الجمعة 2024/4/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 34.95 مئويـة
ما بين اصلاحكم الاقتصادي وخرابه الارتدادي ردهة انعاش وحيدة
ما بين اصلاحكم الاقتصادي وخرابه الارتدادي ردهة انعاش وحيدة
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د. حيدر عبدالامير الغريباوي
النـص :

يتسابق الاقتصاديون في طرح ما بحوزتهم من حلول سحرية(تدميرية) سعياً منهم في إبداء مشورتهم الارتجالية الهزيلة التي لا تصيب سهامها إلى أفئدة الفقراء والمظلومين في بلدنا الذي تهالك فيه كل شئ (الانسان والحيوان والحجر) واضعين أنفسهم داخل قوالب لم تصمم بالأساس في اعادة بناء الوضع المزري الذي يمر به الاقتصاد في العراق..والاكثر غرابة ان اغلب المختصين في الاقتصاد يشير الى حلول التقشف وفرض الضرائب على مرتبات الموظفين وضغط النفقات بشكل عام متناسياً ان ذلك يقود الى تعميق ظاهرة الكساد وما يترتب عليها من انعكاسات كارثية على مستوى الاقتصاد الكلي للبلد.والمتتبع لتصريحات الاقتصادين سواء المرية منها او المكتوبة في رؤاهم للإصلاح الاقتصادي يجدها وصفات ‏مستنسخة حرفياً؛ ولكن كشفت الأزمة المالية وانعكاساتها المجتمعية والتجارية عن عدم وجودِ معرفةٍ كافية عند الاقتصاديين فيما يخصُّ دورة ‏الأعمال، فدعوات تخفيض نسبي في رواتب الموظفين مع فرض المزيد من الرسوم والضرائب ورفع اسعار الطاقة سيؤدى بالتأكيد الى انخفاض ‏الطلب الكلى مما سيزيد من اتخفاض مغدلات النمو ‏وبالتالى الى الانكماش الاقتصادى.‏نعلم بأن الهدف من أولئك الذين يدرسون الاقتصاد الكُلِّي هو فهمُ تقلُّباتِ الاقتصاد واكتشاف متى يجب على الحكومات أن ‏تتدخل أيضًا، ولكنَّ ‏لا يعني طرح ما يُسبِّب الركود.‏انها دعوة لكل من يطرح هكذا وصفات كارثية ان يعود لمطالعة قادة الفكر الاقتصادي في طروحاتهم العلمية والعملية امثال كينز في معالجة حالات التدهور الاقتصادي. تدعو هذه النظرية التي وضعها "جون مينارد كينز" إلى تدخل الحكومة، للمساعدة في التغلب على انخفاض الطلب ‏الكلي، وذلك من أجل الحد ‏من البطالة وزيادة النمو " ‏حيث ممكن أن يؤدي الأخذ بتلك الطروحات الى الانخفاض في نفقات المستهلكين ومن ثم انخفاض النفقات الاستثمارية من جانب الشركات، وذلك كرد فعل من هذه الشركات على ضعف الطلب على منتجاتها. فإذا كان المضاعف المالي أكبر من واحد، فمن شأن زيادة دولار واحد في الإنفاق الحكومي أن تؤدي إلى زيادة الناتج بمقدار يتجاوز الدولار.اندفعت البلدان الصناعية بعد الحرب العالمية الثانية إلى اعتماد المقاربة التي كان قد بلورها كينز في ميدان علاقة الدولة مع الاقتصاد. اعتمدت الحكومات الغربية الرئيسية، خصوصاً إنجلترا وفرنسا برنامجاً راديكالياً حلّت الدولة بموجبه محل القطاع الخاص كمستثمر في القطاعات الصناعية الرئيسة. طبّقت في ذلك مقولة كينز في ضرورة أن تلعب الدولة دور «المستثمر الأول» (The first investor) في حال ثابر رأس المال الخاص على الإضراب عن الاستثمار. بنت الدولة في الغرب اقتصاداً منتجاً كان نقيض اقتصاد «أصحاب الريوع المالية» الذي ساد بين الحربين. ودافع "كينز" عن السياسة المالية التوسعية، وانتقد الفكرة الكلاسيكية المتمثلة في المزاحمة الاقتصادية، في حالة انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، تنخفض الاستثمارات في القطاع الخاص. وعد الطلب مصدراً للنمو يتبادر إلى الذهن مباشرة حين نتحدّث عن الطلب، أن المقصود هو الطلب الاستهلاكي. بل يشمل الطلب على السلع الاستثمارية كآلات ومواد أولية ووسيطة، العنصر الأهم في الطلب عند كينز. ويضع كينز الاستثمار في المنزلة الأولى كمحرّك للطلب والنمو الاقتصادي.يأتي الاستهلاك في المرتبة الثانية بعد الاستثمار كمحدّد للطلب. جعل كينز في الأساس من الميل الحدّي لاستهلاك الدخل، أي نسبة الدخل المخصّصة للإنفاق الاستهلاكي، العنصر الأساس في تعريف «مفاعل الإنفاق».. لكن أروع ما قدمته الكينزية إظهار أن الاستثمار الخاص هو في الأساس غير ملائم وغير كافٍ، وأن ذلك يفرض على الدولة أن لا تكتّف أيديها، بل أن تحل محل هؤلاء المستثمرين. وهو ما عبّرت عنه مقولة «تأميم الاستثمار» (investment socialization) التي نادى بها كينز، وأخذت بها البلدان الصناعية بعد الحرب العالمية الثانية.. تشكل هذه المواقف أفضل رد على المقاربات البائسة والسقيمة التي تتحف بها المؤسسات الدولية (كصندوق النقد الدولي) بلدان العالم الثالث ومسؤوليها، وتقوم على تدمير قدرة الدولة على الفعل. وذلك من خلال تطبيق مقولة «دولة الحد الأدنى»، والاكتفاء بتكتيف الأيدي في انتظار مجيء الاستثمار الأجنبي المباشر. ردهة الانعاش الوحيدة تتمحور في اتجاهات رئيسة : الاول : حصر الاموال المنهوبة طيلة سبعة عشر عاماً والمقدرة ب (800) مليار دولار واستحصال القدر المستطاع منها ودور الجهاز الرقابي والقضائي بهذا الشأن. الثاني : إيقاف نافذة العملة : حيث تتمحور الفكرة الأساسية لمزاد العملة حول "بيع الدولار إلى المصارف الأهلية وشركات التحويل المالي لإدارة عملية استيراد البضائع" ‏وتصل مبيعاته من الدولار يومياً إلى حدود 180 مليون دولار وهي واجهة استنزاف للدولار وفرصة لبعض المصارف التي تمتلكها ‏جهات متنفذة لتحقيق أرباح كبيرة"، تتحدث غالبية التقديرات عن أكثر من 500 مليار دينار باعها البنك المركزي في عملياته اليومية ‏المستمرة منذ عام 2003، حيث يقدر حصيلة غسيل الأموال من المبيعات اليومية للبنك المركزي بنحو "15 بالمئة"، علماً لم يتوقف ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة منذ عام 2014 عن إرسال تقارير إلى مجلس النواب تؤشر ‏عمليات تهريب للعملة ‏الصعبة وخروقات مالية كبيرة تحصل في نافذة بيع العملة ترتكبها بعض المصارف ‏الأهلية وشركات الصيرفة،وتتحدث التقارير عن أن حجم مبيعات البنك المركزي من الدولار إلى هذه المصارف والشركات الأهلية تصل ‏إلى 45 مليار دولار في ‏السنة جميعها تذهب إلى خارج العراق من دون دفع ضرائبها، وبدورها تقدر الضرائب الفعلية لهذه المبالغ بنحو عشرة تريليونات دينار عراقي سنوياً، في حين لم تستلم الدوائر ‏المالية سوى تريليون دينار ‏عراقي سنوياً فقط . ثالثاً : وضع موازنة حكومية استثمارية تحقق هدفين هما تمويل «التعلّم» التكنولوجي، وتمويل تطوير البنى التحتية. من أجل تطبيق برنامج دعم وتمويل مؤسسات صناعية جديدة تدعم رفع مستويات الإنتاج .  رابعاً : يجب أن نميز بين من يبحث عن (وظيفة) ومن يبحث عن (عمل) ودور وزارة التخطيط في العراق في وضع أسس لذلك من خلال التعبير عن وجود رؤية اقتصادية شاملة ‏لتوجيه قوى السوق في ظل وباء كورونا الذي يمثل تهديدًا جديدًا لتعطل النموذج الاستثماري الذي كان يعاني من الكثير من الخلل قبل هذه الأزمة، مع ما يفرضه الحظر من صعوبات بشأن تدفق العمال بسلاسة لمواقع الإنتاج، أي أن العرض في مشكلة،  والطلب أيضًا في مشكلة إذ إننا أمام مستهلك منهك من إجراءات التقشف التي طبقها العراق منذ 2016 تحت وصاية صندوق النقد ‏الدولي وازدياد الدين الخارجي. خامساً : حضور الدولة الفاعل في الحياة الاستثمارية، ممثلة عن مصلحة المجتمع، وذلك باستخدام أدواتها النقدية (أسعار الفائدة) وسياساتها المالية، لكي تصلح الخلل الذي يصيب أيًا من أجزاء التقدم الاقتصادي، فإذا نظرنا لسياسات العراق منذ 2003  إلى الوقت الراهن سنجد أنها مع سياسات كينز، ‏وضدها في نفس الوقت. لقد أدرك العراق أن تطوير الاقتصاد لا يتطلب فقط تحديث الصناعة ‏ولكن أيضًا بناء قاعدة انتاجية حقيقية، فـالإنتاج الحديث واسع النطاق يحتاج لاستهلاك واسع ‏النطاق أيضًا، لذا كان من المنطقي أن يفكر النظام الاقتصادي في العراق في اتباع سياسة ‏تشغيل كل الخريجين حتى لو اقتضى الأمر توظيفهم في ‏وظائف إدارية تكاد تكون منعدمة ‏القيمة أو أنشطة منخفضة الإنتاجية‏ ، فهي طريقة لتوفير الدخول لهم لكي يقوموا بالاستهلاك .‏ سادساً : إيقاف 80% من الاستيرادات خصوصاً الاستيرادات من دول، حيث تداولت تقارير رسمية وصحفية أرقاماً هائلة فيما يتعلق باستيراد العراق لسلع تتجاوز حدود حاجته، حيث تبين الوثائق الرسمية أن بعض تلك المواد المستوردة تضاعفت بحدود ألف مرة عما كان العراق يستورده في سنوات سابقة بينها استيراد الطماطم والفستق.

المشـاهدات 1394   تاريخ الإضافـة 15/10/2020   رقم المحتوى 8846
أضف تقييـم