المتقاعدون ، تلك الشريحة الهامة التي افنت حياتها في خدمة المؤسسات والدوائر الحكومية ، تلك الشريحة التي ظلمت بتحديد رواتبها على اساس الراتب الاسمي وحدد الراتب الادنى بستمائة الف دينار ، وهي بمجملها (عدا الرواتب التقاعدية لكبار المسؤولين) لا تسد مصرف اسبوع للمتقاعد! في ظل الغلاء المعيشي وتردي الاوضاع الصحية للمتقاعدين بسبب كبر السن ، حيث تنفق اسرة المتقاعد ضعف راتبه على شراء الدواء ومراجعة الاطباء لعدم وجود مستشفى خاص بالمتقاعدين او المستفيدين منهم (الزوجات على سبيل المثال ومنهم زوجات ذوي الشهداء) وكل من يتحدث عن وجود خدمات صحية مجانية (جيدة) فهو يجافي الحقيقة التي نشهدها في واقعنا اليومي الذي نعيشه حيث ما تراه العين اقرب لما تسمعه الاذنان!

هناك تقصير واضح لهذه الشريحة ، وكان على البرلمان ان يشرع قانوناً لتحديد رواتب منصف تكفل للناس العيش الكريم لما تبقى من حياتها ، وهي ـ اي تلك الرواتب ـ مستقطعة من رواتبهم ابان كانوا موظفون ، يضاف عليها الارباح التي استفادت منها مديرية التقاعد العامة من تشغيل واستثمار تلك الاموال المستقطعة من رواتب الموظفين السابقين والحاليين!

وعلى الرغم من قلة الرواتب التقاعدية الا ان المتقاعدين ينتظرون صرف رواتبهم بفارغ الصبر كي يسددوا ما بذمتهم ، او يكفوا انفسهم بالصرف على احتياجاتهم ، الا ان الكثير منهم لا يعرفون او غير مطلعين على آلية صرف مستحقاتهم فتجدهم يوجهون اللوم على جهات غير معنية بتأخير صرف رواتبهم وهو ما يتكرر بين مدة واخرى واخرها في الايام القليلة الماضية حيث حمل المتقاعدون وبعض وسائل الاعلام للاسف (مصرف الرافدين) تأخير صرف رواتب المتقاعدين الموطنين رواتبهم لديه.

اطلعت على العديد من المصادر المطلعة العاملة بالمال والاقتصاد للوقوف على آلية صرف رواتب المتقاعدين ، حيث تبين ان سبب سرعة صرف مصرف الرشيد لرواتب المتقاعدين الموطنين رواتبهم لديه يعود الى وجود الحساب المصرفي الرئيسي لهيئة (او هيأة) التقاعد العامة لدى مصرف الرشيد ، بمعنى ان اموال الهيئة مودعة لدى المصرف وبالتالي ليست لديه مخاطر مالية حين يطلق رواتب المتقاعدين في اول يوم من كل شهر جديد ، وهو حق يستحقه المتقاعدون ، في حين ان هيئة التقاعد لم تفتح حساب لها في (مصرف الرافدين) لكي يتمكن من صرف رواتب المتقاعدين الموطنين رواتبهم لديه في اول يوم من كل شهر على شاكلة مصرف الرشيد.

وما فهمته وتأكدت منه من تلك المصادر ان مصرف الرافدين بدلاً من ان يأتيه اشعارٍ بتحويل الرصيد الكافي لصرف مستحقات المتقاعدين من هيئة التقاعد ، (اي تحويل رصيد) وهذا ممكن ان يتم قبل يوم او يومين من نهاية كل شهر حتى لا يتأخر صرف رواتب الناس ،  وهو ما كان معمولاً به سابقاً (بحسب المصادر) صارت الآلية ان ترسل الهيئة اشعاراً الى دائرة المحاسبة في وزارة المالية ، والتي بدورها ترسل اشعاراً الى (مصرف الرافدين) بإطلاق الرواتب!؟

الخلاصة : يبدو ان شريحة المتقاعدين واحدة من اوراق الضغط الذي لا نعلم حتى الان ما الغاية منه ، وان مصرف الرافدين يستهدف لاكثر من مرة لاسباب واهية لا علاقة له فيها ، وهناك محاولات لتحميله قصور جهات اخرى في صرف رواتب المتقاعدين.

ان المصرف (جهة صرف) فمتى ما حولت استحقاقات الناس في خزانته فانه سيصرفها بدقيقتها ودليل ذلك الابقاء على جميع الموظفين المختصين بالعمل بعد الدوام الرسمي (خصوصاً الفروع) لصرف مستحقات الناس الراغبين بمراجعة فروع المصرف ، اما الاخرين فبإمكانهم صرف مستحقاتهم من اي منفذ مجاز لصرف مستحقات البطاقة الذكية.