يقول أحد الأخوة المواطنين من سكنة احدى المحلات القديمة في بغداد، لقد كنا نسكن في بيوتنا آمنين مطمئنين بسبب وجود الحراس الليليين والمختار الذي هو واحد من أقدم الساكنين في المحلة و معروف بنزاهته وأخلاقه الحميدة .. وكان يشكل هو والحراس مهمتين متصلتين ببعضمها البعض، حراسة أمنية للدور ليلاً وحمايتها من خفافيش الليل العابثين بالأمن والحد من حالات السطو المسلح والسرقة والقتل ما دامت الطرقات محملة بتواجده ومراقبة بعيونه الساهرة .. وفي الوقت نفسه (المختار) المسؤول عن تسجيل سكان المحلة القدماء والجدد وتوجهاتهم وعناويتهم ومهنهم منعاً من دخول الغرباء .. وان معظم الحوادث الأرهابية التي حصلت في عدد من الأحياء السكنية كانت بسبب غياب المختارية واستئجار الغرباء لبيوت او محلات تجارية دون أن يعرفهم أحد من أهالي المحلة .. ولا تخفى الحوادث المؤسفة التي حصلت نتيجة غياب مهمة (المختار) والحراس الذين كانوا يجوبون أزقة المحلة ويحرسونها من الغرباء... فقد فقدت الأحياء السكنية خلال أعوام ما بعد السقوط والاحتلال، هاتين المهمتين ، الحراسة الليلية الرصينة والمختار الامني .. اما الان فالمختار يجهل عناوين الأزقة وساكنيها ولا تهمة أية معلومات سوى حصوله على (المبلغ المعلوم) لقاء التوقيع أو ختم الطلب الذي يتحمله المواطن ومن دون أن يعرف أحدهما الآخر وما دامت الجهات المعنية قد أدخلت الحوكمة الالكترونية في انجاز المعاملات فأن تجربة عودة المختارين من جديد ما هي الا تكريس لهموم سابقة غادرتنا ولا بد من أيجاد البدائل التقنية الناجحة والمناسبة للظروف الحالية والعصرية المجتمع الجديد.

ابو فاطمة