النـص :
القائمة 275 تمثل حالة سياسية معقدة ومثيرة للاهتمام في المشهد العراقي المعاصر، لأنها تعكس تواصل تجربة الحزب الديمقراطي الكردستاني مع الواقع العراقي الوطني، وامتداد إرثه التاريخي في خدمة العراق كله. فعندما تأسس الحزب بقيادة مصطفى بارزاني في منتصف القرن العشرين، كان هدفه ليس الانعزال القومي، بل التعبير عن الحقوق الكردية ضمن إطار الدولة العراقية الشاملة. منذ البداية، ارتبط الحزب الديمقراطي الكردستاني بفكرة أن قضية الكرد هي جزء من مشروع وطني أكبر، وأن حماية الهوية الكردية وتحقيق العدالة داخل الإقليم مرتبطان مباشرة بالاستقرار الوطني والتمثيل الفاعل في مؤسسات الدولة العراقية.مصطفى بارزاني لم يقتصر دوره على الكفاح السياسي والعسكري ضمن مناطق الكرد فحسب، بل سعى لتأسيس قاعدة تنظيمية وسياسية تربط بين النضال الكردي والواقع العراقي الوطني، بحيث يصبح صوت الكرد جزءاً من المشروع العراقي الشامل. ضد الدكتاتورية وهذا التوجه استمر على مر العقود، حيث لعب السيد إدريس بارزاني دوراً مهماً في بناء المؤسسات الحزبية وربط الكفاح الكردي بالإطار الوطني، مع التركيز على المشاركة السياسية الكاملة والفعالة للكرد ضمن البرلمان والحكومة العراقية.ومع تولي مسعود بارزاني قيادة الحزب، تجسدت هذه المبادئ على الأرض بشكل أكثر وضوحاً، إذ حرصت القيادة على بناء كردستان قوية ضمن عراق مستقر، بعيداً عن الانغلاق القومي، وهو نهج يعتمد على الشراكة والتعاون بين الإقليم والمركز. استراتيجيات القيادة شملت إصلاح الهيكل الإداري في الإقليم، تعزيز الأمن والتنسيق مع المؤسسات الوطنية، وتطوير الاقتصاد وربطه بمستوى التنمية العامة في العراق. هذه السياسات تشير إلى فهم أن قوة الإقليم لا يمكن أن تتحقق بمعزل عن الدولة العراقية، وأن التمثيل السياسي للكرد جزء من بنية سياسية متوازنة.وهو ما وجدناه في مفاوضات السيد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مع السيد رئيس الاقليم نيجيرفان بارزاني اذ اكدا على العراقة العراقية قبل كل مسمى مهما كان.واليوم فالقائمة 275، في هذا السياق، لا تمثل مجرد مجموعة أسماء، بل هي استمرار لتجربة سياسية تاريخية، تمثل العراق بكل مكوناته ففيها العربي والتركماني والمسيحي وابناء الاقليات العراقية،فهي عراقية قبل أن تمثل الكرد. والقيم التي تحملها هذه التجربة تشمل التوازن بين تمثيل الكرد والمشاركة الوطنية، إشراك الشباب والنساء في صنع القرار، وتعزيز التنمية الاقتصادية والخدمات العامة. هذه التجربة الاي يقودها نيجيرفان بارزاني اليوم ومعه رئاسة وزراء الاقليم ،تظهر أن السياسة الفاعلة لا تقتصر على الخطابات، بل تتجسد في برامج عملية يمكن قياس نتائجها على الأرض، مثل تحسين البنى التحتية، مشاريع التنمية الصغيرة والمتوسطة، ومتابعة قضايا الرواتب والتعليم والخدمات الصحية.ولعل أحد أبرز عناصر التجربة العملية للقائمة هو دور نيجيرفان بارزاني، الذي لعب دوراً مركزياً في توجيه السياسات والتفاوض مع القوى الوطنية العراقية كالسيد السوداني الذي له مودة كردية خاصة. وخلال المرحلة السابقة، أظهر نيجيرفان بارزاني قدرة فائقة على التفاوض السياسي، فكان من أبرز إنجازاته التفاوض الناجح مع السيد محمد شياع السوداني، ما ساهم في ترسيخ مبدأ الشراكة الوطنية والتوافق بين الإقليم والمركز. هذا الدور يعكس رؤية السيد بارزاني في أن العراق هو الأولوية، وأن السياسات الحزبية يجب أن تخدم الاستقرار الوطني والمصلحة العليا لجميع المواطنين، وليس الانحياز لمكون دون آخر.الخبرة العملية الاستراتيجية للقائمة 275 تظهر أن تمثيل الكرد داخل البرلمان العراقي والإقليم يمكن أن يكون متوافقاً مع تعزيز الاستقرار الوطني. إذ أن السياسات القائمة على الشراكة مع جميع المكونات تعمل على الحد من الانقسامات والصراعات، وتساهم في بناء اقتصاد مستدام يرتبط ببرامج التنمية على مستوى الدولة ككل. في هذا السياق، تعكس التجربة القدرة على إدارة التوازن بين الهوية الكردية والانتماء الوطني العراقي، بحيث تصبح حقوق الكرد جزءاً من المشروع الوطني، وليس عبئاً على الدولة.من زاوية التحليل السياسي، التجربة توفر مجموعة من الدروس المهمة: أولاً، أن حماية الحقوق القومية لا تتعارض مع المصلحة الوطنية، بل يمكن أن تصبح أساساً للشراكة والتكامل. ثانياً، أن التنمية الاقتصادية والخدمات العامة هي أدوات فعالة لخلق الثقة بين الإقليم والمركز، وتحويل المنافسة السلبية إلى تعاون إيجابي. ثالثاً، أن إشراك الشباب والنساء في صناعة القرار يضمن استدامة القيادة ويخلق بيئة سياسية متجددة. رابعاً، أن البرلمان يجب أن يكون مساحة للحوار والمصلحة المشتركة، وليس ميدان صراع بين المكونات. خامساً، أن الأمن والاستقرار الشامل يمثل ركيزة أساسية لتنمية الدولة، ويحتاج إلى تنسيق مستمر بين الإقليم والمركز.توضح هذه التجربة أن القوة السياسية للكرد لا تعني الانعزال عن العراق، بل تعني القدرة على بناء شراكات استراتيجية تعزز استقرار الدولة. واستراتيجية(البارتي) تؤكد أن الهوية الكردية جزء لا يتجزأ من النسيج العراقي، وأن تعزيزها يساهم في وحدة العراق واستقراره. من هذا المنطلق، يمكن النظر إلى التجربة كدراسة حالة حول كيفية تحويل الإرث التاريخي والسياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني إلى أدوات عملية للتكامل الوطني، العراقي العراقي بتاكيد الاسم العراقي، وتحقيق توازن عراقي بين الحقوق الذاتية والمصلحة العراقية الوطنية.إن التركيز على العراق قبل أي اعتبارات جزئية يعكس رؤية القيادة الكردية في أن الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي عراقيا يجب أن يكون هدفاً مشتركاً لجميع المكونات. التجربة العملية، بما في ذلك التفاوض مع السيد السوداني، وإدارة المؤسسات العامة، وتعزيز البنية التحتية والخدمات، تظهر أن النهج القائم على الشراكة والتمثيل العادل يقدم نموذجاً قابلاً للتطبيق على باقي المحافظات العراقية.لذلك فالقائمة 275، إذا ما نظرنا إليها من منظور التحليل السياسي، تمثل إمكانية الجمع بين الإقليم والكرد والعراق ككل، وتجربة عملية لكيفية تحقيق التكامل بين مكونات الدولة مع احترام الهوية الثقافية والسياسية لكل مكون. هي نموذج حالة تثبت أن الاستقرار والتنمية الوطنية يمكن أن يتحققا من خلال سياسات متوازنة، إدارة فعالة، وشراكة حقيقية بين الإقليم والمركز، بعيداً عن أي شعارات انتخابية أو دعاية حزبية، مع التركيز على نتائج ملموسة تعزز التعايش والوحدة الوطنية العراقية العراقية والعراقية فحسب على ما اكد عليه السيد السوداني...
|