الأربعاء 2025/12/3 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 10.95 مئويـة
نيوز بار
لا تعاقب اللجنة التحقيقية الإدارية على توصياتها ..تعليق على حكم قضائي
لا تعاقب اللجنة التحقيقية الإدارية على توصياتها ..تعليق على حكم قضائي
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب أ.م. د. عماد يوسف خورشيد
النـص :

 

 

 

 

الجامعة التقنية الشمالية/ كلية البوليتكنك كركوك

 

معلوم أن الوظيفة العامة غايتها تقديم أفضل الخدمات للأفراد، ولوجود الصراع داخل نفس الإنسان بين الخير والشر، ولِعدم استقرار منظومة القيم كمنظم للغرائز لدى البعض، تنشأ المشاكل والجرائم في الحياة بشكل عام، ومنها الوظيفة العامة. ولذلك تنهض مسؤولية الموظف عند مخالفة أحكام القوانين والتعليمات، والتي وجدت من اجل حماية القيم لتنظيم الحياة، منها: عند الإخلال بالواجبات والمحظورات (المادة 4 والمادة 5 من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 المعدل النافذ). وتتشكل لجان تحقيقية (المادتان 7 و 10من القانون أعلاه) للتأكد من صحة وجود الواقعة والبحث عن مرتكبها، وإسناد إحدى العقوبات الانضباطية في المادة 8 من القانون أعلاه على مرتكب المخالفة الإدارية.

 

وتأسيسًا على ما تقدم، نضع أمام موظفي المؤسسات الحكومية واقعة لقرار محكمة قضاء الموظفين/ بغداد بالعدد 816/2018 بتاريخ 15/4/2018 تعد ضمانة مهمة لهم، ونرتئي ذكر تفاصيلها والتعليق على الحكم على النحو الآتي:

 

الواقعة :

 

وقعت مخالفة لأحكام قانون انضباط موظفي الدولة في المؤسسات الحكومية، تم تشكيل لجنة تحقيقية من قبل الإدارة، وبعد ذلك قدمت اللجنة توصياتها للجهة التي شكلت اللجنة. إلا أن الإدارة شكلت لجنة تحقيقية بحق رئيس اللجنة التحقيقية؛ بسبب عدم المهنية الكافية في أداء أعمال اللجنة التحقيقية وكتابة توصياته وإلغائها من قبل الإدارة، وتم معاقبته بعقوبة لفت النظر. تظلم رئيس اللجنة التحقيقية أمام الجهة التي أصدرت العقوبة، وبعد أن ردت الإدارة على تظلمه، وكان مضمونه (رفض التظلم). أقام الموظف دعوى أمام محكمة قضاء الموظفين في العاصمة بغداد للمطالبة برفع عقوبة لفت النظر.

 

قرار محكمة قضاء الموظفين:

 

بعد عرض القضية أعلاه أمام المحكمة، قررت المحكمة إصدار قرارها بأن "اللجنة التحقيقية توصي ولا تقرر، وأن هذه التوصية إما أن يأخذ بها الرئيس الأعلى أو يعدلها، وقد لا تتوصل كثير من اللجان في كثير من الأحيان إلى الهدف المطلوب الذي من أجله تم تشكيل اللجان التحقيقية وبالتالي فإن للرئيس الأعلى إمكانية إعادة تشكيل اللجان التحقيقية من أشخاص يتوسم فيهم الكفاءة والمقدرة التي تمكنهم من الوصول إلى الهدف المطلوب الذي شكلت اللجنة التحقيقية لأجله، أما محاسبة رئيس اللجنة التحقيقية بسبب عدم قناعة الرئيس الأعلى بما قدم من توصيات فإن هذا لا سند له من القانون وأن فرض العقوبة بحق المعترض جاء خلافاً للقانون، لذا قررت المحكمة بالاتفاق إلغاء عقوبة لفت النظر بحق المعترض-الموظف".

 

تعليق على القرار:

 

من خلال الملاحظة الدقيقة للحكم أعلاه، يلاحظ أن محكمة قضاء الموظفين أرست فيه مبدأً في غاية الأهمية، إذ تعد ضمانة مهمة للموظفين تلزم كافة المؤسسات بالسير وفق هذا الاتجاه.وأن عدم وجود نص في قانون انضباط موظفي الدولة رقم 14 لسنة 1991 في عدم جواز معاقبة اللجنة التحقيقية لا يعد مبرراً في معاقبة اللجان التحقيقية واستخدام السلطة التقديرية للإدارة. وفي مقابل ذلك ضرورة ان يبادر كل موظف مهما كان تخصصه وشهادته التي يحملها الى ان يحمل من الثقافة القانونية العامة ومعرفة القوانين التي تنظم ادارة المهام في مؤسسات الدولة، فالجهل بالقانون لا يعد عذرا. انظر ( المادة 6 من قانون النشر في الجريدة الرسمية رقم 78 لسنة 1977 المعدل النافذ). ولذلك يعد تدخل القضاء ضرورة لا بد منها في الدولة القانونية، لوضع ضابط ومعيار لمؤسسات الدولة عندما تمارس عملها في حماية المال العام وتقديم الخدمات.فالقضاء الإداري يعد ركيزة أساسية في إرساء ضمانات مهمة للموظف مستنبطة من روح القانون وفقه القانون الذين يظهرون نبض القيم الإنسانية في كتابتهم والاسترشاد بأحكام القضاء المقارن. فلا يبقى القضاء مكتوف الأيدي أمام إنهاك حقوق الموظف، وكيف لا، والقضاء وظيفته الأساسية حماية الحقوق والحريات. انظر:( د. عماد يوسف خورشيد، نفائس قانونية وقيم انسانية، هاتريك للطباعة والنشر، اربيل، 2026، ص45). وتجدر الاشارة الى ان المحكمة الادارية العليا استقرت مبادئها على التوجه اعلاه من عدم جواز معاقبة اعضاء اللجان التحقيقية عندما يخالف توجهها توجه الادارة، نذكر من هذه الاحكام : حكم بالعدد 1703 / قضاء موظفين- تمييز/ 2019 في 28/7/2021.

 

خلاصة القول: ظهر أمامنا روح القيم الإنسانية في الحكم أعلاه تحديداً في إرساء قيمة العدل في مؤسسات الدولة من إعطاء كل ذي حق حقه، "فالعدل اساس الملك" ( انظر: ابن خلدون ، كتاب المقدمة) وإنصاف الموظف الذي لم يرتكب خطأ سوى أنه كلف بالتحقيق في مخالفة انضباطية من قبل الإدارة. لذا نرى ضرورة أن يتم تعميم الأحكام القضائية على شكل مبادئ على جميع مؤسسات الدولة ليكون المعيار المعتمد في ضبط عمل الإدارات عند ممارسة السلطة التقديرية.

المشـاهدات 33   تاريخ الإضافـة 02/12/2025   رقم المحتوى 68634
أضف تقييـم