الأحد 2025/12/14 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غيوم متفرقة
بغداد 9.95 مئويـة
نيوز بار
مسرحية الربع ساعة الأخيرة : حين يصبح منصب رئيس الوزراء العراقي حزورة سياسية
مسرحية الربع ساعة الأخيرة : حين يصبح منصب رئيس الوزراء العراقي حزورة سياسية
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب صباح تبينه
النـص :

 

 

 

في كل دورة انتخابية، أو عند كل منعطف سياسي يستدعي تغيير رأس الهرم التنفيذي في العراق، يُعاد عرض نفس المسرحية المملة على خشبة "المنطقة الخضراء". الجمهور هو الشعب العراقي المتعب، والممثلون هم زعماء الكتل السياسية، أما النص فهو سيناريو مكرر لعملية "كسر عظم" سياسي تنتهي غالباً بإنتاج حكومة "توافقية" هشة، لا تلبس أن تترنح تحت وطأة الأزمات .إن عملية اختيار رئيس وزراء في العراق لم تعد استحقاقاً دستوريا يُبنى على البرامج الانتخابية أو الأغلبية السياسية الواضحة، بل تحولت إلى ما يشبه "المهزلة" أو الحزورة المستعصية التي يدفع ثمن حلّها المواطن البسيط من أمنه وخدماته ومستقبل أبنائه.بالونات الاختبار ومحرقة الأسماء تبدأ المهزلة عادةً بإطلاق ما يسمى بـ "بالونات الاختبار".تسرب الكتل السياسية أسماءً معينة لوسائل الإعلام، ليس لترشيحها فعلياً، بل "لحرقها". نرى أسماءً تلمع في الصباح كمنقذين محتملين، ثم تتحول بحلول المساء إلى مادة للتسقيط الإعلامي والسياسي. هذه المحرقة المستمرة للأسماء والشخصيات الوطنية (أو حتى الحزبية) تهدف لغرض واحد: إيصال الجميع إلى قناعة بضرورة القبول بـ "مرشح التسوية".

 

رئيس وزراء بمواصفات "الموظف الكبير"

 

لب المشكلة يكمن في المعايير التي تضعها "الكتلة الخفية" (تجمع زعماء الطوائف والأحزاب) لاختيار الرئيس.هم لا يبحثون عن "رجل دولة" قوي قادر على اتخاذ قرارات مصيرية أو ضرب الفساد بيد من حديد؛ لأن رجلا كهذا يشكل خطراً وجودياً على مصالحهم الاقتصادية والزبائنية .بدلاً من ذلك، يتم البحث عن شخصية تتسم بالآتي:* بلا ظهر سياسي قوي : ليكون سهل العزل إن تمرد.* مرضي عنه خارجيا : يتناغم مع إيقاع التدخلات الإقليمية والدولية.* مدير لتصريف الأعمال : وليس قائداً للتغيير، وظيفته الحقيقية هي الحفاظ على التوازنات القلقة وتوزيع المغانم (المحاصصة) تحت مسمى "الاستحقاق الانتخابي".

 

الخطيئة الكبرى : غياب البرنامج

 

في الديمقراطيات المحترمة، يتنافس المرشحون ببرامجهم: خطة للطاقة، رؤية للاقتصاد، استراتيجية للتعليم. أما في "بازار" تشكيل الحكومة العراقية، فإن البرنامج الحكومي هو آخر ما يتم الحديث عنه، وغالباً ما يكون نصاً إنشائياً يُكتب "على عجل" قبل جلسة التصويت بساعات لرفع العتب.المفاوضات الحقيقية التي تدور خلف الأبواب الموصدة لا تناقش سعر صرف الدولار أو حل أزمة السكن، بل تناقش: "كم وزارة لهذه الكتلة؟" و"من يسيطر على الهيئات المستقلة؟" و"من يظفر بمنصب المحافظين؟". هنا تكمن المهزلة بأجلى صورها ، فالمنصب يفصّل على مقاس المصالح الحزبية، لا على مقاس الوطن.

 

هل من مخرج؟

 

إن استمرار آلية الاختيار هذه يعني استمرار إعادة إنتاج الفشل. لن يخرج العراق من نفق الأزمات المظلم ما دامت "المقبولية السياسية" تعني الخضوع لإرادة الزعامات التقليدية.إن "المهزلة" الحقيقية ليست في تأخير الاختيار أو في التجاذبات الإعلامية فحسب، بل في قناعة الطبقة السياسية بأن الشعب العراقي ما زال يصدق شعاراتهم، بينما هو يدرك تماماً أن الدخان الأبيض الذي سيتصاعد من مداخن المنطقة الخضراء لن يحمل معه سوى حكومة أخرى لإدارة الأزمة، لا لحلها .

المشـاهدات 32   تاريخ الإضافـة 13/12/2025   رقم المحتوى 68841
أضف تقييـم