على مدى عقود، ظلّ اسم العراق مرتبطاً بقوة وبريقٍ خاص في بطولات كأس العرب لكرة القدم، تلك البطولة التي حملت في ذاكرة الجماهير العراقية ألقاباً مشرّفة وأسماء خالدة صنعت الفرح في زمن كانت فيه الكرة هي المتنفس الأجمل. أربعة ألقاب نجح “أسود الرافدين” في انتزاعها، جعلت من العراق صاحب الإرث الأكبر في تاريخ البطولة، وأحد أهم صُنّاع هويتها التنافسية.

منذ أولى مشاركات العراق في الستينات من القرن الماضي وحتى تتويجه الرابع، استطاع المنتخب الوطني أن يفرض شخصية كرويةجعلت منه ر قماً صعباً في أي منافسة عربية. لم تكن تلك الألقاب محض صدفة، بل كانت نتاجاً لجيلٍ استثنائي من اللاعبين والمدربين، ولبيئة كروية كانت تعيش أجمل مراحلها من حيث الاستقرار الفني وتراكم الخبرة.

ورغم مرور سنوات طويلة على آخر تتويج، بقيت الجماهير العراقية تتساءل: لماذا ابتعد العراق عن المنصة العربية؟

الإجابة تنقسم بين عوامل داخلية أبرزها تذبذب الاستقرار الإداري والفني، وتأثيرات المشهد الكروي المحلي، وبين عوامل خارجية تتعلق بتطور المنتخبات الأخرى ودخولها بقوة إلى ساحة المنافسة.

لكن ما لا يمكن تجاهله هو أن المنتخب العراقي، حتى في أصعب مراحله، ظل يتمتع بقاعدة جماهيرية ضخمة قادرة على إعادة الحماس، وبمواهب شابة تظهر كل موسم، تنتظر فقط مشروعاً واضحاً يعيدها إلى الواجهة.

النسخ الأخيرة من البطولات العربية أثبتت أن المنافسة أصبحت أكثر شراسة، لكن العراق لا يزال يمتلك ما يكفي للعودة إلى القمة. فالمواهب الصاعدة، وانتشار المحترفين في دوريات قوية، يمنحان المنتخب ذخيرة مهمة يمكن البناء عليها.

ويبقى السؤال الحقيقي: هل ستشهد النسخ المقبلة عودة الأسود إلى عرينهم العربي؟

الجواب يعتمد على قدرة الاتحاد والجهاز الفني على صناعة فريق مستقر، يمتلك هوية تكتيكية واضحة، ويستعيد الروح التي جعلت من العراق سيد كأس العرب لسنوات طويلة

كأس العرب ليست مجرد بطولة.. إنها وثيقة هوية كروية بالنسبة للعراقيين، وإرثٌ يليق ببلدٍ صنع أمجادها يوماً. واليوم، ومع تجدد الآمال، قد يكون الوقت قد حان لعودة العراق إلى مكانه الطبيعي: في القمة.