الإثنين 2025/11/17 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 19.95 مئويـة
نيوز بار
واقع الحالة المدنية في العراق
واقع الحالة المدنية في العراق
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د. حسين عبد القادر المؤيد
النـص :

على الرغم من أن النسبة الأكبر من الشعب العراقي، لا سيما في السنوات الأخيرة، ذات توجه مدني حديث، و تتفاعل مع قيم المجتمع المدني و أطروحات التنوير و الحداثة، و تتطلع الى أن تكون المدنية منهجا للنظام السياسي و للحياة المجتمعية بأبعادها المتنوعة، إلا أن الساحة السياسية و الساحة الاجتماعية، تشهد اختلالا لا تخطئه العين في ميزان القوى بين قوى المدنية من جهة، و الأصولية السياسية الصفوية من جهة أخرى.و لا يرجع السبب في هذا الاختلال الى هيمنة الأصولية السياسية على السلطة و فرض سيطرتها بقوة السلطة و قوة الميليشيات و السلاح المنفلت فحسب، و إن كان هذا العامل من أهم عوامل اختلال ميزان القوى، و إنما يرجع أيضا الى ضعف القوى المدنية من حيث حضورها الفاعل سياسيا و ثقافيا و اجتماعيا و إعلاميا، و من حيث أداؤها في لعب الدور المطلوب على جميع الأصعدة.إن هناك عدة إشكاليات أدت و ما تزال لهذا الضعف، منها:- ١- عدم تبلور الاتجاه المدني الحقيقي الذي يجسّد المدنية فكرا و سلوكا، و بروز شخصيات و قوى تتاجر بالمدنية و تتخذها غطاء أو أداة لمصالحها الذاتية و الفئوية، أو تشكّل اختراقا للتوجه المدني لحرفه أو إفشاله أو السيطرة عليه لصالح جهات معادية للمدنية، أو شخصيات و قوى ذات توجه مدني لكنها غير ناضجة في فهم المدنية أو كيفية العمل لها. ٢- عدم تبلور تيار مدني جارف في المجتمع العراقي، فالتوجهات المدنية لدى الأفراد و الجماعات، يجب أن تتحول الى تيار مجتمعي مؤثر له كلمته و جمهوره و يجسد قيم المدنية فكرا و سلوكا. ٣- وجود حالة أشبه بالفوضى في العمل لدى الفاعليات التي تتحرك باسم المدنية، فلا تنسيق و لا تكامل، بل هناك تشتت، و في أحايين كثيرة تنافس سلبي يصل حد التضارب. و تنعكس هذه الإشكاليات سلبا في المجتمع. و من مظاهر ذلك:- أ- وجود الشخصيات و القوى المدنية الحقيقية في الظل، بينما الساحة مفتوحة للشخصيات و القوى المدنية غير الحقيقية أو غير الجادة أو الضعيفة. ب- وجود الضمور و النقص في العمل المدني في المجتمع، فيكون دون المستوى و يخفق في خلق الحالة المدنية المطلوبة.   كان المفروض في الوقت الذي فقدت فيه الأصولية السياسية رصيدها المعنوي و الجماهيري، و سقطت أقنعتها، و انكشف فسادها و فشلها و ارتباطاتها و أجندتها التخريبية، أن يبرز تيار مدني قوي، و قوى مدنية حقيقية تكسب الثقة فتلتف حولها الجماهير، لكن ذلك لم يتحقق، على الرغم من أن للمدنية الحديثة عمقها الوجودي في تاريخ العراق الحديث منذ تأسيس الدولة الوطنية العراقية سنة ١٩٢١، و السبب هو الضعف و الإشكاليات التي تقدمت.  أدعو الشخصيات و القوى المدنية الحقيقية في داخل العراق و خارجه، الى التأمل و التفكير المعمق و الحوار البنّاء و ورشات عمل لدراسة واقع الحالة المدنية، و ما يجب عمله، للخروج بخارطة طريق و برنامج عمل، ينعش المدنية في المجتمع العراقي، و يجعلها فاعلة و قادرة على جعل ميزان القوى لصالحها على جميع الأصعدة.

 

المشـاهدات 143   تاريخ الإضافـة 15/11/2025   رقم المحتوى 68298
أضف تقييـم