النـص : يقولون ؛ فقد الأحبة ... غربة ، نعم فأن ما يُدمي القلب ، و يوجع الروح ، و ما يُدمع العين مدرارة و ما يشل و تُسكت لغة البوح ، و يزيد من تجهم و قسوة تقاسيم وجه هذا العام ، قوافل ما ودعنا و خسرنا من أصدقاء و أحبة تركوا وحشة قاتمة في تلافيف مشاعرنا ودواخل أنفسنا ، في نهاية روايته العظيمة " الحرب و السلام " يقول " تولستوي " على لسان بطله الضابط الذي ظل وحيداً في ساحة القتال فيما مات كل من كان معه من جنود و مراتب ، ليس الموت أن تموت " بما معناه " بل أن تبقى أنت على قيد الحياة و يموت كل من حولك ، أخذت منا ما أخذت و أزهقت ما أزهقت جائحة العصر من أرواح أحبتنا و معارفنا من نجوم الرياضة و الفنّ ، علماء و أطباء ، نساء و رجال من شتى الأعمار حتى ضاق بنا الكون و تسمّم ماء و هواء الحياة ، جاء هذا العام يجرّ خطاه مثقل بالهموم و السموم ،حتى شعرنا بأن أيام هذا العام في زعل و جفاء و خصام ، لمن يعرف و يحس بأن للأيام طعمها و رائحتها في نفوس الأنام وعامة الناس ، حيث تتلوّن مع أمزجتهم و لوامس أحلامهم ، وشاء أن تضعضعت مفاصل الفرح وخارت قواها ولم في تجد سبيلا تقاوم فيه وساوس و همهمات أشباح الكورونا التي ضربت كل ركن ، وكل زاوية و مكان مهما نأى ، هرب أو أبتعد ، هل كنا سُنهدي العالم أشجار عيد ميلاد هذا العام ، كما كنا نُضيئها و نهديها مذيلة أو مكتوبة بعطر كلمات تتجسّد على هيئات رصف حروف تشع بحبرها ألقا وحنيناً و حوافل أمنيات ، عام مثقل كان بشتى الظنون ، و كل ما فيه كان يشي بالخوف و الريبة و الحذر، حتى بات التباعد حلاً صائباً لمن يبغي الحياة هانئة ، غارقة بالصحة و العافية ، هذا هو ديدن الأيام نعيشها بحلوها و مرّها ، بحزنها و فرحها ، لكن حزن هذا العام أجهز بالتمام و أقام على الأيام الحدّ ، و جعل الفرح ينأى بعيدًاً ، وما عليه سوى أن نناديه ، عسى يأتي على أجنحة الآمال ، فما أضيّق العيش لولا فسحة الأمل.
Hasanhameed2000@yahoo.com
|