الأحد 2025/12/14 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 8.95 مئويـة
نيوز بار
المسؤول والاعتراف بالخطأ أو التقصير
المسؤول والاعتراف بالخطأ أو التقصير
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب أ.م.د. صدام العبيدي
النـص :

 

 

إن السمة الغالبة على المسؤولين في دولنا العربية عدم الاعتراف بالخطأ والتقصير مع أن الاعتراف بالخطأ فضيلة، وديننا الإسلامي حث على الاعتراف بالخطأ والتقصير إن حصل من الإنسان وعدَّه قيمة دينية وأخلاقية ينبغي على كل إنسان أن يتحلى به ناهيك عن المسؤول وصاحب المنصب الذي يكون تأثير خطأه وتقصير كبير، فهذا الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول دائماً: "رحم الله من أهدى إليّ عيوبي". وعندما أراد أن يحدد المهور ويحث الناس على عدم المغالاة في المهور أثناء خطبة له اعترضت عليه امرأة فقالت: "يا عمر يعطينا الله وتحرمنا، أليس الله يقول: "وإن اردتم استبدال زوج واتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً". (النساء: 20). فتراجع عمر عن عزمه على تحديد المهور وقال قولته المشهورة: "أصابت امرأة وأخطأ عمر". وقال الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه في خطبة له: "...لا تخالطوني بالمصانعة ولا تظنوا بي استثقالاً في حق قيل لي ولا التماس إعظام النفس، فإنه من استثقل الحق أن يقال له، أو العدل أن يعرض عليه ، كان العمل بهما أثقل عليه ، فلا تكفوا عن مقالة بحق، أو مشورة بعدل، فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ ولا آمن ذلك من فعلي". فكان رضوان الله عليه يقبل الانتقاد ويشجع على قبوله في حالة التقصير والخطأ. فقبول المسؤول أيَّا كان منصبه الانتقاد واللوم في حال تقصيره وخطأه حالة صحية فكل البشر يخطئ ويصيب إلا من عصمه الله لكن المسؤولين وأصحاب المناصب عندنا للأسف الشديد لا يقبلون بفكرة الخطأ والتقصير والإهمال ولا يعترفون بهذه الأمور وبالتالي فهم لا يقبلون الانتقاد ولا يسمحون به، على الرغم من أن الاعتراف بالخطأ والتقصير والانتقاد عليه لا يكون لشخصه وإنما هو لعمله أو إدارته أو سياسته للمؤسسة التي يتولى  إدارتها والقيام بواجبه فيها، فثقافة الاعتراف بالخطأ والتقصير غير موجودة في دولنا فانتقاد المسؤول والتكلم عن التقصير أو الخطأ في عمله يحرف عن مساره الحقيقي ويشخصن وكان المنتقد للمسؤول عنده خلاف شخص معه أو توجد عداوة بينهما وهذا غير صحيح لأن الشخص العادي الذي ليس لديه مسؤولية أو منصب لا يوجه إليه نقد، لكن المسؤول هو دائماً من يوجه إليه النقد بحكم أعماله ومسؤولياته والتي ينتج عن القيام بها الخطأ والتقصير لذا لا بد لكل مسؤول أن يتقبل الانتقاد بصدر رحب لكونه وسيلة لتطوير العمل وإصلاحه لا للنيل من شخصه دائماً، هذا هو المطلوب لكن الواقع غير ذلك، ففي العراق مثلاً إذا ظهرت حالة من التقصير والإهمال من قبل المسؤولين والقادة على المستوى المدني والعسكري في أمر ما ونتج عن ذلك إزهاق ارواح ناس وضياع حقوقهم كان كل مسؤول يلقي باللوم على الآخر ولا يتعرف أحد بالخطأ ولا يقر بالتقصير، فالتبرير والقاء اللوم على الآخرين هي سمة من سمات المسؤول عندنا عند حودث خطأ جسيم أو مصيبة عظيمة، وفي هذا تنصل من المسؤولية، وهو ما يؤدي بالتالي لضياع حقوق الناس، فمتى يقتدي المسؤول عندنا بأسلافه من الخلفاء والحكام وأصحاب المسؤولية على مر العصور الذين أقروا بالخطأ واعترفوا بالتقصير عند حدوثه منهم؟ إلى متى نجد خلق الاعتراف بالخطأ والتقصير عند مسؤولو الغرب فالكثير منهم يستقيل من منصبه مهما علا شأنه مدير عام كان أو وزير أو رئيس وزراء عند حدوث خطأ أو تقصير منه أو بسبب السياسة الخاطئة لمؤسسته أو زارته أو حكومته ولا نجد هذا الخلق عند مسؤولينا مع أن تراثنا الإسلامي حث على ذلك ودعا إليه؟! فالرجال العظماء هم فقط لا غيرهم من يملكون شجاعة الاعتراف بالخطأ والإقرار بالتقصير أمام مجتمعاتهم. جاء في نهج البلاغة: "من أصلح ما بينه وبين الله، أصلح الله ما بينه وبين الناس". وإصلاح العلاقة بين الإنسان وربه تكون بتوبته واعترافه بالخطأ، وهي مقدمة ضرورية لاعترافه بخطه الذي تسبب من خلاله بأذية الناس وإلحاق الضرر، وليس هناك ضرار أكبر ولا أذى أعظم يلحق بالناس من ضرر مسؤول مخطئ أو مقصر في عمله، فمن لا يملك مسؤولية أو منصب إن أخطأ أو قصر بحق الغير فإن تقصيره يكون محدود بواحد أو اثنين، أما المسؤول الذي يتسلط على رقاب المئات أو الآلاف أو الملايين يكون خطأ كبير وتقصيره عظيم فهو يمس حياة الناس وحقوقهم وكرامتهم. فهل سيأتي يوم يعترف فيه المسؤول عندنا بخطئه أو تقصيره أو إهماله؟!! نأمل ذلك.

المشـاهدات 39   تاريخ الإضافـة 13/12/2025   رقم المحتوى 68839
أضف تقييـم