الخميس 2025/12/4 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 10.95 مئويـة
نيوز بار
فاطمة الزهراء… الهدوء الذي يسعى البعض لجعله صخبا في سوق الطائفية
فاطمة الزهراء… الهدوء الذي يسعى البعض لجعله صخبا في سوق الطائفية
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب احسان باشي العتابي
النـص :

 

 

 

مقدمة لابد منها:سطور متواضعة… لكنها بلا شك ستوقظ حفيظة كل من تخلى عن منطق العقل لاي سبب كان.فما نحن بصدده — تفاصيل احداث وتبعات وفاة فاطمة الزهراء — ليس مجرد بحث في واقعة تاريخية، بل محاولة لفتح نافذة صغيرة يدخل منها نور المنهج العلمي الى منطقة اثقلتها الروايات المتباينة، واختلط فيها العاطفي بالسياسي، والديني بالمذهبي.ليبقى الامل قائما…بأفول الجهل، وبزوغ فجر تقرا فيه الاحداث بعيون لا تكره، وبعقول لا تصادر ، وبضمائر لا تباع.ذلك لان بعض جزئيات التاريخ، منذ قرون طويلة، كانت وما زالت من اعمق معاول الهدم في مجتمع واحد، مجتمع يرفع شعارا سماويا خالدا:( كنتم خير امة اخرجت للناس، تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر )، وفي موضع اخر يذكر قائده العظيم:( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ).وهكذا… بين نص يظهر سمة لامة،و بين اخر يعلم الرفق، وواقع يمارس القسوة، تتشظى الحقيقة، ويضيع جوهر الرسالة. ولعل اعادة قراءة تلك الاحداث بروح الانصاف هي الخطوة الاولى نحو مجتمع لا يبنيه التعصب، ولا تهدمه الفرق، بل يشيده وعي يليق بامة قيل عنها انها خير امة. وليزدد يقيننا بان "شك المؤرخ رائد حكمته، و الاصل في التاريخ الاتهام لا براءة الذمة".لنبدا باسم منطق العقل والضمير الحي…في ذكرى وفاة فاطمة الزهراء بنت النبي محمد تعود الى الواجهة سيرة امرأة اختزلت انقى ما في رسالة السماء من رحمة وعدل وحكمة وزهد، وفي الوقت ذاته يعود زخم الاستغلال الطائفي الذي حول اسمها — مثل اسم ابيها وزوجها وولديها — الى اداة تحرك بها المشاعر وتدار بها المصالح من قبل من اتخذوهم دكاكين يعتاشون عليها!كما لا يخفى على الجميع ان فاطمة ولدت في بيت كان النموذج الاول للرحمة، حيث التربية على الايمان، والصبر على الشدائد، والخلق الرفيع.شبت على العطاء قبل الاخذ، وعلى المسؤولية قبل الامتياز، حتى لقبت "ام ابيها" لعاطفتها ورعايتها لابيها النبي.كان زهدها منهجا، وصدقها طريقا، ودعمها للضعفاء سلوكا يوميا؛ ما جعلها رمزا انسانيا لا تنتمي اليه طائفة واحدة، بل تتقاسمه كل الامة.مرت القرون، وتحول اسم فاطمة الى راية ترفع لا دائما لتمثيل قيمها، بل — للاسف — لخدمة مشاريع سياسية تضخم الخلافات، وتعيد تدوير الروايات القديمة لتغذية الشقاق.الروايات المختلف بشانها، ومنها رواية الهجوم على دارها وكسر ضلعها، صارت اليوم درعا لمن يريد دغدغة مشاعر الجمهور، لا لقراءة التاريخ، بل لتوظيفه في صراع لا يشبه لا فاطمة ولا منهج اهل بيتها.وهنا السوال يطرح نفسه قبل ان يطرحه من يسير بمنهج المنطق العقلي المحايد..على سبيل الفرض: ماذا لو كانت الروايات صحيحة 100%؟ لنفترض جدلا، ان كل التفاصيل التي جاءت بالروايات المتعلقة باستهداف بيت فاطمة صحيحة تماما،ولم يدس فيها عبر مرحلة تاريخية تفاصيل اخرى غايتها سياسية بحتة، تهدف لتسقيط الشخصية فضلا عن الشخصيات التي تتحدث عنها بخصوص جزئية الاستهداف.  هنا يظهر سؤال منطقي لا يستطيع الخطاب الطائفي الهروب منه:اذا كان علي بن ابي طالب — وهو الاقرب للحدث وصاحب الحق الاول — قد قدم المصلحة العامة ولم يثار للقصاص، فكيف ياتي اليوم من يدعي ولايته ويفعل عكس فعله؟ علي لم يكن غافلا عما جرى، ولم يكن ضعيفا، ولا قليل الغيرة. بل كان رجل دولة، يرى ان الاسلام الوليد اهم من الدخول في صراع ينهي وحدة المجتمع المسلم. لم يرفع السيف، ولم يشعل فتيل الفتنة، بل شارك في بناء الدولة، وساند من يوصفون اليوم " بالخصوم"، واضعا استقرار الامة فوق الالم الشخصي. هذا الموقف — ان كانت الروايات صحيحة — يصبح حجة على من يرفعون اسمه اليوم من اجل صراع لا نهاية له.فاما ان يقتدى بعلي كما كان، واما ان نتوقف عن الادعاء بامتلاك فهم اعمق منه للتاريخ والمصلحة. غير المعقول ان يولد بعد خمسة عشر قرنا من الزمن اناس يظنون انفسهم اكثر حكمة وغيرة وحمية من علي نفسه! وعليه تصبح المعادلة واضحة: اما ان عليا — وهذا مستحيل — لم يحسن تقدير الموقف… او ان من يفتعلون الخصومة اليوم لم يفهموا عليا اصلا، واتخذوا من اسمه وسيلة لتمزيق الناس لا لجمعهم. خاتمة:فاطمة ليست راية صراع… ذكرى فاطمة الزهراء يجب ان تبقى مساحة للسكينة، للعدل، وللاخلاق الرفيعة بل لكل شيء يسير وفق المنهج العقلي. اما تحويلها الى مناسبة لشحن النفوس، فذلك اساءة لها قبل ان يكون اساءة للتاريخ. فالزهراء لم تكن شعارا، ولم تكن اداة، ولم تكن سببا للانقسام. هي رمز انساني خالص… ومن يجعلها وقودا للصراع، فهو ابعد ما يكون عن روحها وروح علي ومنهجه.

المشـاهدات 17   تاريخ الإضافـة 04/12/2025   رقم المحتوى 68651
أضف تقييـم