الأمل الذي لا يستسلم![]() |
| الأمل الذي لا يستسلم |
|
كتاب الدستور |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب كتب رياض الفرطوسي |
| النـص :
هناك أفلام لا تُنسى لأنها لا تحكي قصة فقط، بل تمنحك تجربة وجودية كاملة. فيلم The Shawshank Redemption — (الخلاص من شاوشانك) — واحد من تلك الكلاسيكيات التي تتجاوز حدود السينما لتصبح درساً في الحياة والحرية والإنسانية. في قلب هذا الفيلم، يقبع رجل خلف جدران اسمنتية، محاط بالحديد والسجن، لكن سجنه الحقيقي لم يكن الجدران نفسها، بل شعوره بأن الحياة توقفت عند دخوله تلك الأسوار، وأن صوته لن يعود ليخرج بعد الآن.
رغم هذا، ظل يحمل شيئاً صغيراً وعنيداً اسمه الأمل. ليس الأمل الرومانسي الضعيف، بل أمل هادئ، مستتر، مصر على البقاء. أمل لا يحتاج إلى صخب، لكنه حاضر من أول الفيلم حتى آخره، همس صامت يرفض الاستسلام. كما قال آندي في لحظة صامتة: (آمل أشياء أفضل لنفسي… وأعرف أن أستحقها.)
آندي دوفرين، بطل الفيلم، لم يهزم السجن بالقوة، بل بالفكر. رفض أن تقيده الجدران، وفهم أن الحرية الحقيقية لا تُصنع عند كسر القضبان، بل عندما يرفض الإنسان أن يقتنع بأن مصيره محدد من قبل الآخرين. أي نظام قمعي يخاف من شيء واحد فقط، وهو الإنسان الذي يمتلك القدرة على بناء عالم داخلي لا يصل إليه السجان، الإنسان الذي يملك خيالًا يؤمن بمستقبل مختلف.
آندي، مصرفي ناجح، يُدان ظلماً بقتل زوجته وعشيقها، ويُرسل إلى سجن ولاية شاوشانك. هناك — تحت وطأة الظلم والقسوة — يواجه ما يشبه فقدان الذات. لكنه رغم كل شيء، لا يتخلى عن براءته الداخلية، عن إنسانيته، ولا عن صمته الملتهب بالأمل. كما قال لصديقه ريد: (السجن يمكن أن يسجن جسدك… لكن لا يمكنه أن يسجن روحك.)
خلال سنوات سجنه الطويلة، يحرص على أن تبقى الموسيقى والكتب والكرامة — أشياء بسيطة في ظاهرها لكنها جوهر وجود. يصبح أصدقاؤه ملاذاً، والخيال لوحته الداخلية، والذاكرة رسالة أمل.
هو ليس فيلماً عن الجدران أو القضبان، بل عن قلب لا يتنازل عن إنسانيته، وعن أمل يتحول إلى فعل صامت لكنه مزلزل. وفي عالم يشبه كثيراً ما نعيشه، حيث السجون قد تتخذ شكل قوانين أو قيود اجتماعية، يصبح الفيلم رسالة: الحرية لا تُطلب دائماً من الخارج، بل تُبنى في الداخل. الحرية تبدأ بقرار ألا يقيم أحد سجناً لروحك.
الفعل الصغير — حفرة تحت الأرض، صفحة موسيقى، كلمة صامتة — إن تكرّر بإصرار وأمل، يتحول إلى ثورة داخلية. كما يختتم الفيلم بمشهد ريد على الشاطئ، حين يدرك أن الحياة تبدأ من اللحظة التي يقرر فيها الإنسان أن يستعيد حريته الداخلية: (آمل أن يكون كل شيء على ما يرام… وآمل أن أراك هناك يوماً.)
في النهاية، يعلمنا شاوشانك أن أعظم نور يمكن أن يولد من أعتم السجن، من حفرة صغيرة يحفرها إنسان لم يستسلم. الثورة الحقيقية تبدأ بصمت، وبقلب لا يعرف الخضوع، وبأمل لا يستسلم أبداً. |
| المشـاهدات 45 تاريخ الإضافـة 09/12/2025 رقم المحتوى 68729 |
أخبار مشـابهة جريدة الدستور ليوم الثلاثاء 9/12/2025 للعدد 6349 |
جريدة الدستور ليوم الاثنين 8/12/2025 للعدد 6348 |
![]() |
احتفاء بالمسرحي العراقي عبد الاله عبد القادر وكتابه «فضاءات المسرح العربي: قاسم محمد نموذجاً».. في الشارقة |
![]() |
العزوف والمقاطعة في الانتخابات التشريعية لعام 2025
|
![]() |
الامن القومي العربي هدف مشترك وتحديات المستقبل
|
توقيـت بغداد







