أضيف بواسـطة addustor

 

بغداد ـ رحيم الشمري

مازال الضباط العراقيين المشاركين بحرب تشرين 1973 حرب أكتوبر او رمضان او گيبور" على قيد الحياة ، وشهادتهم بالتاريخ تحفر بانقاذ دمشق وتحرير ثلث ارضي الجولان السورية وكامل سيناء المصرية ، وما حصل من تداعيات وتأثيرات ما زالت قاىمة لحد الان ، فالحرب استمرت 20 يوما لكنها القوى وتداعياتها ، بعد كل السنوات الطويلة المضت وما يحل حاليا جراء تأثيراتها الى الان(الجولان محتل ، مصر والاردن اقامت علاقات دبلوماسية لكن العلاقة متوترة لحد الان ، دول الخليج تسير نحو التطبيع والسلام ، العراق ما زال يعاني من تدخلات امريكية إسرائيلية نتيجة مشاركته بقوة بتلك الحرب التي دفع ما يقارب من 80 بالمئة من القوات المسلحة مع الجهد المالي والسياسي الضخم) ، وشهادات صحفيين يؤكدون ان جهد عراقي لا مثيل له والبعثة الصحفية الإذاعية والتلفزيونية قامت بدور شجاع وكبير بنقل احداث المعركة من القاهرة ودمشق وأرض القتال وتواجد محسن حسين ومحمد سعيد الصحاف ومعاذ عبد الرحيم ، وبقيت دماء 835 شهيد مدفونين بالجولان والغوطة والسيدة زينب واخرين مفقودين وجرحى بالمئات ، شاهد على موقف العراق من قضية فلسطين وانتزاع الاستعمار والصهاينة للأرض العربية .ويؤكد السفير والملحق العسكري المتقاعد وعضو اتحاد المؤرخين العرب الباحث سليم الامامي امر لواء ابن الوليد المدرع 12 برتبة مقدم ركن بحرب تشرين ، اول الوية وصلت الى ارض معركة الجبهة الشمالية السورية ، واوقفت تقدم القوات الاسرائيلية باتجاه دمشق ، ودمرت وإعادت القوات المهاجمة الى مسافة كبيرة وأبعدت الخطر وأنقذت شرف الأمة العربية والنساء والاطفال بسوريا العربية ، وعلمتنا الحرب نحن ضباط العراق والقوات المسلحة والمشاركة درس مهم في التاريخ ، ومن يريد الحوار السياسي التركيز على ذالك الحدث المهم ، ودروس ابعادها العسكرية والستراتيجية والسياسية ، والرؤية البعيدة الامٌد ونعيش اليوم تأثيراتها بعد كل السنوات الطويلة التي مضت دخلنا الحرب يوم 12 تشرين أول 1973 ، حين هاجمنا أربعة ألوية مدرعة للعدو ، وقد أورد موشي دايان وزير قوات الدفاع الاسرائيلية في كتاب له بالنسخة الانكليزية عن تلك الحرب إن أعلى معدل لخسائرهم على الجبهة السورية كان يوم وصول القوات العراقية واندفاع التصادم والصدمة والتصادف ، وأقر الجنرال يعقوب عميدور قائد استخبارات الجبهة الشمالية الاسرائيلية مع سوريا ، أن جيش العراق أوقف تقدمهم لضم المزيد من أرض العرب بإتجاه دمشق ودرعا ، ودرس مهم مسار خطة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر التي بدأها بحرب الاستئنزاف عام 1967، بإخراج الدبابة والطائرة والصاروخ الاسرائيلي من المعركة وتطبيق خطط بمساندة واسناد الاتحاد السوفيتي انذاك ، مما ادى الى فشل القوات الاسرائيلية وتدمير كبير لحق بجيش الدفاع وتحطيم أسطورة بنيت اعلاميا ، لذا من يفهم نمط الحرب ، يكون ربح نصفها ، ويعلم الله اننا قاتلنا باندفاع مميز بشهادة قادة جيوش العالم .ويرى الفريق الركن المتقاعد صبيح عمران الطرفة ضابط ادارة وحركات لواء ابن الوليد برتبة نقيب ركن حينها ، ان بقاء هؤلاء الحكام العرب يمثل بقاء الكيان الصهيوني وبقاء التحرك الاستعمارية للوطن العربي ، من ضرورات ترسيخ الكيان الصهيوني ، والحركات السياسية التي تتالت على الحكم وتاييد الحزم بقا ء الكيان ، لذلك حرب تشرين ذكرى خالدة في قلب كل من شارك فيها ، اضافة الى مشاعر العراقين والعرب الشرفاءً كانت همة وفزعة واصرار على قتال العدو الصهيوني رغم ايماننا ان من خطط لها لا تنقصهم العمالة والخيانة للامة والشعب ، لذلك كانت فزعة من العراق لمشاركة اشقاءهم العرب في الحرب ، واشدد القول فزعة كما نسميها لانها ابتعدت عن كل ما تتطلبه الاعداد للعملية العسكرية ، ابتدات من انذار القطعات التي كانت منهمكة في التدريب على القتال وتحولت في ليلة وضحاها الى حٌلة القتال حيث تداخلت اعمال الاركان مع اعمال الاستعداد القتالي ، واعمال القيادات مع شحذ الههم للاسراع في التنفيذ فتداخلت الاعمال من الادامة الفنية  للأسلحة والمعدات الى تهيىتها للقتال ثم للحركة ، لنصبح في صباح اليوم الثالث في مواجهة طيران العدو في منطقة الفقيه اي فجر يوم العاشر من اكتوبر عام 1973 ، ودافعنا وحررنا ما يقارب من ٤٠ كيلو متر مربع من ارضي الجولان السورية ، ولو أتيح لنا القتال لحررنا اكثر لكن حال دون ذالك وقف اطلاق النار ، يبقى الوضع على ما هو عليه الى ما شاء الله ، وينحدر الاسوا حتى ظهور قائد عادل ثوري وشجاع ووحدوي ، او الى ان يظهر الامام الحجة عجل الله فرجه ، وبعد سنوات العمر تتجلىٌ ستفوق الأمة العربية والإسلامية من غفوتها ، لتثور على واقع أنظمة تحكم وتحرر الارض والعرض .وتحدث الفريق الركن المتقاعد سعد العلكاوي الذي كان برتبة ملازم دفاع جوي امر رعيل لبطاريات مقاومة الطائرات لحماية الوية القوات العراقية المدرعة ، بشهادة ان قيادة اللواء 12 بإمرة المقدم الركن سليم الامام ادت دوراً كبيراً قي محور المعركة ، وللتاريخ ان لقيادة الحرب رجالها وشراسة وشجاعة افشلت تقدم احتلال دمشق ، واذكر موقف لا ينسى عند عودتنا للعراق واستقبالنا بالحدود السورية نحو مدينة الرمادي حتى العاصمة بغداد باتجاه تكريت ، ان الجماهير وقفت قادمة من البصرة واربيل وكافة المناطق لتستقبل القوات ، واي مكان نمُر به المطاعم والمحلات واصلاح العجلات يتم مجانا لرتل القوات العائدة ، وبقيت ذاكرة يوم دخولنا بغداد لمدة ثمان ساعات واستفبالنا من القيادة العراقية والرئيس الراحل احمد حسن البكر لا تنسى على مر التاريخ ، وارادت الجماهير ان ترفع الدبابات والعجلات على رؤوسها واكتافها وادت التحية والهتافات القومية للضباط والجنود .ودونت ذكريات لواء الشرطة المتقاعد الدكتور اكرام عبد الرزاق المشهداني ، وسيطرة الشرطة العراقية على الإوضاع الامنية الداخلية بايام الحرب رغم ذهاب معظم الجيش الى القتال خارج البلاد ، واشار عن ذكرى أيام حرب تشرين 1973، يقول وقتها كنت برتبة ملازم اول في مديرية تحقيق الادلة الجنائية ، وكان شهر رمضان المبارك ، وفجأ رن هاتف البيت الارضي حوالي الخامسة عصراً ، واذا صوت احد رفاقي بالعمل المرحوم مؤيد بشار ويخبرني بصوت مرتفع مختلط بالبهجة ، مبروك سيدي لقد عبرنا القناة واسقط الجيش المصري خط بارليف ، واسرعت للمذياع ، واستمعت للبيانات العسكرية الحماسية من اذاعة صوت العرب تؤكد البشرى ، بعبور الجيش العربي المصري قناة السويس ونجاحه في اختراق خط بارليف ، واسقاط اسطورة الجيش ا لاسرائيلي الذي لا يقهر وذاعات تبث انشودة الله اكبر الخالدة ، وتوالت البيانات واخبار عن انتصارات متحققة ودخول الجيش المصري في عمق منطقة سيناء ، واستعادتها من العدو الصهيوني ، كما جاءت اخبار عن اشتراك الجبهة السورية بالمعارك باتجاه الجولان ، وبعد فترة بث التلفزيون العراقي بيانا من القيادة العراقية بان العراق تلقى خبر الحرب من الاذاعات ولم تتم مفاتحته للمساهمة في هذه الحرب ، ومع ذلك قررت القيادة ارسال القوات العسكرية الى الجبهة السورية للمشاركة في الحرب ضد العدو الصهيوني ، وفي اليوم التالي شهدنا في شوارع بغداد ، تحرك الدبابات العراقية تسير ارضا على السرف لعدم توفر عدد كاف من ناقلات الدبابات ، كما تم اشتراك طائرات القوة الجوية العراقية في المعارك فوق سيناء وفي الجبهة السورية ، كانت الحالة الشعبية العامة ابتهاج والفرح ، والتضامن واسناد لقرار القيادة بالمشاركة في الحرب ، وشارك المواطنون في توديع قطعاتنا العسكرية ودباباتنا المتجهة الى جبهات القتال . وعلى الجانب الامني ، فقد كانت مساندة المجتمع وتوقف شبه تام للجرائم واستنفار جهود قوات الشرطة انعكاس تام على الاستقرار رغم الحرب ، فقد جاءت حالة ابتهاج والتعاطف مع قرار الحرب ، في وقت الناس في بغداد على مدى شهرين ، فجاءت اخبار الحرب وفرحة انتصارات العربية والمشاركة العراقية ، وفي بداية تشرين الثاني 1973 سافرت الى القاهرة ، بسفرة شخصية شاهدت اجواء ما بعد الحرب حيث التعتيم واطفاء انوار ، كما لاحظت دبابات وآليات عسكرية صهيونية والتي غنمها الجيش المصري ، تستعرض في شوارع القاهرة تعزيز للمعنويات العامة خاصة بعد حصول ثغرة الدفرسوار الشهيرة ، كما شاهدت دبابة عسكرية اسرائيلية من غنائم الجيش المصري معروضة في مدخل جامعة القاهرة ، وفوهتها الى الاسفل، وبعض الناس يصعدون فوقها ، والتقطت لها صور ،  وكنت اراجع كلية الحقوق بجامعة القاهرة للتسجيل على دراسة الماجستير . وشدد السياسي والصحفي المخضرم معاذ عبد الرحيم على ان ، حرب تشرين تمثل نجاح باهر للقوات العربية عندما عبرت قناة السويس وحطمت أسطورة الجيش الإسرائيلي كاقوى جيش فى الشرق الأوسط ، وادهش الجنود المصريون عبور خط برليف الذي أقامته إسرائيل في سيناء على ضفاف قناة السويس ، وباتت العملية البطولية تدرس في المعاهد العسكرية العالمية ، ولكن الانتصار العظيم ضاع وذهب لاحقا من جراء تصرف الرئيس المصري السادات عندما قام بزيارة إسرائيل بعد خمس سنوات من الحرب ، وعقد معاهدة كامب ديفيد معها في أمريكا ، ولو أخذ السادات برأي رئيس أركان الجيش المصري الفريق اركان حرب سعد الدين للشاذلي ، عندما أستطاع الجيش الإسرائيلي عبور خط قناة السويس واجبار السادات على التراجع والتفريط بانتصار عربي كبير سيخلده التأريخ ، ولو استمرت الحرب اسبوع واحد اخر  لاستطاع الجيش السوري من دفع القوات الإسرائيلية إلى الوراء بمساعدة القوات العراقية ، ولاستطاع الجيش المصري التقدم إلى الأمام ومع اصرار إسرائيل أن السادات يتحمل مسؤولية ضياع الجولان في سوريا ، والسماح للقوات الإسرائيلية من عبور جيوشها قناة السويس ومحاصرة قطعات من الجيش المصري واجبار السادات على  التسليم وقبول الهدنة ووقف اطلاق النار . وتحدث الدكتور طه جزاع الكاتب والصحفي ، كنتُ لا زلتُ شاباً يافعاً ، أستعد للتوجه إلى الكلية حين اندلعت حرب السادس من تشرين الأول اكتوبر في العام 1973 ، وكانت أياماً رمضانية مشهودة باقية في الذاكرة رغم مرور ما يقرب من نصف قرن على حدوثها ، حيث وافق ذلك اليوم الذي اندلعت فيه الحرب ، يوم العاشر من شهر رمضان ، ولما كان بيتنا قريباً من الشارع العام في المنطقة المقابلة لمعمل بسكولاتة كلية الإعلام بالجامعة العراقية حالياً ، فقد كنا نحن شباب المنطقة وحتى رجالها ونسائها وشيوخها وأطفالها ، نهرول منذ الصباح إلى الشارع العام لتوديع قطعات الجيش العراقي ، ورؤية الدبابات المنقولة على الناقلات الطويلة ، يعتليها الجنود ونحن نودعهم بالهتافات الحماسية والدموع ، ونتمنى أن يأخذونا معهم إلى جبهات القتال ، وشاهدتُ بنفسي شباناً يركضون وراء الناقلات حتى يتمكنوا من لمس أحذية الجنود وتقبيلها وهم في غمرة عارمة من البكاء ، في مشهد يعكس مقدار الحماسة والاندفاع في نفوسهم . وحين ينقطع الشارع من مرور الآليات العسكرية وتحمل الضباط والجنود ، فإن الجميع يعودون إلى بيوتهم للانكباب على أجهزة الراديو وسماع المحطات الاذاعية العربية والأجنبية ، وتنقل أخبار الحرب التي كان العرب يحلمون بأن ترد بعض كرامتهم التي أُهدرت قبل ست سنوات في هزيمة الخامس من حزيران المروعة .

المشـاهدات 4147   تاريخ الإضافـة 06/10/2020 - 22:36   آخـر تحديـث 28/03/2024 - 14:16   رقم المحتوى 8727
جميـع الحقوق محفوظـة
© www.Addustor.com 2016