النـص :
تم عقد مؤتمر الخامس والعشرون لمنظمة شنغهاي للتعاون وفي مركزميجيانغ للمعارض؛ للفترة من 31اب اغسطس الى 1ايلول سبتمبر، والمرة الخامس في الصين. شارك في المؤتمر الى جانب روسيا والهند والصين؛ عدد من دول العالم الثالث، من الدول ذات اقتصادات صاعدة، ايران، وكوريا الشمالية، وغيرهما. المؤتمر وبحسب البيان الختامي الذي صدر عنه؛ سيكون له تأثيرا حاسما على كل النظام الدولي؛ فقد اشر لمرحلة جديدة في النظام الكوني تسود فيها العدالة على مستوى عالم متعدد الاقطاب. ابرز ما جاء به بيان المؤتمر؛ ان تكون التنمية المستدامة من حق كل دول العالم من دون فرض املاءات، او شروط…بهذا تكون دول العالم وفي مقدمتها دول العالم الثالث، ودول المنطقة العربية وجوارها؛ في اوضاع دولية تكون فيها؛ الفرص لتنمية الموارد وتوطين التكنولوجيات سواء المدنية او العسكرية، واسعة في المساحة وفي كل المجالات. كما انها فرصة للتخلص من السطوة الامريكية والغربية. ليس من المعقول، ومن المنطق العقلاني المستند الى التحليل الاقتصادي والسياسي وتعدد الاختيارات امام الإرادة الوطنية، بالنهوض بالبلد؛ ان تكون هناك فرص للتنمية واسعة وشاملة من غير شروط ابدا، ولا تذهب إليها الإرادة الوطنية. ان كل دول العالم الثالث، أو ان اغلب هذه الدول، ومنها دول القارة العربية، ربما كبيرة؛ ستختار في التنمية عالم الجنوب والشرق( الثنائي الصيني الروسي، وبالذات الصيني) الصاعد على اسس اقتصادية متينة وتجارية وتقنيات متطورة وحديثة. العراق منها،بل هو في مقدمتها ان ارادت حكومته؛ ان تنهض بالبلد تنمويا وفي كل مجالات الحياة بلا ادنى وصاية او تبعية. ان العراق جزءا من عالم متغير، وسائر حثيثا نحو عالم تتعدد فيه مراكز التأثير لجهة الموازنة الدولية في اتخاذ القرارات الدولية، ولجهة القوة الاقتصادية والتجارية والمالية والتقنيات المتطورة على الصعيدين المدني والعسكري؛ بفعل ما يمتلك من قدرات اقتصادية وثروات سواء كانت بشرية، او ثروات معدنية، او موقع استراتيجي. نتمنى على القائمون على الشأن العراقي الحاليين او الذين ستأتي بهم بعد اشهر صناديق الاقتراع؛ ان يعملوا لصالح مصالح الشعب، حاضرا ومستقبلا. القائمون على الشأن العراقي سواء الآن، او بعد اشهر؛ يحتم عليهم؛ لصالح مصالح الشعب العراقي، ولصالحهم ايضا حاضرا ومستقبلا وتأريخا؛ ان يستثمرون كل ما منً الله به على العراق،من ثروات وامكانيات وقدرات كي يكون له موقعا مميزاكاستحقاق له اصلا في المنظومة الدولية والعربية والاقليمية؛ بلا ادنى منًةَ او وصاية من هذه الدولة او تلك الدولة. مؤتمر منظمة شنغهاي للتعاون والتي تمخض عنها او تم فيها تأكيد الشراكة الروسية الصينية مضافة لها في هذا المؤتمر، الهند؛ كدولة كبرى صاعدة؛ ليتشكل ثلاثي يمتلك قدرات وامكانيات كبيرة وواسعة في كل الحقول. ان هذا التوجه الذي يبدوا بانه راسخفي العقل السياسي والاقتصادي؛ لأصحاب القرار في الصين وروسيا، او ان هذه العقلية الاستراتيجية؛ تسير في الاتجاه الصحيح؛ في تقويض هيمنة الغرب الجماعي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية. ان هذا التطور؛ سوف يتيح، او هو قد اتاح فعلا واقعا عالميا جديدا؛ فيه كل مساحات المناورة وحرية الحركة في التنمية ومساحاتها وافاقها وشموليتها، اي انها تنمية شاملة من دون قيود والتزامات يضعها الغرب او تضعها امريكا. ان صعود مراكز توازن دولي في الاقتصاد والتجارة والمال والتنمية؛ تقوده الصين وتعقبها روسيا على اساس المنفعة المتبادلة بين الدول الرغبة فيها. ان توجه الثنائي الصيني والروسي في التعاون الدولي؛ تفرضه عليهما مصالحهما التكتيكية والاستراتيجية، وقدراتهما الاقتصادية في مواجهة التغول الامبريالي العالمي في التعاون المنتج والبناء في جنوب وشرق المعمورة. في الخط الموازي الامريكي والغربي للشراكات الاقتصادية والتجارية والتنموية مع الدول الأخرى في العالم، مختلف تماما عن خط منظمة شنغهاي للتعاون، والبريكس. ان مشاركة امريكا او الغرب الجماعي مع اي دولة من دول العالم الثالث؛ في تنمية الموارد وعموم عملية التنمية الشاملة، محفوفة بالمخاطر على الصعيدين التكتيكي والاستراتيجي، هذا اولا، وثانيا تكون التنمية هنا، محددة الافاق بالقانون الامريكي،الذي يفرض عليها محدداتها، التي هي وبكل تأكيد؛ تكون في نهاية مشاوير التنمية هذه، معرقله لها وليس قوة دافعة لها. انها تنمية لا تمتلك حرية الحركة والمناورة، اضافة الى محدودية الحقول التي تستهدفها هذه التنمية، وهي حقول كلها باختيار امريكا، ولصالح مصالح الولايات المتحدة الامريكية. اضافة وهذا هو الاهم والاخطر؛ ان بإمكان امريكا والغرب الجماعي العودة بهذه التنمية الى خط شروعها الاول، سواء بالعقوبات او بغيرها ان اختلف صاحب القرار السياسي او الاقتصاديفي البلد المعني بهذه التنمية مع الإرادة الامريكية وخططها وسياستها الخارجية؛ بحجج كثيرة. امريكا دولة تحكمها الشركات العملاقة، باقتصاد قوي، وبناتج محلي اجمالي؛ هو الاضخم عالميا حسب ما يقوله اصحاب الاختصاص، ولها القدرة كما هو معروف عنها تاريخيا؛ في تغير مواقفها من هذا الشريك، او من هذا الحليف؛ ان صارت مصالحها الامبريالية تتقاطع مع هذا الشريك او الحليف، واصبحت هذه الشراكة مع هذه الدولة؛ ثقلا عليها في الاقتصاد والسياسة. في حالات أخرى؛ ان هذه الدولة الشريكة، او تلك الدولة، من دول العالم الثالث؛ اخذت تتبع سياسة اقتصادية وتجارية ووطنية ومستقلة لصالح مصالح شعبها، او في طموحها في لولوج عوالم التنمية الحديثة ومنها الاستثمار او الاستفادة من التقنيات النووية للأغراض السلمية البحتة؛ عندها سوف تشن امريكا عليها، حرب العقوبات الاقتصادية، والعزلة والحصار على قاعدة خطورة هذه الدولة ونظامها السياسي على دول جوارها، وعلى النظام العالمي، وعلى السلم والأمن والاستقرار الاقليمي والدولي. كما ان حكومة هذه الدولة صارت من وجهة النظر الامريكية والاعلام الامريكي، في لمحة تنتهك حقوق الانسان والحريات في بلدها، وان امريكا لاهم لها سوى الدفاع عن حق شعب هذه الدولة في حرية الرأي والديمقراطية، في تناقض صارخ عن دفاع امريكا وحمياتها لعدة عقود لحكومات ثيوقراطية. بالعودة الى مؤتمر منظمة شنغهاي؛ ان بيان مؤتمر منظمة شنغهاي قد فتح كل ابواب التنمية للدول التي تريد لشعوبها حرية في مساحة وسعة وشمول هذه التنمية، اي الدول التي تريد لشعوبها الصعود في عالم ضاج بكل التغيرات والتحولات لعالم لا تتحكم فيه امريكا والغرب الجماعي؛ فقد صار هذا الواقع واقعا ملموسا تماما لكل الدول التي تريد ان تحرر اقتصادها من التبعية الامريكية والغربية. العراق سواء بحكومته الحالية، او التي سوف تنتجها صناديقالاقتراع، امامها فرصة تاريخية؛ ان هي عقدت عزمها على احداث ولو متأخرة جدا، تأخرا كارثيا، لأكثر من عشرين سنة خلت؛ تنمية واسعة وشاملة وعميقة وفي كل الحقول، بعيدا عن الهيمنة والإرادة الامريكية بطريقة ملائمة او مبتكره، او بأخرى براغماتية تنتزع حريتها في التنمية الشاملة من الغول الامريكي. ان هذا الطريق، طريق التنمية ان قامت بها الحكومة العراقية في المقبل القريب من الزمن؛ تكون قد قامت وبجدارة من تحرير الإرادة العراقية، ليس في حقل ومجال التنمية فقط، بل في جميع المجالات الأخرى، ويكون عندها للعراق موقعاوصوتا، يحسب له حسابه، في جميع الفضاءات سواء العربية او الاقليمية او الدولية؛ ويكون عضوا فعالا ونشطا ومنتجا في المنظومة الدولية في شكلها ومنصاتها المقبلة في الزمن القليل والقريب المقبل. أما البداية بهذا الطريق، لا يمكن ان يكون له وجود على ارض الواقع الا بتصويب علاقة العراق مع كل دول الجوار، وامريكا؛ لتكون علاقة متكافئة تحفظ حقوق العراق ومصالح شعب العراق في الحقول الاقتصادية والتجارية والسياسية. العراق يمتلك كل مقومات النهوض هذه ان كان هناك إرادة على هذا الطريق من قبل الحكومة سواء الحالية او المقبلة؛ في عالم قد تغير ولا اقول سوف يتغير، الذي سيفتح جميع الطرق الى التنمية الحقيقية والحديثة في تخادم مصلحي ونفعي وتكافئي لك الاطراف، العراق والأخرون.
|