في تحول لافت لسياستها في دعم حلفائها في غرب ليبيا، اتجهت تركيا لتخفيف التوتر مع حكومة الشرق بزعامة المشير خليفة حفتر وولده صدام حفتر في خطوة عدها المراقبون دليل على تحول استراتيجي في علاقات حكومة اردوغان مع حكومة الشرق بعد سنوات من العداء والدعم اللامحدود لحكومة الوفاق الإسلامية بزعامة الدبيبة في العاصمة طرابلس. ويؤكد مراقبون أن الاقتصاد وصفقات الأسلحة والتعاون العسكري هي الدافع الرئيس وراء زيارة مسؤولين أتراك لشرق ليبيا يضمنهم رئيس جهاز المخابرات التركية إبراهيم كالين لشرق ليبيا، اقتصاديا يشكل شرق ليبيا والعمل على اعادة أعماره مادة دسمة لدخول الشركات التركية، كما أن استثمار النفط والغاز في سواحل شرق ليبيا يشكل لب الاندفاع التركي في هذا الاتجاه لاسيما وان تركيا قد وقعت في 2019 اتفاقية الجرف القاري مع حكومة الدبيبة تسمح للبوارج والسفن التركية بالتنقيب عن النفط والغاز في سواحل ليبيا الكبيرة ولكن الصراع مع حكومة الشرق منع تنفيذ الاتفاقية وحرم تركيا من فوائد اقتصادية كبيرة، اذ  إن سواحل شرق ليبيا اكثر دسامة من حيث الغاز والنفط والسمك والزراعة من سواحل الغرب، بجانب ذلك فان حرص تركيا على زيادة صادراتها من الأسلحة والمعدات العسكرية ولاسيما طائرات بيرقدار المسيرة يعزز فرص تكثيف الحضور التركي في شرق ليبيا في ظل صعود قيادة شابة ومرنة مثل صدام حفتر وتراجع حضور الدبيبة بعد سلسلة المواجهات العسكرية في طرابلس وامتناعة عن التنازل عن رئاسة الحكومة وإجراء انتخابات نيابية ورئاسية حتى بات عبئا على السياسة التركية.سياسيا قد تمهد الخطوة التركية الفرصة لتعزيز النفوذ التركي في البحر المتوسط وبما يضمن تعزيز وجودها في الجزء التركي من جزيرة قبرص ومواجهة التهديدات اليونانية المتزايدة للقبارصة الأتراك. الخطوة التركية بقدر ماهي تصب في مصلحة تعزيز النفوذ التركي في عموم ليبيا وتقليص الحضور العربي والمصري، فهي تعد كذلك خطوة باتجاه تصحيح الرؤية التركية باتجاه استعادة وحدة ليبيا الوطنية ومغادرة الدور السلبي الذي لعبته تركيا في السنوات السابقة في دعم طرف من أطراف الصراع في غرب ليبيا على حساب شرقها. فهل ستفعلها تركيا وهل سيكون للتجربة التركية التي نجحت في تغيير معادلة السلطة في سوريا دور في تشجيع الاندفاع التركي لتوحيد السلطة واستعادة وحدة ليبيا .