سنحت لي فرصة العمل الصحفي زيارة مدينة اكتوبر الصناعية في مصر عام 2004 ضمن وفد صحفي شارك في دورة للتدريب الصحفي نظمها الاتحاد العالمي للصحافة في جريدة الاهرام المصرية ، وأثناء زيارتي تلك اطلعت عن كثب على التجربة المصرية بجلب الاستثمارات الأجنبية الى سوق العمل المصرية ولاسيما في صناعة السيارات الالمانية واليابانية وشاهدت شركات المرسيدس والبي أم دبليو وتويوتا والميستوبيشي ، وهي تجربة رائدة لتعشيق الصناعة الأجنبية مع المحلية فضلا عن تدريب وتشغيل العمالة المحلية بشقيها الماهرة وغير الماهرة ، وكم تمنيت في حينها ان يسترشد العراق بتلك التجربة المفيدة والنافعة والتي تؤسس لصناعة متطورة تواكب التقدم العالمي في مجال صناعة السيارات وغيرها ، الا أن العراق ومنذ عام 2003 درج على اجراءات ارتجالية للحاكم المدني للعراق بعد احتلال العراق بول بريمير واعقبته الحكومات السابقة والتي أدت بحكم الواقع الحالي الى شلل تام للصناعة العراقية وتعطيل المصانع وعدم تجديد وتحديث الكثير منها وهيكلة الكثير والاستيعاض عن ذلك بظاهرة الاغراق السلعي عن طريق فوضوية الاستيراد العشوائي وبمواصفات رديئة واستمر الحال من دون علاجات ناجعة واصبحت وزارة الصناعة العراقية مجرد اسم وبناية ومصانع تنعق فيها الغربان وحتى ان المصانع والمعامل الاهلية توقفت هي الاخرى بسب اغراق الاسواق المحلية ببضائع مستوردة وبأسعار زهيدة وتوقف الدعم الحكومي وعزوف المستهلك عن شراء تلك البضائع بسبب ارتفاع اسعارها ووجود البديل المستورد في الاسواق وسط صمت الجهات الحكومية واصبحت الصناعة المحلية مجرد ذكرى ليس إلا ، وغادرنا ( صنع في العراق ) الا في مواضع ضئيلة لاتغني ولاتسمن من جوع .

ولذا فأن مبادرة الحكومة بجلب شركة تويوتا وهي الشركة الاكثر شهرة في صناعة السيارات في العالم خطوة تصب في الاتجاه الصحيح وايضا هي خطوة في دعم القطاع الخاص الذي طالما سمعنا من الحكومات السابقة بضرورة دعمه وتشجيعه من دون جدوى ، وايضا هي خطوة في تأسيس صناعة السيارات في العراق عن طريق شراكات مع مثل هكذا ماركات عالمية لها شأنها في الاسواق العالمية ولها رواجها بين مستهلكي السيارات في العالم ولذا لابد من دعمها وتشجيعها والاستمرار بعقد شراكات مع شركات اخرى لصناعة السيارات على غرار تجربة مصر التي سبقتنا قبل عقود من الان وهي ناجحة وفيها من الانعكاسات الايجابية على الاقتصاد الوطني .