السبت 2024/4/27 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 34.95 مئويـة
وراء القصد أتعلمين أي حزن يبعث المطر؟
وراء القصد أتعلمين أي حزن يبعث المطر؟
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب محمد السيد محسن
النـص :

في قصيدته "انشودة المطر" يصف الشاعر بدر شاكر السياب عن لحظات المطر المخيفة ، رغم ان المطر بشارة خير ، فيقول :

 

دفء الشتاء فيه وارتعاشة الخريفْ،

والموت، والميلاد، والظلام، والضياءْ؛

فتستفيق ملء روحي، رعشة البكاءْ

ونشوةٌ وحشيّةٌ تعانق السماءْ

كنشوة الطفل إذا خاف من القمرْ!

كأن أقواس السحاب تشرب الغيومْ

وقطرة فقطرةً تذوب في المطرْ

 

وفي قصيدة بصرية ثانية كتبها سعدي يوسف بعنوان "سالم الزروق" يصف زوجته :

هي حلوةٌ ياسالم’ المرزوق’ يذبلها البكاءْ

هي طفلة ٌ ما زال يفرحها القمرْ

وتخاف ان هطل المطرْ

وبقي المطر عند العراقيين  بشارة خير وفي نفس الوقت خوفاً مستديماً ، لذلك ترى ان العراقي اكثر من يتحسس من المطر رغم انه سقوط حبات من السماء لا غير ، وكنت في صغري وما زلت احب اتابع الأفلام الهندية ، وكنت استغرب من الهنود كيف يحبون المطر ، ويغنون وسطه ، بل وكنت استغرب من هطول المطر بغزارة عند الصيف ، حيث يرتدي الممثلون الزي الصيفي والمطر ينهمر عليهم بغزارة.

وفي الحديث عن المطر يذكر احمد سوسة في كتابه "تطور الري في العراق" كيف ان العراقيين القدامى  لم يفكروا بخزن مياه الامطار ، مثل الشعوب المحيطة بهم ، وكيف اثرت ثقة العراقي بنهريه العظيمين دجلة والفرات ، ولم يحسب العراقيون أي حساب لشيخوخة هذين النهرين ، حتى اذا جاءت هذه اللحظة بقي العراقي يخاف من المطر بيد انه لم يفكر ولحد الان بطرق متجددة للحفاظ على نعمة المطر ، وعلى الرغم من قحط الصيف ، ودخول العراق منظومة التصحر بعد تكتيف الأنهار من سامراء الى ذي قار ومن ثم تجفيف الاهوار ، حيث يورد "ماكس فان دير شتويل" ، مراقب حالة حقوق الانسان في العراق طيلة ثمان سنوات أيام حصار التسعينات ، يورد في احد تقاريره بأن حكومة صدام حسين جففت اكثر من ٢٥٠ نهراً ونهيراً من روافد وأبناء وبنات نهري دجلة والفرات ، ومجموع ما تم تجفيفه في العراق كان اكبر من مساحة الدولة اللبنانية  مقدارها اكبر من مساحة لبنان، الامر الذي جعل من التصحر شبحاً يهدد العراق رغم مرور نهرين فيه.

وبقيت حالات التحوط من القحط والجفاف في العراق لا تتناسب وحجم الكارثة التي تتطور يوما بعد اخر ، بسبب تقصير حكومي عمره اكثر من سبعين سنة ، حيث ان الحكومات العراقية التي تسمى بالوطنية ، أي بعد الانقلاب على الملكية عام ١٩٥٨ توقفت في تطوير وسائل الري وخزن المياه ، ويكفي ان تسمع ان نهري دجلة والفرات لم ينظفا من الرين منذ عام ١٩٧٨ وهذا بحد ذاته ينم عن تقصير كبير طيلة الحكومات السابقة والحالية، فصارت انهار العراق عبارة عن أنبوب مائي يؤدي الى المياه المالحة في الخليج ، فضلا عن استغلال النهرين بالوعات للنياهرالثقيلة والازبال.

والمثير بالامر ان العراق عاد الى فترة الثلاثينات حين لم تكن في العراق سدود لمعالجة فيضانات النهرين ، فكان فيض المياه موسم "الزود" وهو عكس الصيهود – الجفاف ، يهدد العراقيين في مزارعهم ، ومحاصيلهم ، بيد ان العراق وبعد ضياع زراعته منذ احتلال البلاد عام ٢٠٠٣ ولحد الان ، باتت المدن هي التي تعاني من الامطار ، فتحولت بشارة الخير عند بلدان كنقمة في العراق ، رغم ان زود المياه لا يمكن تسميته بالفيضان ولا تنطبق عليه شروط الفيضان ، حيث ان التقصير الحكومي في المدن هو الذي يجعل من الامطار نقمة على العراقيين تزيد من تخوفاتهم المتوارثة وعند كل موسم امطار يمارس بعض العراقيين مازوخية قل نظيرها ، حيث يستمتعون بمعاناتهم مع الامطار.

لذا فالعراقيون في الصيف ينتظرون الغيث ويتذمرون منه في الشتاء ، والحكومات المتحزبة قلدت سابقاتها في عدم التعامل مع المطر عنصر غيث للمدينة والقرية.

المشـاهدات 85   تاريخ الإضافـة 25/03/2024   رقم المحتوى 42564
أضف تقييـم