الأحد 2025/8/3 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 45.95 مئويـة
نيوز بار
معرض 3 × 7 لفرسان النحت العراقي تجربة جمالية فذة على صالة مهد الفنون كاليري بالرياض
معرض 3 × 7 لفرسان النحت العراقي تجربة جمالية فذة على صالة مهد الفنون كاليري بالرياض
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

رحيم يوسف

مدخل

منذ مراحل التاسيس الاولى للنحت العراقي المعاصر وحتى وقتنا الحالي ، تعددت التجارب والاتجاهات التي قدمت فيه ليحتل مراكز الصدارة والتفوق عبر عدد لا يحصى من التجارب الفذة التي فرضت وجودها ليس على الصعيد المحلي ، بل وحتى عربيا وعالميا عبر الكثير من الشواهد الموجودة والتي ستبقى الى زمن غير معلوم ، وتواصلت الجهود عبر أجيال تمتلك القدرة على الابداع والابتكار  والاستمرار في العمل الجاد من اجل ذلك ،  ولسنا هنا في معرض الاطالة في الحديث عن ذلك ، بل من اجل إلقاء الضوء على تجربة مجموعة من النحاتين الذين اطلقت عليهم الصحافة يوما ما فرسان النحت العراقي وهم كذلك عبر منجزاتهم الشخصية المعروفة ، ولابد لي من التنويه بانهم جزء مهم وحيوي ضمن محموعة كبيرة من النحاتين المبدعين سواء من جايلوهم او من اتوا بعدهم،  وهم كل من ( رضا فرحان ، ونجم القيسي ، وهيثم حسن ) والذين يشكلون حجر الزاوية في في جماعة ( ازاميل للنحت العراقي المعاصر ) والذين أقاموا معارض مشتركة تحت عناوين ك ( ٣ × ٦ و ٣ × ٧ ) اضافة لمساهماتهم في المعارض الحماعية الاخري مجتمعين او منفردين والعنوان يشير الى عدد الاعمال التي شارك فيها كل منهم ، ولابد لنا من التنويه بان تلك المعارض لا تشكل بديلا عن معارض جماعة ازاميل ، بل هي نشاط اخر يمتلك أسبابه التي قال عنها النحات نجم القيسي في حوار سابق معه :

_ في كثير من الاحيان نلاحظ  في صف المدرسة ينشطر  الطلاب الى مجموعات من الصداقات بينهم حسب انسجامهم  وانجذابهم فيما بينهم للكثير من الاسباب التي قد  تكون نفسية او إجتماعية او حتى  على المستوى الاقتصادي لكل منهم ، وهذا يعتبر  سلوك طبيعي وصحي  بين البشر وفي مجال الفن خصوصا ،  اما نحن فهنالك ثمة مشتركات في الرؤى  والطروحات   والسلوك الاجتماعي والارتياح النفسي لكلً منا ساعد  كثيرا على هذا التقارب ، وبإمكانك ان تلاحظ ايضا بان لكل منا اسلوبه الخاص ، وهو ما يشكل تنوعا في الاسلوب عندما ننجمع في معرض واحد ليضيف متعة اكثر للمتلقي والزائرين ونجاح المعرض .

بحسب النحات الامريكي ريتشموند بارتي فان :

_ الإنسان متصل بالعقل الكوني، أو الوعي الكوني أو الله أياً كان ما تريد تسميته - والطريقة الوحيدة التي يمكنه من خلالها الحصول على المساعدة أو الإلهام هي الدخول إلى داخل نفسه والاستفادة من هذه القوة. هذا هو المكان الذي يحصل منه الفنانون والشعراء والملحنون والعلماء على أفكارهم وإلهامهم . إنه مصدر كل المعرفة . عليك فقط الدخول إلى داخلك والاسترخاء والسماح لها بالتدفق من خلالك .

لعل هذا القول يذكرنا بفردانية الحياة ، أو بمعنى ادق بان الحياة مشروع فردي غير منصهر كليا ضمن الوجود العام المحيط به ، وكذلك هو قول يلقي الكثير من الضوء على علاقة الأنا بالاخر ، وتحديدا الذات المبدعة باتجاه مجموعة الذوات المحيطة بها سواء اكانت متماهية أو مختلفة ، وهو ما يشكل اللبنة الاساسية في نوعية الخطاب الجمالي الذي تبثه الأنا باتجاه الاخر ، فلا ناتي بجديد اذا قلنا بان الخطاب الجمالي هو خطاب فردي ، غير ان ذلك يمكننا من تحديد اختلاف ذلك الخطاب ضمن مجموعة تتشارك ذات الهم الجمالي الذي يشكل خطابات مجتمعا يسعى إلى الاختلاف عما هو سائد ، ذلك الاختلاف الذي يشكل  واحدة من اهم القيم التي يسعى اليها الفنان اثناء بث خطابه الفني الجمالي ، من هنا مان اجتماعهم في هذا المعرض من اجل عرض رؤاهم الفنية وآخر ابداعاتهم عبر اعمالهم المنفذة في مجال النحت وهو ما نكتب عنه الان من خلال الاعمال التي

عرضت  على صالة مهد الفنون كاليري بالرياض في المملكة العربية السعودية .

رضا فرحان

من الواضح والمعلوم للجميع بأن الاحساس بالجمال يشكل الخطوة الأولى في صناعة الجمال ، تلك الصناعة التي تعد من اهم غايات الفن ، وهو الاحساس الذي يتمكن فيه الفنان من استلهام مجموعة المعطيات التي تتاح امامه ليطوعها باتجاه الخلق بما يتوافق مع رؤاه الفكرية والجمالية ، وعلى سبيل المثال فان ما أراه حجرا ليس الا ، يحوله الى منحوتة جمالية فائقة الدهشة وهكذا هو الأمر في الكثير من الأمثلة التي يمكن الاشارة اليها ، ربما كان هذا هو انطباعي الاول في تجربة النحات رضا فرحان ، وهو الانطباع الذي بقي ملازما لي منذ اول مرة شاهدته وهو يعمل وحتى الآن ،  ذلك انه يعند الى الاستغلال الامثل لكل ما هو متاح امامه في تجاربه التي يعرضها في والتي يواصل العمل عليها منذ بدء اشتغالاته في مجال النحت وحتى يومنا هذا ، وهو الأمر الذي مكنه من وضع اسمه ضمن خارطة التشكيل العراقي المعاصر ، والتي كتبت عنها في اكثر من مناسبة مضت وها انا اعاود الكتابة عن تجربته الاخيرة التي عرضت مع النحاتين نجم القيسي وهيثم حسن .

قد تشكل عناوين الاعمال الفنية نقاط نن الضوء باتجاه الولوج الى بعض العتمة التي تشوب الاعمال الفنية التي تعرض للتلقي ، اقول ربما لان الكثير من الاعمال تمنح نفسها للمتلقي الذي يمتلك دربة أو قدرة على التلقي ، غير ان رضا فرخان كما الكثير من الفنانين ، لا يميل الى وضع عناوين لاعماله تاركا ذلك للمتلقي وتلك ليست سبة على الاطلاق بل قصدية باتجاه  المتلقي الذي سيعنونها  مع يتوافق مع ميوله الشخصية وقدرته على التأويل من اجل اغتراف المتعة الجمالية التي تحملها الاعمال المعروضة امامه للتلقي .

يتعمد فرحان تفتيت الشكل العام للثنائية التي يجسدها بقصدية من اجل ايجاد شكل افتراضي يتوافق مع رؤيته الفنية وذلك بالكثير من الاختزال الضامن لذلك وكاننا حين نتحول من عمل لاخر نمسك بالاثر ،  الاثر الذي يجعلنا نمسك بروحية الجمال بعيدا عن التفاصيل التي قد تخلق مللا اثناء عملية التلقي علئ اعتبار ان الاثر بامكانه ان يدلنا عما هو مخفي خلفة بمعنى انه يدعونا الئ اعادة تجسيد كامل المشهد الذي يمتلك مالوفية في مخيلتتا ، ومع انه يفترض متلقيا خاصا ومختلفا لغرض فهم تلك القصديات ولاقل التشفيرات ، غير ان الاعمال تمنح ذاتها بالكثير من السهولة لاستلال الجماليات التي تشكل القاسم المشترك فيها .

في عمل شكل نوعا من الجدل مع صديق حول احد الاعمال التي شكلت نوعا من التناص مع عمل من زمن اخر ورؤيا مختلفة كليا ، ولتوضيح سوء الفهم الحاصل بان رضا فرحان وفي جميع الاعمال التي بثها بامكاننا ان نتلمس ما هو مخفي ومتواري خلف الاشكال ،  ولانه ثمة ترابط افتراضي او الزامي بين الشكل والمعنى فان عملية التناص ان وجدت فانها عملية شكلية ليس الا وذلك لوجود اختلاف كبير بين العمل المبثوث مع ما يعتقد بانه تناص معه في عمل اخر من زمن اخر ، فنحن لا يمكننا تاؤيل الاعمال الفنية الا في اطارها الزمني ،  وهذا ما يمكننا استلاله من عمل الراعي ، وهو العمل الذي يحمل شبه تناص شكلي مع عمل للراحل اسماعيل فتاح  واقول شبه شكلي تماما .

يسعى الفنان للتعبير عما خوله باعتباره جزء منه خلال عمله  الفني الدؤوب . وبالتالي فهو يسعى لتخليد ذاته ، والا لماذا يكرس كامل وقته وحياته للفن ؟ وهذا ما يجعله يجد من اجل منح تجاربه كامل التميز مع العاملين بذات الاتجاه ،  وقد يكون هذا التميز من خلال الاسلوب او التكوينات الشكلية العامة او حتى من خلال مفردة تتكرر في اعماله ' ولعل رضا فرحان يعد من النحاتين القلائل الذين تمكنوا من ذلك من خلال ابتداع مفردات نحتية تدل عليهم دون غيرهم ، من هنا اجزم بان المشخص ال ( figure ) الذي يتكرر في اعماله لا يشابه غيره من المشخصات ليبدو وكانه ماركة مسجلة باسمه وبامكان المتابع تمييزه من بين عشرات المشخصات التي تبث في الاعمال النحتية علئ الساحة التشكيلية عراقيا ، وتلك لا تاتي من فراغ او بالمصادفة كما هو معلوم ، فهل كان فرخان ينظر في المرآة لحظة ابتداع مشخصه ؟ .

نجم القيسي

تتميز قدرة نجم في عرض تجارب نحتية مستمرة طوال عمله في هذا العالم ، تلك التجارب التي يواصل عرضها للتلقي في مختلف الاماكن والازمان ، وضمن ذات السياق الذي اسس له ونفذه في تجربة فذة لاقت التلقي والرواج الذي تستحق وعرضت لمرات عديدة  يواصل النحات نجم القيسي عمله المتميز نحتيا ، من خلال خطوة أخرى في ذات الطريق الشاق الذي مثلته التجربة في خطوتها السابقة ، والتي اطلقنا عليها ( محنة الانسان في زمن معطل ) ، ولابد  ان ننوه بان الزمن هنا معنوي قبل كل شيء ، لان الزمن هنا ثابت في مساره ، وعملية التعطيل التي قد تقع هي محاولة تعطيل قدرات الانسان ، والذي غالبا ما ينفلت من المهيمنات التي تمثل قوى ضاغطة باتجاه تعطيله ، من هنا فان المسألة تتعلق بتعطيل وقتي قد يطول أو يقصر في حسابات الزمن العام الممتد الى ما لا نهاية ، والقيسي الذي عبر عن قدرته علي السعي باتجاه الفضاء المفتوح تحديا لقوانين الفيزياء لا تغييرا لها ، وهي عملية تمردية على واقع ضاغط بكل مسمياته ، ليشكل هذا السعي محاولة للانفلات من هذا الواقع ولو بشكل مؤقت ، غير انه سيؤسس لطريق مغاير للتعامل مع ذلك الواقع ، على اعتبار ان ذلك الواقع مرتبط بعوامل وقتية خاضعة للتقلبات الزمنية التي سيسعى للمساهمة فيها من خلال فعل أو مجموعة من الافعال التي تمثل رؤيته لذلك من خلال اشتغالاته النحتية المتميزة التي أشارت اليه بكل تأكيد ، وهو هنا يعمد إلى استغلال الفضاء المفتوح بطريقة قد تختلف وقد تبتعد أو تقترب عنها في اعماله السابقة ، غير انها تؤكد تفوقه على ما تقدم في هذه التجربة عبر تأكيده  على قدرته على فهمه العميق لعلاقة الكتلة بالفراغ  وكذلك استعارته الشكلية للفنون المجاورة بالتدخل مع الأشكال الهندسية التي خدمت أغراضه كما هو واضح .

بات التداخل الشكلي  في الفنون التشكيلية  أمرا طبيعيا ، وذلك لدعم الأفكار الجمالية للمشتغلين فيها ، غير ان هذا التداخل يستلزم قدرات ادائية كبيرة ووعيا داعما للرؤى ، ليتحول هذا التداخل الى مفسر للاعمال الفنية عبر تحميلة قصديات الفنان التعبيرية ، ولربما كانت هي الفكرة الاولى التي طرات على بالي وانا اتامل اعمال  النحات المثابر نجم القيسي الاخيرة التي تعد استمرار لتجربته المختلفة عما حوله من التجارب النحتية ، وهي التي كنا قد كتبنا عنها واشرنا اليها في البدء ، والتداخل هنا هو في استعارة شكلية لجأ اليها عبر استخدام البالونة التي تشتهر فيها الصناعات الزجاجية على الرغم من صعوبة تنفيذها في النحت كما هي في الزجاج لانه استخدم مادة البرونز كوسيط تعبيري في التنفيذ والتي تمكن من تخطي صعوباتها باتجاه تأكيد قدراته الادائية الكبيرة من اجل إيصال رؤيته الفنية التي تصب قي ذات الاتجاه الذي انصب عليه عمله في تجاربه السابقة ، غير انه هنا يعمد إلى استغلال الفراغ بطريقة مختلفة كليا عما هو عليه في اعماله السابقة ، فوفقا لمبدأ عدم اليقين للفيزيائي الالماني الشهير فيرنر هايزنبرغ فان  :

_ الفراغ ما هو إلا مساحة مليئة بالطاقة ، إن حدث وأفرغناه ولم يتبق شيء ، فإن العدم لا يمكن إلا أن يكون له وزن .

من هنا كان لجوء القيسي للاستخدام الشكلي للبالونة لانه كان كان قد استوعب مسبقا علاقة الكتلة بالفراغ وطبقها في اعماله في مسيرته النحتية ، غير انه في هذه المرحلة من تجربته تمكن في التنبيه الى الفراغ بشكل مزدوج ، أو ما يمكن ان نطلق عليه فراغ الداخل في مقابل فراغ اخر الذي هو فراغ الخارج الذي يحيط بالأعمال من مختلف الاتجاهات باتجاه الفضاء المفتوح  مع ان الفراغ المشار اليه هو واحد في جميع الأحوال على اعتبار انه عمد الى إيجاد تاكلات في بنية البالون الاساسية للتعبير عن ذلك ، كما انه ومن اجل عدم التكرار لجأ الى اللون كوسيط تعبيري مضاف بدلالات تختلف بين عمل واخر ، على الرغم من وجود الرابط الأساسي فيما بينها ، مؤكدا لقدرته على فهم عميق لروحية الهندسة كذلك .

هيثم حسن

بهدوء وصمت شديدين يعمل هيثم حسن على

 تجربته الجمالية ، غير ان الصمت والهدوء ليسا بالقائمان بذاتهما وبمعني ادق لا يمثلان سباتا بل يفضيان الى ضجيج ابداعي كبير يتمثل في سيل العروض المتتالية التي يسعي من خلالها الى فرض وجوده كرقم في معادلة النحت المعاصر الصعبة وهو يتمكن من ذلك بكل تاكيد عبر منجزه الذي يحرب من خلاله عبر العمل على خامة البرونز في تنويعات تمثل اضافات مستمرة للتجربة ،  ولعل اخلاصه للخامة وسعة رؤاه الفنية كانا معينا له في تميز التجربة ، والتحريب هنا لا يشمل العملية الاسلوبية والخامة ومعالجاتها بل وحتي في طرائق العرض التي يلجأ الي تنويعها بين معرض وآخر / سواء اكان شخصيا او مشتركا / كدلالة الى نزوعه باتجاه خلق المختلف فنيا وادائيا ، وما عمله على الجسد سوى محاولات جادة ومتكررة في سبيل اكتشاف المخفيات الجمالية فيه واطلاق العنان لها باتجاه التلقي ، على اعتبار ان الفن هو محاولات مستمرة من اجل اعادة خلق العالم ، ففي الفن لا يعيد الفنان تجسيد العالم واعني ما حوله كما هو ، بل يعيد خلقه  والا ما الفائدة التي ستجنى من اعادة تدوين العالم بشكل متكرر  ، ذلك ان كل عمل فني هو عبارة عن بحث في الجمال ومهما تشابهت الاعمال شكليا الا انها لا يمكن ان تتطابق جماليا في مطلق الاحوال على اعتبار ان الرؤي الفنية والفكرية تختلف من فنان لاخر او من عمل لآخر لذات الفنان بكل تاكيد ، هكذا يمكننا النظر الى الاعمال الفنية النحتية التي يبثها الفنان هيثم حسن عبر معارضه الشخصية او تلك التي يعرصها في المعارض الجماعية او المشتركة من خلال اكثر من معرض ساهم فيه مع الفنانين رضا فرحان ونجم القيسي ، ومنها المعرض الماثل امامنا ،

ربما تحويرا لما قاله جياكوميتي مرة ( الوجه غابة لم تكتشف بعد ) ياتي عمله المستمر على الجسد مع انه قد يذهب باتجاه تخوير قول جياكوميتي عمليا ، على اعتبار ان الوجه هو بوابة للروح وان الجسد يفنى دونما روح كما هو ثابت ،  فليجا الى بث الجسد عبر ثتائيات تبدو وكانها تغييرات شكلية ، غير انها تؤدي اغراضها الفنية التي يحسدها عبر رؤاه التي تسير باتجاه الى اغناء تجربته من عمل لآخر ، فلا يشكل الجسد وحودا قائما بذاته ، / واعني بالجسد الشكل الذي يتكرر في اعماله كثيمة محورية تشكل عماد اعماله النحتية التي ييبثها منذ اشتغالاته الاولي وحتى يومنا هذا / بل هو وعاء حامل لافكاره ورؤاه الفكرية والفنية التي تحمل طابع التجديد نحتيا بالدرجة الاساس سواء كان هذا الجسد يمثل انسانا او حيوانا او جمادا هكذا يمكننا التعامل مع منحوتات الفنان هيثم حسن ، وعلى الرغم من ثبات تلك الاجساد ظاهريا الا انها تحمل حركية داخلية بامكان المتلقي تلمسها من خلال الاضافات القصدية التي ترافق تلك الاجساد لتبدو وكانها تتحرك في مختلف الاتجاهات ، تلك الحركة التي تمثل القلق الوجودي لذات الفنان والتي تحرك الساكن في الفضاء المحيط بها وتمنحه حيوية تؤثر في روحية المتلقي الذي يدور حول تلك الاجساد لغرض الامساك بقصدياته الفكرية والجمالية ، وهي دعوة للاستمتلاع بالجمال من خلتل اعادة خلقه ليتحول المتلقي الى صانع آخر للجمال بوعي او دون وعي منه ، وتلك واحدة من اهم مهام الفن التي يحاول الفنان ايصالها للمتلقي تساهم في تحريك الساكن .

لعل. الاشكال الجمالية التي تطرح للتلقي واعني نحتيا لا تثير فينا محفزات التلذذ الجمالي لمجرد كونها اشكالا ، انما تكمن الاثارة في قدرتها ان تثير فينا الاسئلة مهما كانت تلك الاسئلة لانها اولا وآخرا تتعلق بوحودنا وعلاقة هذا الوجود بما حولنا مصيريا وهكذا يمكننا تامل منحوتات هيثم حسن ، وهو شانه شان مشاركيه في العرض يخلق ثنائيات تدعو الى التامل الدقيق افتراضيا بقصد التفاعل الواعي مع تلك الثنائيات التي لا يمكن فصلها عن بعضها البعض باعتبارها تشكل كلا واحدا ، تلك الثنائيات التي تختلف في الحنس والنوع من عمل لآخر ، فيعمد الى تحريك الساكن عبر تلك الثنائيات وهي تتوافق مع الحركية الكامنة في المشخصات التي تبدو وكانها ساكنة لكن الامر غير ذلك فهي تضج بالحركة الداخلية التي تنطلق من خلال تلك العلاقة التي يخلقها الفنان عبر الثنائية كالطائر او مجموعة الطيور التي تتهيا للطيران وهي تسحب معها المشخص باتجاه الفضاء او السمكة

المشـاهدات 35   تاريخ الإضافـة 03/08/2025   رقم المحتوى 65363
أضف تقييـم