
![]() |
المسرح السوري بين العودة والتجديد: حكايات خشبة وحلم مستمر |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
متابعة ـ الدستور قبل خمسة وعشرين عاماً، أسّس مسلسل “الزير سالم” علامة فارقة في ذاكرة الدراما السورية والعربية. واليوم يعود العمل إلى الجمهور بحلّة مسرحية على يد الكاتب عثمان جحى وبطولة سلوم حداد، ليُحيي السيرة الشعبية هذه المرة على خشبة المسرح لا على الشاشة. في المقابل، يلمع نجم الممثل حسام الشاه في مهرجان المسرح الحر الدولي في عمّان، حيث حصل على الجائزة الذهبية عن أدائه في مسرحية “970×970″، مؤكداً أن المسرح السوري ما زال يحتفظ بقدرة المنافسة وإحداث بصمة في وجدان الجمهور. وفي بيروت، يعمل المؤلف الشاب جورج درويش على مسرحيته “قبل آخر صفحة”، تجربة جديدة تطرح أسئلة حول الهوية والذاكرة والواقع، لتعكس سعي المسرح السوري إلى استعادة مكانته بين العروض التاريخية والحديثة، وسط تحديات كبيرة تتعلق بالإنتاج والدعم المؤسسي.
المسرح رسالة قبل كل شيء
المخرج والمؤلف المسرحي سعيد الحناوي يوضح لـ”963+” أن ما جذبه إلى المسرح منذ البداية هو الوقوف على الخشبة والتعبير المباشر عن المشاعر والأفكار. بدأ ممثلاً، ثم اتجه إلى الإخراج والكتابة، معتبراً أن المسرح رسالة تصل إلى القلوب قبل العقول، ووسيلة لمعالجة قضايا الشباب النفسية والاجتماعية والاقتصادية والعاطفية.ويشير إلى أن دمج التمثيل والإخراج والكتابة قربه أكثر من الجمهور، وحصد بفضل هذا التكامل جوائز عديدة. ومن أبرز محطاته مشاركته في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عام 2009 كممثل ومخرج لسوريا، حيث كان أصغر مخرج بين أكثر من خمسين دولة.كل عمل مسرحي شكّل نقطة تحول في مسيرته، لكنه يبرز مسرحية “ظل رجل القبو” التي دمج فيها نصوصاً لتشيخوف وماركيز بشكل تجريبي، وشاركت في مهرجانات محلية ودولية وحصدت جوائز عدة، ما فتح أمامه آفاقاً جديدة. ويرى الحناوي أن النصوص السورية لا تعاني من التكرار، فكل نص يحمل أفكاراً ووجهات نظر مختلفة. ويعتمد في أعماله على البساطة والدمج بين اللغة البصرية والحوار والحركة المسرحية مع عنصر الإبهار، مع التدقيق في الإضاءة والموسيقا والأداء ليكون كل عرض تجربة مختلفة.ويعتبر الحناوي المسرح “أبو الفنون”، لأنه يتيح لقاء مباشراً بين الممثل والجمهور، ويكشف الممثل الكاذب فوراً، ما يجذب الجمهور الحقيقي. أما أصعب التحديات، فهي الميزانيات المحدودة، إذ يحتاج العمل المسرحي إلى بروفة طويلة وبيئة مناسبة للتمثيل وتمويل للديكور والموسيقا. ورغم جهود وزارة الثقافة، يبقى الدعم المؤسسي ضعيفاً. ويؤكد أن الأزمة ليست في النصوص أو الجمهور، بل في غياب مؤسسة داعمة، مشيراً إلى أن الرعايات والشركات المنتجة يمكن أن تكون حلاً لدعم العروض الجادة والشعبية على حد سواء.وفي تعامله مع النصوص الجديدة، يقرأ الحناوي الكثير من أعمال الشباب، ويعمل معهم على تصحيح الأخطاء وتحسين الأفكار، فالجمهور المسرحي اليوم مثقف ويستحق عرضاً متقناً يحقق المتعة والفائدة. وأكد أن الجمهور السوري، رغم زحمة المسلسلات ومنصات البث، متعطش للمسرح، كما يثبت امتلاء الصالات المتكرر. وعن المستقبل، يوضح أن التطور سيكون باتجاه تعزيز اللغة البصرية، كاشفاً عن مشروع مسرحي ضخم يختلف عن أعماله السابقة ويعتمد على لغة بصرية عالية المستوى، مؤكداً أن المسرح طقس فريد لا يمكن للهاتف أو الشاشة أن تحلّ محله.
مسرحية “قبل آخر صفحة”
المؤلف الشاب جورج درويش نقل تجربته إلى بيروت مع عمله الجديد “قبل آخر صفحة” بعد صعوبات واجهها في دمشق، من بينها سرقة أفكاره وتحويلها إلى أعمال أخرى بسبب “الواسطة”، ما دفعه إلى البحث عن بيئة أكثر حرية. في بيروت، وجد دعم المنتج رالف معتوق والممثلة مي سحاب، واحتضن العرض جمهوراً متفاعلاً منذ الإعلان عنه، مؤكداً أن المسرح هناك يحظى بتقدير كبير مقارنة بسوريا.واختار عنوان المسرحية بعناية ليعكس فكرة الحكاية التي قد لا تكتمل، مع المزج بين الكوميديا السوداء والمواضيع الاجتماعية الثقيلة، واستخدام اللهجة اللبنانية بدقة، بعد متابعة دقيقة من رالف لتجنب أي أخطاء. ورأى أن الفرق بين التجربتين يكمن في الاهتمام بالمسرح؛ فبينما يُعامل في لبنان كفن مهم، فإن المسرح في سوريا يواجه ضعف الدعم والتقدير رغم وجود طاقات كبيرة.ويوضح لـ”963+” أن غياب المنتجين والدعم المادي هو السبب الأساسي وراء غياب المسرح السوري، لا النصوص أو الحرية، داعياً الشباب إلى المثابرة وعدم التوقف عند العقبات. ويؤكد جورج أن حلمه أن يمتلئ المسرح السوري كما في لبنان، وأن يتوجه الناس لمشاهدته فقط، معتبراً أن الكاتب الذكي قادر على توصيل فكرته ضمن القيود، لكن التمويل والتوجيه الجماهيري ما زالا ضروريين.
المسرح مهنة وشغف
الممثلة ومدربة التمثيل وئام الخوص تؤكد أن المسرح بالنسبة لها ليس مهنة فقط، بل شغف وطريقة للتعبير. وأشارت إلى بداياتها في المسرح المدرسي ومركز الزبداني، وصولاً إلى تجربتها الأهم في الصف السادس على خشبة الحمرا بدمشق مع باسم قهار. وتشير لـ”963+” إلى أن دعم العائلة والأساتذة والزملاء كان أساسياً، وأن لكل خشبة مكانة خاصة تبعاً للمرحلة العمرية.وتعتبر وئام أن أصعب أدوارها كانت شخصية “شوشية”، لكنها كانت فرصة لنقل رسالة مفادها أن الحياة ليست وردية، وأن الخير ينتصر عندما يواجه الشر بقوة. وأشارت إلى أن الجمهور اليوم متعطش للمسرح بعد سنوات من قلّة العروض، لكن ضعف الإعلان والترويج وغياب شركات الإنتاج يمنع استمرار الحركة المسرحية، لأن “المسرح لا يطعم خبزا”.كمدربة، تحرص وئام على دفع الطلاب للخروج من الصندوق وتجريب أساليب تعبيرية جديدة، لكنها تشكو من ضعف أسس اللغة العربية لدى بعض الطلاب العرب بسبب تأثير وسائل التواصل، ما يضع تحديات إضافية أمامها. وأكدت أن المسرح غني بالأفكار لكنه فقير إنتاجياً وتقنياً، ويحتاج إلى التكنولوجيا والدعاية والإضاءة والصوت ليصل إلى جميع الناس، لا إلى فئة محددة فقط.وكشفت عن مشروع لمسرح الشارع توقفت عنه لأسباب متعلقة بالوضع في سوريا، لكنها تعتزم استئنافه لتقديم عروض تعكس حلولاً واقعية لمشاكل الناس. وقالت إن الشخصيات الصعبة هي الأقرب إليها لأنها تعكس قسوة الحياة وتناقضاتها، مضيفة أنه لو عاد بها الزمن لاختارت الطريق نفسه مع تعديل خطواتها الأولى. |
المشـاهدات 23 تاريخ الإضافـة 13/10/2025 رقم المحتوى 67320 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |