سأتحول إلى راجمة خرقاء وسأمطره بكل الكلمات التي أعرفها ولا اعرفها ، سأجعل كل الألقاب والعناوين الملمعة هشيما يتطاير فوق رأسه " ص6

 يقول عنه الناقد " سلام ابراهيم " يبوح لنا السارد بطريقة توصلنا إلى مبتغاه الذي أنطلق منه ، فعلى مدى مائة وتسعة وثلاثون صفحة من القطع المتوسط ، يسرد لنا بضمير المتكلم عالمه وأسئلته المتشظية في منولجه الداخلي الطويل وبتداخل مع الوصف " وبهذا تكتمل لديه مشهدية الرواية .ليقول لنا

"رغم سخام السياسة وانكسار المواقف في منخفضات متلاحقة "  ص134

بقى ان نذكر لديه العديد من الروايات التي صدرت له ومنها رواية بعنوان " مثلث النار "عام  1995 عن دار الكنوز الأدبية – بيروت ، ورواية " ايناس " الصادرة عن دار نينيوى – دمشق عام 2001.

المشـاهدات 14   تاريخ الإضافـة 02/08/2025   رقم المحتوى 65328
أضف تقييـم