زواج مصلحة على أنقاض العظمة.. سباليتي ويوفنتوس في مغامرة لا تُغتفر
![]() |
| زواج مصلحة على أنقاض العظمة.. سباليتي ويوفنتوس في مغامرة لا تُغتفر |
|
الملحق الرياضي |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
| النـص :
متابعة ـ الدستور الرياضي بعد كارثة تيودور، قرر يوفنتوس خوض مغامرة جديدة لا تقل جرأة عن سابقتها، بالتعاقد مع لوتشيانو سباليتي، المدرب الذي يأتي في لحظة حرجة للنادي ولتاريخه الحديث. فالفريق الغارق في دوامة النتائج السلبية يعيش واحدة من أكثر فتراته اضطرابًا منذ عقود، فيما يبدو خيار سباليتي كمحاولة يائسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أكثر من كونه مشروعًا طويل الأمد.منذ عام 2020، تناوب 6 مدربين على مقعد القيادة في تورينو: بيرلو، أليجري، موتا، تيودور، برامبيا مؤقتًا، والآن سباليتي. هذه الوتيرة غير المسبوقة في التغيير عكست حالة الفوضى داخل البيت الأبيض والأسود، ودفعت الجماهير إلى التساؤل إن كان النادي العريق فقد بالفعل هويته التي ميّزته لعقود.يوفنتوس يحتل المركز السابع في الدوري الإيطالي بفارق 6 نقاط عن المتصدر، ولم يسجل أي هدف في 4 مباريات متتالية، وهي سلسلة كارثية لم يشهدها النادي منذ عام 1991. ورغم الفوز الأخير على أودينيزي (3-1) بقيادة المدرب المؤقت ماسيمو برامبيا، فإن الأزمة لا تزال أعمق من مجرد نتيجة إيجابية في أمسية واحدة.إقالة إيجور تيودور كانت متوقعة، خصوصًا بعد الانهيار الهجومي وتدهور مستوى الفريق الذي بدا بلا هوية أو روح. ومع ذلك، فإن قرار الاستعانة بسباليتي لم يكن خطوة محسوبة بقدر ما كان رد فعل اضطراريًا.داميان كومولي، المدير التنفيذي الفرنسي الجديد للنادي، ومعه المستشار جورجيو كييليني، رأيا في سباليتي «المهندس القادر على إعادة البناء»، ولو مؤقتًا.الصفقة وُصفت داخل أروقة النادي بأنها «زواج مصلحة» بين مدرب يسعى لاستعادة كرامته بعد خيبة المنتخب الإيطالي، ونادٍ يبحث بيأس عن إنعاش سريع.سباليتي، الذي بلغ السادسة والستين، يصل إلى تورينو بعد 8 أشهر فقط من رحيله المأساوي عن تدريب الآزوري إثر الخسارة القاسية أمام النرويج، والتي أطاحت به من تصفيات المونديال. ورغم أن كثيرين اعتبروا مسيرته انتهت فعليًا، فإن الرجل لم يتخلّ عن شغفه أو عن رغبته في الانتقام الكروي.العقد المبرم بين الطرفين قصير الأجل (حتى يونيو 2026)، براتب سنوي صافٍ يبلغ 3 ملايين يورو، مع بند تمديد تلقائي في حال التأهل إلى دوري أبطال أوروبا. وهو اتفاق يعكس طبيعة المرحلة: إنقاذ عاجل بدلًا من بناء مستقبلي.
سباليتي بين الانتقام الشخصي وإحياء عملاق يحتضر
المفارقة أن يوفنتوس لم يتعاقد مع سباليتي المنتصر الذي صنع معجزة نابولي عام 2023، بل مع سباليتي الجريح، الذي يسعى لاستعادة هيبته. وكأن القدر وضع رجلين مجروحين في خندق واحد: مدرب خسر مجده، ونادٍ فقد هويته.الصحافة الإيطالية، وعلى رأسها كورييري ديلو سبورت، وصفت التعاقد بأنه «رهان انتقامي» أكثر منه مشروعًا كرويًا.فبينما يراهن كييليني وكومولي على خبرته في التنظيم التكتيكي وجرأته الهجومية، لا تزال جماهير البيانكونيري متشككة في قدرته على قيادة الفريق.استطلاع رأي أجرته سبورت ميدياست وضعه في المركز الثالث ضمن المرشحين المفضلين لدى الجمهور، خلف روبرتو مانشيني ورَفاييل بالادينو، وهو مؤشر على برودة الاستقبال.التحفظ الجماهيري له مبرراته. فسباليتي لا يتمتع بعلاقة تاريخية ودية مع يوفنتوس، بل كان خصمًا لدودًا خلال فتراته في روما وإنتر. كما أن شخصيته الصلبة وميله للعصبية جعلاه يدخل في صدامات شهيرة مع أساطير مثل توتي. يضاف إلى ذلك سجله المتوسط مؤخرًا مع المنتخب الإيطالي (12 فوزًا و6 هزائم في 24 مباراة)، ما يزيد الشكوك حول جدوى تعيينه.ومع ذلك، تراهن الإدارة على سابقة تاريخية مشجعة: حين تولى سباليتي تدريب إنتر ميلان عام 2017، نجح في إعادة الفريق إلى دوري الأبطال بعد سنوات من الغياب. هذا بالضبط ما يريده يوفنتوس منه اليوم – لا أكثر ولا أقل.
عودة الهوية عبر 4-2-3-1
أولى مهام سباليتي ستكون إعادة «الهوية المفقودة». فبعد فترة تيودور التي اتسمت بالكرة المباشرة والدفاع الثقيل، سيحاول الإيطالي المخضرم إعادة لمسة الإبداع عبر تشكيلته المفضلة 4-2-3-1، التي جلبت لنابولي اللقب التاريخي.الفكرة بسيطة لكن تتطلب وقتًا وصبرًا: ضغط عالٍ من الأمام، سرعة في التحول الهجومي، وتوسيع رقعة اللعب عبر الأظهرة. الهدف ليس فقط إحراز الأهداف، بل إعادة الثقة للاعبين، وعلى رأسهم دوسان فلاهوفيتش، الذي تحول إلى ظلّ مهاجم منذ أشهر. المدرب الجديد يعتبر المهاجم الصربي حجر الزاوية في مشروعه الجديد، كما كان أوسيمين في نابولي.كما سيحظى الشاب كينان يلدز بدور محوري كمحرك إبداعي في مركز صانع الألعاب رقم 10، مدعومًا بثنائي الارتكاز لوكاتيلي وتورام. أما الأظهرة، مثل كامبياسو وكالولو، فستكون مفاتيح اللعب العرضي، فيما ينتظر من القادمين الجدد ديفيد وأوبيندا أن يجدوا طريقهم أخيرًا إلى الشباك بعد بداية باهتة.
التحدي الحقيقي: إدارة الأنا قبل التكتيك
إذا كانت الصرامة سمة تيودور، فإن سباليتي يمثل مرحلة «الهوس التكتيكي». فالمعروف عنه أنه لا يترك تفصيلًا واحدًا للصدفة. جهازه الفني، الذي يضم دومينيكيني وسيناتي، يتميز بدقة علمية تكاد تكون مرهقة للاعبين.لكن هذا الانضباط قد يتحول إلى عبء إن لم يقترن بذكاء في التعامل مع النجوم. غرفة ملابس يوفنتوس مليئة بالأسماء الثقيلة، لكنها تفتقر إلى الانسجام الذهني وروح التضحية، وهو ما قد يصطدم مع شخصية سباليتي المتطلبة.السؤال الأهم: هل يستطيع المدرب المخضرم كسب احترام لاعبين لم يختارهم ولم يصنعهم؟ وهل سيقبل بتكييف فلسفته الهجومية لتناسب واقع الفريق الحالي؟حتى فابيو كابيلو، أحد أكثر المدربين احترامًا في تاريخ يوفنتوس، حذّر من أن «عناد سباليتي» قد يكون الخطر الأكبر على تجربته الجديدة.عقد سباليتي لا يمنحه ترف الوقت. فالمطلوب منه واضح وصارم: إنهاء الموسم ضمن الأربعة الأوائل والتأهل إلى دوري الأبطال. أي نتيجة دون ذلك تعني نهاية الرحلة مبكرًا وربما اعتزاله النهائي للتدريب.يوم السبت في كريمونا، حين يقود يوفنتوس لأول مرة، سيبدأ فصلاً قد يكون الأخير في مسيرته. إنها لحظة فاصلة لمدرب عاد إلى مقعده بحثًا عن «الخلاص الأخير»، ولنادٍ لم يعد يحتمل مزيدًا من السقوط.في نهاية المطاف، يبدو التحالف بين يوفنتوس وسباليتي كأنه صفقة بين طرفين فقدا الثقة في نفسيهما، ويحاول كل منهما إنقاذ الآخر. لكن في كرة القدم، لا يمكن للجرحى أن يشفوا بعضهم ما لم يمتلكوا الإيمان بالعودة. الرهان كبير، والوقت ضيق، والفشل – ببساطة – ليس خيارًا مطروحًا في تورينو.
|
| المشـاهدات 69 تاريخ الإضافـة 01/11/2025 رقم المحتوى 67861 |
توقيـت بغداد








