الجمعة 2024/4/19 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 21.95 مئويـة
في العراق المحتل .. السماء لامريكا والارض لايران
في العراق المحتل .. السماء لامريكا والارض لايران
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب أ.د.عبدالرزاق الدليمي
النـص :

اعجبني قول واظن ان المتحدث كان عدنان الاسدي الذي لخص التقاسم بين امريكا وايران على العراق بشكل دقيق جدا حينما قال ان امريكا تسيطر على سماء العراق بينما تسيطر ايران على ارضه وهذا ما اوحى الي كتابة مقالي في جريدة الدستور العراقية لهذا الاسبوع منتهزا حلول ذكرى انطلاقتها الميمونة في 21 حزيران 2004 م  راجيا لادارتها وصحفييها دوام النجاح والتوفيق ومزيدا من العطاء والتألق خدمة لشعبنا وبلدنا الجريح.تحاول الادارات المتعاقبة  للولايات المتحدة الأمريكية في سياسة مقصودة  تكوين انطباع عالمي  انها تبذل الكثير من الوقت والجهد في العراق منذ احتلالها له في نيسان 2003 ، ولكن هذه الجهود الدعائية لم تنجح في خلق انطبعات حسنة عن العملية السياسية التي ولدت ميته في العراق بل انها مستمرة في التعثر. واصبح واضحا للداني والقاصي إن الضرر الناجم عن اعتماد الدولة الفاشلة في العراق لم ينجيها بعض الترقيعات المحدودة للقيم الديمقراطية التي يسمع بها الجميع ولا يراها في واقعه وهذا يظهر باستمرار في كل دورة انتخابية تنافس سابقاتها بالفشل. وهذا الأمر يزداد تعقيدا بشكل خاص بسبب الدور الكبير للأحزاب السياسية الإسلامية سيما المرتبطة بإيران التي تهيمن على الظاهر من المشهد السياسي.بما أن هذه الأحزاب تحاول ان تظهر للاخرين انها تؤمن بأولوية الدين في الحكم وعقيدة الخميني في ولاية الفقيه ، فإن أهدافها مدفوعة بالمخاوف الإقليمية المتعلقة بأولوية مصالح إيران وتحقيق اهدافها بدلاً من الاستقرار الداخلي في العراق وتطبيق بعض الممارسات التي تسمى بالديمقراطية - وحتى ممارسة هذه الرتوش الديمقراطية فأنها تطبق لخدمة النظام الايراني وليس خدمة للشعب العراقي الذي غالبًا ما يُنظر مثقفيه وطبقاته الواعية سيما من الشباب بعين الشك والريبة إلى ادعاء المتسلطين على النظام في العراق بأنهم يؤمنون بقيم المساواة الديمقراطية كتلك المتعلقة بالمرأة وحماية الطفل وحقوق الإنسان والمواطنة...الخ. لانه بات واضحا ان هذه الروابط المعقدة ؛ مسيطر عليها من قبل بعض الاطراف ، التي تفرض إملاءاتها على الاخرين.على النقيض من مشاركة إيران الواضحة والمستمرة في السياسة العراقية ، فإن المصالح الأمريكية في مستقبل العراق تظل غامضة لكثير من المراقبين المحليين. على الرغم من أن الولايات المتحدة صرحت بأن التأثير الإقليمي لإيران هو أحد مخاوفها الرئيسية في سياستها الخارجية في الشرق الاوسط ، إلا أن هذه الجهود معقدة بسبب تأرجح السياسة الخارجية الأمريكية تأريخيا في العراق. وتحديدا بعد الاتفاق النووي المثير للجدل لإدارة أوباما مع إيران ومناورة انسحاب القوات العسكرية الأمريكية من العراق ، والذي فسرمن العديد من الجماعات المناوئة للتدخل إلايراني في العراق بأن الولايات المتحدة تستسلم للنفوذ الايراني في العراق وتخضع لأهوائها التوسعية على حساب حلفائها العرب. وحاولت ادارة ترامب الادعاء بأن كلما حدث ويحدث هو نتيجة لصمت إدارة أوباما ومحاباته لتصرفات سليماني في البلاد وربما كان استهدافه من قبل الادارة الحالية بمثابة استمرار للرسائل المختلطة من الإدارة الحالية.ان احد اهم خطايا المسؤلين في الدولة الامريكية  العميقة  ادعائهم  بعدم  مسؤليتهم  عن الفشل  الذي يعاني منه العراق وازدياد الامراض المستعصية فيه منذ احتلاله  فالازمات تتعدد اشكالها والوانها السياسية والاقتصادية الى اختفاء السيادة العراقية وغياب حقيقي لمبدأ الفصل بين السلطات ، مع كوارث تفشي الفساد الاخلاقي و المالي والإداري وزادها وباء كورونا طينا. الواضح استمرار ايران باستغلال تردد السياسة الخارجية الأمريكية  لتوسيع نفوذها في العراق ومنه كوسيلة لتطوير نفوذ أقوى في جميع أنحاء المنطقة ، وأبدت الأطراف المدعومة من إيران في العراق القليل من الاهتمام في الحد او وقف الأزمات الكبرى في العراق. بدلاً من ذلك ، يرى المسؤولين الامريكيين ان الإجراءات الإيرانية تهدد بتقويض النشاط الديمقراطي المزعوم في العراق. وواضح تماما ان الأحزاب السياسية التابعة لإيران تعمل بطريقة متضافرة لصياغة كل الاوضاع في كل من المحافظات الشيعية والسنية من خلال العلاقات المتبادلة مع النظام الايراني. أن الحكومة العراقية التي شكلت اخيرا ستبقى عرضة بشكل خاص للمكائد الإيرانية. رغم محاولات الكاظمي مسك العصا من النصف عبر توطيد علاقاته مع سياسيين عراقيين - بمن فيهم عدد من السياسيين المعروفين بالفساد - من أجل تشكيل جبهة داعمه له اكثر منها تحديا واضحا للسياسيين الذين يتطلعون إلى الحد من النفوذ الإيراني في العراق. في الأشهر الماضية وبعد الاحتجاجات العراقية ، وبعد اجبار الشعب الثائر لحكومة عادل عبدالمهدي على الاستقالة بعث النظام الايراني برسائل واضحة إلى المسؤولين العراقيين والأمريكيين على حد سواء بأن إيران كانت و ما تزال تسيطر بشكل كبير على تمرير الوزارات وتوجيه كتل التصويت. ورغم الاعتقاد غير السليم لبعض المتفائلين بغد مشرق في العراق يبدو واضحا نجاح حلفاء ايران في السيطرة على مصدر كبير للسلطة في الحكومة العراقية الجديدة وتأثير ذلك ايضا في الموقف الثابت والواضح في السياسة الداخلية والخارجية ، علاوة على ذلك ، تستمر مواقف حلفاء ايران في التعارض مع الرسائل المختلطة لمسؤولي وزارة الخارجية طوال العملية الملتوية لتشكيل الحكومة العراقية الحالية ، بما في ذلك قبولهم الواضح لنتائجها على الرغم من وجود أدلة دامغة على شبهة الفساد على بعض من رشحوا من هذا الطرف او ذاك. ان اعتماد المسؤولين الأمريكيين على رؤية تشوبها كثير من الضبابية وعدم الوضوح في العراق ، وعمق تأثير اللاعب الايراني جعل البلاد تفتقر إلى آفاق جدية لحكومة عراقية معتدلة محررة من النفوذ الخارجي على الإطلاق. وهذا ما زاد من شكوك بل وفقد العديد من العراقيين الذين اعتمدوا على رؤية الولايات المتحدة للاعتدال والديمقراطية كنموذج لبلدهم الثقة في السياسة الأمريكية. إن فعالية حلفاء ايران في الترويج لأهدافها جذابة بالمقارنة مع محدودية التأثير الامريكي، واستمرار هذه الظاهرة قد يكون بمثابة ضربة قاصمة  للمستقلين والمعتدلين والديمقراطيين وللمصالح الأمريكية المستقبلية في العراق. وهنا قد يتساءل البعض عن الحل ونقول ....الحل واضح: يجب أن يكون للولايات المتحدة وممثليها في العراق مواقف واضحة في السياسة العراقية وأن يثبتوا أن العمل مع الولايات المتحدة له فوائد واضحة للعراق. يجب ألا تسمح الإدارة الأمريكية لموظفيها بإعادة تدوير نفس السياسات التي تبنتها إلادارات السابقة سيما في عهد أوباما في العراق ، خاصة وأنها لم تعد تعكس حجم تركيز الولايات المتحدة المتجدد بشكل عام على إيران. لعل الطريقة الأكثر فعالية والأسرع لاستعادة النفوذ الأمريكي الحميد هي تنفيذ الاتفاقيات العراقية الأمريكية القائمة. ويمكن لأميركا أيضًا أن تساهم في تحقيق المصالحة بين طوائف العراق المختلفة من أجل إعادة إشراك العراقيين الوطنيين من كل الشعب في العملية السياسية من خلال منحهم البيئة والإحساس بأنهم لاعبون اساسيون ولهم دور بارز في مستقبل العراق. ربما تستطيع الولايات المتحدة تخصيص المزيد من الموارد لدعم عملية اللامركزية في البلاد ودعم الجهود لاعادة بناء منظومات القوات المسلحة للبلاد. كما يجب على الولايات المتحدة العمل لدعم وسائل الإعلام العراقية التي يمكنها مواجهة الدعاية الطائفية الإيرانية التي تسعى لنشر الانقسام بين شعب العراق. ومع كل ما اشرنا اليه ، فأن ذلك لا يعني أن الولايات المتحدة مسؤولة من جانب واحد عن الكوارث والازمات التي يعاني منها العراق ، فالقوى الوطنية واخص منها  ثوار الشعب  يجب أن تحتفظ  بقدرتها وتمارس ضغوطها الجماهيرية المنظمة  الواعية  للضغط على حكومة الكاظمي  وتشجيعها على التصرف بشكل مستقل في القضايا السياسية والاقتصادية ومنها لعب دور واع  في أسواق النفط ، مهما كانت طبيعة  الاوضاع مؤشرات السوق والصراعات الإقليمية. إن تعزيز الشراكة العراقية الأمريكية يجب ان يتحول  من مجرد دعوات الى واقع فعلي  من خلال الاستثمار الأمريكي في العراق ، وعبر التعاون الذي سيحقق في نهاية المطاف فوائد اقتصادية واستراتيجية لكلا البلدين..فالولايات المتحدة هي المسؤولة عما حصل وسيحصل في العراق من نيسان 2003   ولذلك فمسؤليتها القانوية والاخلاقية تبقى تلاحقها الى يستعيد العراق وشعبه عافيتهما التي سلبت منهما منذ 17 عاما عجافا.

المشـاهدات 1121   تاريخ الإضافـة 24/06/2020   رقم المحتوى 7574
أضف تقييـم