الإثنين 2025/10/27 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 18.95 مئويـة
نيوز بار
مسرحية silence (الصمت) من بولندا والاحتجاج البصري على الحرب ومآلاتها
مسرحية silence (الصمت) من بولندا والاحتجاج البصري على الحرب ومآلاتها
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

ا.م.د. حيدر علي الاسدي

ناقد وأكاديمي

 

ضمن اليوم الثاني لمهرجان بغداد الدولي للمسرح بنسخته السادسة قدمت فرقة Teatr Biuro Podróży البولندية العرض المسرحي الموسوم "الصمت silence" وذلك مساء اليوم السبت 11 تشرين الاول 2025 وهي من تأليف واخراج باول سزكوتاك وتمثيل بارتوش بوروفسكي – ماجدالينا ديبيكا -عائشة خان – لوكاس كوالسكي -ياروسلاف سيجكوفسكي-  مارتا سترزالكو – توماسز ورزاليك – ماسيج زاكرزيفسكي، واستخدمت المسرحية الفضاء المفتوح (في الهواء الطلق) بطريقة العيانية البصرية المبهرة التي تأخذ تشكلات تعبيرية وسريالية تناقش في موضوعها الحرب والعنف والمقاومة واثر ذلك على المدينة وسكانها، يبدأ العرض المسرحي بالحافلة الحمراء الثيمة المركزية التي ينطلق منها العرض المسرحي وضعت عليها عبارة ((هذه المدينة تضم عشرة ملايين روح)) اذ تتمثل في العرض مشاهد بصرية متوالية برفقة دمى أطفال، في هذه المتواليات البصرية يتمثل بناء تأثيثي جمالي (خبر الحرب المضمخ بالدم من داخل الصحيفة، صورة الموت بسيقانه الطوال، الباص الكبير- المدينة المصابة بلعنة الحرب والموت/ لون الباص، رمي الدماء على الرجل وتحويل قميصه الأبيض إلى بقع حمراء، هرس الطماطم، برميل نفط احمر، تخطيط أجساد الموتى) وعلى المستوى الفكري مقاومة الحرب (هتافات صامتة من داخل الحافلة، الورد، لحن السلام، سفن الحرب الورقية ومحاولة الخلاص من الحرب ومآلاتها) جلب الجنود للتمثال الضخم الذي يمثل رأس هوميروس ومحاولة قتله بصورة تعبيرية بتغطيته (بقطعة سوداء) كل تلك المتواليات البصرية شكلت جمالية من نوع خاص قوامها الإمتاع الصوري الحركي، وما يمكن ان يسجل لصالح العرض فاعلية القطع الديكورية كافة وتمازجها مع الأداء الجسدي الصوري المبهر للممثلين وهو أداء تمثل بالمرونة بالتحرك والانتقال وتأدية الحركات رغم صعوبة بعضها اذ ان ممثلي العرض قدموا اداء يمثل ردات فعل تتداخل معها معاني القهر والإذلال لحياة اللاجئين او الأفراد الواقعين تحت سلطة الاحتلال القهرية فعمدت ردات فعلهم على نقل تلك المشاعر بصورة بصرية فاعلة ومؤثرة من خلال تعابير الوجه وحركات الجسد، والفضيلة الأخرى هو ان العرض استخدم مفرداته من الحياة الطبيعية (النار،حرق الباص، الدراجة النارية، الماء، الطماطم… الخ) وعلى الرغم ان العرض لم يكن مملاً وكان غالبية من حضر من المتلقين يتابعون بشغف في الهواء الطلق والحركات والمشاهد التي بني على أساسها العمل غير متوقعة إلا ان العرض شهد اجترار بعض المشاهد التي يمكن اختزالها فالمسرح فن الاختزال والإيجاز فما ان تصل الفكرة يجب ان لا يحدث تكرار يوحي لذات الفكرة إلا من باب الدلالة المغايرة والمعنى الجديد. وتقدم المسرحية في مشهدها الختامي (سقي الأرض بالماء) دلالة النماء والتجديد ومحاولة الحياة مجدداً ضد الموت والحرب وما تخلفه من حياة مريرة على الأطفال والنساء والمدن بصورة عامة، اذ يُختتم العرض بنص للشاعر قسطنطين كفافيس ((سأذهب إلى أرض أخرى، إلى بحر آخر.لا بد أن هناك مدينة أخرى.كل جهودي هنا ضاعت، وقلبي – كجثة – مدفون.أينما نظرت، أرى خراب حياتي الأسود)) ان المسرحية البولندية قدمت فكرة عن الخراب والوجع الذي تتركه الحرب على المدن وأبناؤها بطريقة إحتجاج بصرية لم تكن صامتة ابداً بل كانت الصرخات تنبعث من دواخل شخوص العرض ليمتزج الواقع بالمتخيل عبر أداء مميز ومبهر من الممثلين على إمتداد العرض المسرحي.

المشـاهدات 27   تاريخ الإضافـة 26/10/2025   رقم المحتوى 67723
أضف تقييـم