الإثنين 2025/9/1 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 30.95 مئويـة
نيوز بار
هل سنصاب جميعنا بمتلازمة جوسكا
هل سنصاب جميعنا بمتلازمة جوسكا
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب حسن الخاقاني
النـص :

 

 

 

قد نندهش كثيرا حين نشاهد شخص بمفرده وهو يحاور نفسه ويسرف بالحديث بل يشتد النقاش  او ينغمر بتقمص دور التحاور مع شخص اخر خفي  ويسأل ثم يقوم بالاجابة ! او قد ننعته بالجنون والهلوسة .حتى ان البعض يتقمص دور الحوار وقد يستخدم الاشارات الجسدية في التخاطب الذاتي او التلفظ بعبارات وكلمات لا ارادية وبغير وعي  مبتعدا عن عالمه المحيط ومنغمسا بعالم التخيل والايهام بالحديث مع افراد  غير موجودين في الواقع هذا مايسمى بـ متلازمة جوسكا او الانغماس بالحديث الذاتي  التي تعد اضطرابا نفسيا وبالتأكيد هنا لا اقصد التحدث العادي الصامت مع النفس فهذا امرا واردا وطبيعي ينتابنا يوميا  نتيجة تراكم الافكار والانشغال الفكري بامور كثيرة والمعالجة الذهنية بطرق حلها وانجازها . بل المقصود الاسراف بالتحدث الذاتي ومحاورة النفس المصحوبة بالقلق والارتباك وتشتت البال وعدم القدرة على التركيز وصعوبة اتخاذ القرار نتيجة ضعف الذاكرة واللاوعي بالحوار مع النفس .

 

ترى ماهو سببها , وكيف تتفاقم ؟

 

تنتج هذه الحالة من  اضطراب الدماغ ولايعرف السبب من وجودها ولكن البعض يوعزها لاسباب وراثية او التعرض لأزمات نفسية والضغوط الكبيرة مثل الكبت اوالخذلان او عوامل بيئية منها القسوة والاهمال الزائد في مرحلة الطفولة او نعته بصفة غير مرغوب بها او معيبة مما يجعل الفرد مضطرا لخلق حياة افتراضية موازية لحياته الواقعية كي يهرب اليها . ومن يعلم .. قد نكون تعرضنا لهذه الظاهرة بشكل نسبي دون ان نشعر عند تعرضنا لمطب عنيف يجرف تفكيرنا بافراط وتقوم متلازمة جوسكا بخلق حديث افتراضي مع العقل وغالبا مايكون هذا الحديث سلبيا وبنظرة سوداوية وقد يستغرق ساعات طويلة فيلجئ المصاب الى العزلة والشرود الذهني والانغماس بالتفكير العميق بالمواقف والاحداث والانفراد بالاحاديث مع نفسه دون مشاركة الاشخاص الاخرين بل يكتفي بعالمه الافتراضي الموازي الذي اوجده عقله الباطن . حتى ان المصاب  لايستطيع التفرقة بين خيالاته والحقيقة واختلاق مشاكل وحوارات تدور بينه وبين شخصيات خيالية من ابتكار الذهن ويضع سيناريو متكامل . وهنا يكون المصاب فريسه لافكاره الداخلية . ولنقف نتفكر قليلا بالمعطيات المعاصرة في وقتنا الحالي الا تبدو وكأنها ارض خصبة لتكاثر واستفحال متلازمة جوسكا ؟ التي غالبا مايكون التوتر والتشنج الفكري مرافقا للفرد وتختفي اجواء الاسترخاء في بيئتنا فالحياة الان اصبحت اكثر تعقيدا ومتشعبة الاحداثيات والميول الى اشتباك الامور اكثر من الفطرة التي كانت السمة السائدة للأجيال السابقة . لعل التكنولوجيا اصبحت عاملا فعالا بأدلجة الواقع والاتجاه به نحو المجهول في سلطوية البرمجة والتطبيقات والبرامج والالعاب  الاليكترونية على الانسان واستعباده ولربما اصبح الانسان المعاصر يدفع غرامة باهضة وهي تجميد الفكر وتخديره امام اغراء الحداثة والتطور حتى اصبحت الاجهزة تتصف بالذكاء والانسان يندرج اسفل قائمة التفكير ؟ والتقاعس في اداء الاعمال والمهام بدأ يتراكم وتتراكم معه الهموم والانشغال الفكري وهذا الامر يولد التفكير الذاتي في الحوار الصامت مع النفس ربما انها لعنة التفكير المتراكم التي تصيبنا والاسراف بالانشغال بمتعلقات الحياة اليومية والمشاكل الناتجة منها فالمجتمع يتجه نحو التعقيد والتشعب بمرور الزمن , وهنا تشغلنا عدة اسئلة : هل سنصاب جميعنا بهذه المتلازمة عندما يتراكم التفكير المتزايد ونتجه للحوار الداخلي والعزوف عن مشاركة الاشخاص القريبين الينا بأفكارنا ؟؟ ام اننا سنكبح جماح انفسنا ونراقب افعالنا من حيث نشعر ولا نشعر ؟ وقبل الاجابة عن هذه الاسئلة . لما لانستغل جوسكا ونطفو بها الى الضفة الايجابية ؟ لننخرط في التفاعل المجتمعي ونكافح العزلة السلبية ونبدأ من الدافع التشجيعي من الاسرة ومراعاة التعامل اللين لجميع افراد العائلة وللطفل بشكل خاص والاهتمام به ونجعل من الحديث الذاتي عاملا بناءا في تقويم النفس ودراسة المستقبل والتفكر بوضع حلول ومعالجات انية ومستقبلية للمشاكل والاحاطة بها قبل وقوعها . وكذلك تفريغ الشحنات النفسية بممارسة المواهب والهوايات مثل الرسم والكتابة وممارسة الرياضة البدنية والفكرية ولمعالجة هذه الظاهرة  ينصح المختصون استخدام مفهوم ( السيكودراما ) Psychodrama  . وهو من أنواع العلاج النفسي حيث يجمع بين فن الدراما وعلم النفس.ويساعد الشخص المصاب بتفريغ مشاعره وانفعالاته من خلال أداء أدوار تمثيلية ناتجة بسبب المواقف التي صادفها بالماضي او يعيشها بالحاضر أو من الممكن أن يعايشها في المستقبل. وهو تقنية الارشاد الجماعي التمثيلي. حيث يتحول الحوار الداخلي الى حديث ضمير في البناء الفعال للذات وتهذيبها والرقي بها   وكذلك يجب توفير اوقات استجمام واستراحة فكرية للفرد بعيدا عن ضغوط الروتين اليومي ومشاكله والعيش بعيدا عن ضجة وصخب التكنلوجيا وتقنين استخدام الاجهزة الالكترونية والبرامج بالشكل الصحيح وتقوية الاواصر الاسرية بين الافراد  والتفاعل المجتمعي , وادارة الوقت بشكل مثالي ومثمر وفتح مراكز للتثقيف والتطوير الذاتي وورش عمل تستقطب الشباب لتفريغ طاقاتهم بالفنون والرياضة وتبني مواهبهم بمختلف المجالات وتفعيل دور الباحث الاجتماعي في الحياة اليومية.

المشـاهدات 328   تاريخ الإضافـة 24/08/2025   رقم المحتوى 65982
أضف تقييـم