الإثنين 2025/10/13 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 23.95 مئويـة
نيوز بار
الرواية البوليسية في ... السيدة الأولى
الرواية البوليسية في ... السيدة الأولى
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

دراسة نقدية      

                                          يوسف عبود جويعد

رواية " السيدة الأولى" للروائي مازن إبراهيم النعيمي، وهي من الروايات التي تنتمي إلى الرواية البوليسية، وقد كتب على غلافها ( أول كاتب رواية بوليسية في العراق)، والصحيح هناك من كتب الرواية البوليسية مثل وارد بدر السالم في رواية "المخطوفة" ، لكن  يمكن القول بأنه أول متخصص بكتابة الرواية البوليسية، حيث نتفاجأـ بأنه لديه ثلاثة روايات بنسق الرواية البوليسية تحت الطبع.

ومن خلال تحليلنا النقدي لهذه الرواية، وجدت بأنه يمتلك خبرة في هذا المجال، لأن صناعة الرواية البوليسية تحتاج وعي خاص، ومعرفة بكل التفاصيل التي تخص هذا النمط، وهي القريبة إلى  عقل ووجدان القارئ، ويفضلها عن غيرها لما تحمل من سياق فني تمتزج فيه عناصر عديدة، مثل : شد القارئ للكشف عن الجريمة والمجرم، وفك طلاسمها، تحمل العديد من المفاجآت، وكذلك يكتنفها الغموض، اضافة إلى أسرارها التي يتمتع بمتابعتها القارئ.

وفي هذه الرواية يبتعد المؤلف عن النمط التقليدي في هذا النسق، والذي خبرناه في أعمال (اجاثا كريستي)،  ليقدم لنا تقنيات جديدة، وأحداث مختلفة، وبالرغم من أن المؤلف اعتمد اعتماداً كلياً على المشاهد الحوارية في عملية السرد، دون أن يولي اهتمامه للعناصر الرئيسية في العملية السردية، مثل الوصف، وسرد الاحداث بلغة السرد الحكائي، فقد طغى الحوار بشكل تام على تفاصيل الاحداث، الا أن ذلك لم يفقد من كونها رواية بوليسية تمتلك مقوماتها وسر نجاحها، حيث سيكون الحوار عملية سردية ممتعة وشيقة، نجد فيه الغموض، ونجد فيه البحث عن المجرم والجريمة، ونجد الغموض، والشد والمتابعة، وكل ما يتطلب من جوانب فنية  تخص صناعة الرواية البوليسية.

وهي أحداث متواصلة ومتصلة تشد بعضها البعض، حيث ندخل في تفاصيل الاحداث، منذ أن تدهس (هناء) زوجة (يلماز) المرشح للانتخابات، برجل يرتدي معطف سميك، وعندما تترجل من السيارة، تشعر بأنه فارق الحياة، وتعود مذعورة، إلى بيتها، وهناك تلتقي بسولاف، وتخبرها بما حدث، فتطلب سولاف منها أن تكتم السر، ولا تتحدث لأحد، وتضطر (سولاف) الذهاب الى مكان الحادث، الا أنها لم تعثر على الجثة.

وهكذا نجد دورة الاحداث تأخذ مساراً سردياً بوليسياً، إذ أننا سنجد هذه الاحداث تكبر وتتشعب، ويكتنفها الغموض، كما أن الرواية مليئة بالمفاجآت، ويشعر القارئ هنا ، أن عملية الدهس ما هي  الا بداية لاحداث كبيرة ومتشعبة، فسرعان ما تتلقى (هناء) مكالمة هاتفية من مجهول يقول لها: " لازالت اطارات سياراتك مرسومة على معطفي"، فيزداد ارتباكها وتحكي لسولاف ما حدث، ثم تشاهد شبح رجل يرتدي معطف سميك يحوم في واحة الدار.

وفي ذات الوقت يشاهد زوج (سولاف) هذا الشبح يحوم في واحة البيت فيرمي رصاصة في الهواء، الا أنه يسمع صوت سقوطه في حوض السباحة الأمر الذي زاد ريبته، وظل يكرر بأنه رمى رصاصة في الهواء، فتضطر (هناء) اخبار الشرطة للحضور ، وفك طلاسم ما يحدث.

وهكذا نجد أن الالغاز  تزداد، وأن معرفة القاتل ظلت غامضة ولا احد يعرف اسرارها بسبب تداخل الاحداث مع بعضها، كون بعد حضور الشرطة واخذ الافادات من كل من في البيت، وبعد المناقشة، يجدون أن سولاف، تخفي مسدس شبيه بأداة الجريمة.

وهكذا هو النسق الفني الصحيح المطلوب لعملية بناء وصناعة رواية بوليسية شيقة، فلم تنته الاحداث لهذا الحد ، بل أنها تزداد غموضاً، لظهور رجل ثالث، هو الذي كان يحوم في واحة البيت، ولنعرف أن (كرار) أحد السجناء هو الذي كان يدير العملية من أجل خلق حالة من الهلع والخوف داخل اسرة (يلماز) الذي قارب موعد التصويت على  الانتخابات، ونلاحظ أن الشرطة تتحرك بوعي وبكل حرص من أجل الاحاطة بما يحيط بالجريمة ومعرفة الجناة،.

ورغم كل التعقيدات التي اكنفت هذه الجريمة، فالمجني عليه (حيدر) كان منهك  القوى عندما سقط في حوض السباحة، وان الرصاصة التي اطلقت من زووج (سولاف) كان مشكوك بأمرها، بينما أنها اطلقت في الهواء أو اصابت (حيدر)، وهل أن (سولاف) هي من قتلته، وما دخل (كرار) بـ، (سولاف) ، الا أن الشرطة  وجدت أن كل الاحداث التي دارت، كانت (سولاف) حاضرة فيها، وانها تتابع بكل حرص كل شاردة وواردة، حتى أن الشرطة اكتشفت أن سولاف هي من دبرت أن تسلك (هناء) هذا الطريق بالذات، وهو طريق موحش .

وأخيراً تبعث (سولاف برسالة) تعترف فيها بكل ما حصل، وهكذا نجد أن من الاساليب الصحيحة للرواية  البوليسية، أن القارئ يشك بكل شخوص الرواية الا الجاني ، فالقارئ لايمكن ان يشك بسولاف لكونها اقرب المقربين لـ (هناء).

رواية البوليسية  " السيدة الأولى" للروائي مازن إبراهيم النعيمي، تنبأ بظهور روائي متخصص في مجال صناعة الرواية البوليسية، وبشكل متقن.

المشـاهدات 38   تاريخ الإضافـة 13/10/2025   رقم المحتوى 67265
أضف تقييـم