السبت 2024/4/27 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 21.95 مئويـة
ديمقراطية الخوذ
ديمقراطية الخوذ
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب غريب دوحي
النـص :

ان شعوب الشرق والتي كانت خاضعة ولفترة طويلة للتقاليد السياسية القائلة بحق الملاك الالهي في الحكم باعتبار ان الحاكم هو ظل الله في الارض قد قاومتعوامل النهضة الفكرية غير ان بعض الشباب أدركوا اهمية هذه النهضة وتأثروا بمبادئ الثورة الفرنسية التي لعبت دورا كبيرا في بلورة الفكر الديمقراطي في العراق ابان العهد العثماني وحتى عهد الاحتلال البريطاني له . وهكذا كانت فكرة تأليه الحكم صناعة شرقية , وبذلك اصبح الشرقالنموج الامثل للدكتاتورية بعكس الغرب الذي وصف بأنه النموذج الامثل للديمقراطية, وقد اثبتت وقائع تاريخية عديدة صحة هذا الو صف , فقد قال فرعون " يا ايها الملأ ما علمت لكم من اله غيري ... " كما وردت في القران الكريم عبارة " اذهبا الى فرعون انه طغى ...". فقد تصور قدماء الشرق ان الحكام من طبيعة  غير طبيعة البشر أي انهم من طبيعة الهية فهو اله على الارض او هو ابن الاله , ثم تطور الأمر الى ان الله يختار الحاكم اختيارا مباشرا كما كان الحال في حضارات وادي الرافدين وفي   مصر على اعتبار ان الملوكية هبطت من السماء .وفيما يخص تاريخ العراق الحديث فأن الشعب العراقي قد اعتاد على التمرد ضد السلطة العثمانية من خلال ثورات العشائر التي قادت تلك الانتفاضات ضد الولاة العثمانيين , وهكذا استمرت الاوضاع حتى قيام ثورة 1920 التي مثلت قمة التحديات الثورية. ومن تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 م لم تجد الديمقراطية أي مقعدها في جميع المؤسسات بدأ من الاسرة والمدرسة والشارع او فى المؤسسات السياسية والعسكرية , فقد كانت الديمقراطية في العراق الملكي مجرد اسم على غير مسمى هي مجرد ارجوحة يتلهى بها الحكام اثناء فراغهم حتى اذا فرغوا منها رموها في النواة . ان الديمقراطية وفي اية منطقة في العالم لا يمكن ان تتحقق الا مع الاستقرار السياسي والامني وفي ظل الازدهار الاقتصادي وتوفر العدالة الاجتماعية والقضاء على البطالة بتوفير فرص العمل والوظائف لكل الشباب العراقي انهوا الدراسة في الكليات والمعاهد والمدارس المهنية وتوفير اعلى مستوى من الخدمات الصحية والاجتماعية والتربوية  .ان الديمقراطية في العراق اصابتها انتكاسة شديدة سحقت ما تبقى منها منذ عهد الزعيم عبد الكريم  قاسم بعد قيام انقلاب 8 شباط عندما كان الحزب الشيوعي العراقي يقود المظاهرات المليونية عام 1959 حيث تسلط حزب البعث على الحكم على مدى (35) عام وجعل الحكم دكتاتوريا شموليا بعيدا كل البعد عن الديمقراطية, وحكم العراق بالسيف والدم والقى خيرة رجال العراق في السجون والمعتقلات الرهيبة التي كانت تديرها اجهزته القمية . وبعد الاحتلل الامريكي وسقوط الدكتاتورية تعكزة سلطات الاحتلال على عكازة الديمقراطية ولكن بدون تطبيق صحيح لان سلطات الاحتلال تدخلت تدخلا سافرا في كل مفاصل الحياة وشجعت على الصراعات والانقسامات الاثنية ودفعت قادة الاحزاب والكتل السياسية الى تبني مشروع ما سمي بالديمقراطية التوافقية التي هي اسوء انواع الديمقراطيات لانها تقوم على مبدأ الطائفية وتقاسم مناطق النفوذ وفق المبادء الطائفية والعرقية والمذبية والتي هي بعيدة كل البعد عن تطلعات وامال ومطالب الشعب العراقي فهي اقرب الى الدكتاتورية منها الى النظام الديمقراطي تلك المبادئ التي طبخها الحاكم المدني الامريكي للعراق " بريمر" اثناء فترة حكمه للعراق والتي كشرت عن انيابها بوضوح اثناء حركة التظاهرات والاحتجاجات السلمية التي حدثت في العراق منذ  عام 2011م والاعوام التي تلته والتي كانت سببا في استشهاد المئات وجرح الالاف من ابناء العراق عن طريق " ديمقراطية الخوذ والرصاص" ديمقراطية القتل والاختطاف,ديمقراطية اللامبالاة بالدم العراقي وكرامة مواطنيه الذين لا يريدون سوى العيش احرارا في وطنهم , لقد فتحت ديمقراطية الهراوات والخوذ ابواب التغلغل الاجنبي والاجندات الخارجية بهدف تفريق الشعب وتمزيق وحدته الوطنية ثم دفع البلاد نحو التقسيم والحرب الاهلية .هذه الديمقراطية التي جاءت بها امريكا, ديمقراطية مشوهة كسيحة شوهت صورة العراق وفرطت بوحدته وسيادته الوطنية وجعلت ارضه وسماءه ومياهه مستباحة لكل من هب ودب من دول الجوار التي لا ترى في العراق الا ضيعة تابعة لها ولكن هذا هو المستحيل بعينه.واخيرا ..فقد اطاحت الجماهير العربية الغاضبة بحكام كانوا يتبجحون بالديمقراطية وهم بعيدون عنها من امثال ابراهيم عبود في السودان ومثله جعفر النميري وزين العابدين بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر ومعمر القذافي في ليبيا وصدام حسين في العراق واخرهم وليس اخيرهم حسن البشير في السودان وذهبوا الى مزبلة التاريخ بلا رجعة وغير مأسوفا عليهم.. عسى ان يكونوا عبرة للاخرين.

المشـاهدات 375   تاريخ الإضافـة 16/02/2020   رقم المحتوى 4564
أضف تقييـم