الإثنين 2025/9/8 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 42.95 مئويـة
نيوز بار
مقال الاحد الرياضة النسوية في العراق.. إلى أين؟
مقال الاحد الرياضة النسوية في العراق.. إلى أين؟
الملحق الرياضي
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

نصير الزيدي

 

في عراق اليوم، يقف ملف الرياضة النسوية عند مفترق طرق حاسم؛ فبين ماضٍ مثقل بالتحديات الاجتماعية، وحاضرٍ يحاول أن يشق طريقه عبر المبادرات والإنجازات الفردية، ومستقبلٍ لا يزال غامضًا، تتضح صورة متناقضة: إرادة حقيقية لدى الفتيات لممارسة الرياضة، يقابلها واقع يثقل خطواتهن بالقيود.

 

منذ سنوات طويلة، ظلّت النظرة المجتمعية تمثل العقبة الأولى أمام تطور الرياضة النسوية. كثير من الأسر ما زالت تنظر إلى ممارسة الفتاة للرياضة على أنها "خروج عن المألوف"، أو "تشبه بالرجال"، الأمر الذي جعل كثيرات يتراجعن أو يخفين شغفهن خوفًا من العيب أو المحاسبة الاجتماعية. هذا إلى جانب ندرة المرافق المخصصة للنساء، وغياب بيئة آمنة تشجع على الممارسة الحرة، فضلاً عن قلة الدعم المالي والمؤسساتي، حيث بقيت البطولات المحلية محدودة، والدعم الرسمي خجولًا.

 

ومع ذلك، ورغم هذه التحديات، أثبتت الرياضة النسوية العراقية قدرتها على البقاء والمنافسة. ففي السنوات الأخيرة، سجلت المنتخبات النسوية إنجازات لافتة، أبرزها تتويج منتخب كرة الصالات بلقب بطولة غرب آسيا عام 2022، في إنجاز حمل دلالة عميقة على أن الإرادة قادرة على كسر القيود. كما شهد الدوري النسوي لكرة القدم عودة لافتة، تُوج فيها فريق القوة الجوية باللقب، وهو ما يعكس حيوية وإصرار اللاعبات على إثبات وجودهن في ساحة طالما احتكرها الرجال.

 

التعليم والجامعات أيضًا لعبت دورًا مهمًا؛ إذ أفرزت كليات التربية الرياضية مواهب نسوية دخلن مجالات التدريب والتحكيم، لتثبت المرأة حضورها حتى في المناصب الفنية والإدارية. كما برزت تجارب مدرسية في بعض المحافظات، مثل ذي قار، حيث شكلت فرق طالبات مدرسة ابتدائية نواةً لنجاحات وطنية، وهو ما يعكس دور الرياضة المدرسية كمدخل لإعادة بناء الرياضة النسوية من الجذور.

 

لكن الطريق لا يزال طويلًا. فالرياضة النسوية في العراق بحاجة إلى رؤية وطنية واضحة، تتبناها مؤسسات الدولة، تبدأ من المدارس والجامعات، وتمر عبر تأسيس أندية متخصصة، وتنتهي ببرامج احترافية قادرة على صناعة بطلات يمثلن العراق في المحافل الدولية. كما أن الإعلام مدعوّ لتغيير الصورة النمطية للمرأة الرياضية، وإبراز قصص نجاحها، لتصبح قدوة ملهمة للأخريات.

 

اليوم، ومع الحديث عن خطط تطويرية من قبل لجنة المساواة بين الجنسين في المؤسسات الرياضية، هناك بصيص أمل بأن المستقبل قد يكون أفضل. لكن هذا الأمل لن يتحقق ما لم يقترن بخطوات عملية، من توفير التمويل، وبناء المرافق، وتشجيع العائلات على دعم بناتهن، ليصبحن شريكات حقيقيات في صناعة إنجازات عراقية جديدة.

 

إن سؤال "الرياضة النسوية في العراق إلى أين؟" ليس مجرد عنوان عابر، بل هو قضية ترتبط بملامح المجتمع نفسه: هل نحن مستعدون لمنح المرأة حقها في أن تجري، وتقفز، وتقاتل من أجل الفوز كما يفعل الرجال؟ أم سنظل نعيد إنتاج القيود نفسها ونكتفي بالتصفيق لإنجازات فردية سرعان ما تتلاشى؟

 

الجواب يتوقف على إرادة جماعية، تبدأ من العائلة، وتمر عبر المدرسة والجامعة، ولا تنتهي إلا بملاعب تحمل أسماء بطلات عراقيات، صنعن المجد رغم كل شي

المشـاهدات 69   تاريخ الإضافـة 06/09/2025   رقم المحتوى 66384
أضف تقييـم