الثلاثاء 2024/4/23 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 33.95 مئويـة
موازنة 2020 في العراق والحلول المقترحة للخلاص من الكارثة
موازنة 2020 في العراق والحلول المقترحة للخلاص من الكارثة
56154.jpg - 900*550 - 84 KB
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب عبد الرسول موسى الماجدي
النـص :

باحث عراقي

 

الموازنة المالية لاي بلد كما هو معروف هي عبارة عن اداة تخطيطية يتم من خلالها تخمين الايرادات ومصادرها واوجه الانفاق وما تحققه من منافع للبلاد بما يساعد الادارة على تحقيق الاهداف ضمن مدة محددة غالبا ما تكون سنة.يكون اعدادها قبل بداية مدتها الزمنية وان تكون الاقرب في تقديراتها للاحداث كالاسعار القادمة او السائدة للعام القادم وهي محفوفة بالمخاطر لان اسعار النفط متذبذة وتتأثر بالاحداث العالمية وخصوصا اذا كان اقتصاد البلد ( ريعيا") احادي الجانب يعتمد اغلب صادراته على النفط  بحيث تشكل اكثر من 90%. والمعروف ان الميزانية تتكون من شقين (تشغيلي واستثماري) وان اغلب مخصصات الموازنة تذهب الى التشغيلية ( الرواتب ) بحيث لا يبقى انفاق يذكر لسد النقص في الاستثمار . برغم ان الموازنات المالية في السنوات السابقة تختلف من سنة لاخرى من حيث حجم ونوع الايرادات والانفاق الا انها تتشابه في مشتركات متعددة ومنها ما ذكر اعلاه.ان معظم الايرادات تعتمد على مبيعات النفط وضعف قدرتها في تحقيق التنمية وبناء الصناعات وعدم قدرتها على التمرير في النفقات الحاكمة وعدم اعتمادها على اسس موضوعية تستند على بيانات واحصاءات حقيقية في توزيع الموارد. وعادة ماتفشل التوقعات في اعداد موازنة حقيقية وكل عام يحدث العجز في الميزانية وحسب تصريحات اعضاء اللجنة المالية في مجلس النواب فقد نشرت بعض الوكالات تصريح عن بلوغ نسبة النفقات المدرجة ضمن مسودة قانون 2020 نحو 163 ترليون دينار في حين ان الايرادات لا تتجاوز ال 115 ترليون دينار بعجزسيكون 50 ترليون دينار.في هذه السنة برزت لنا مطالب المتظاهرين ومن يتطلعون الى حكومة تكنوقراط تلبي طلابات الجمهور والتهيئة للانتخابات المبكرة, وهذا ما اخر الحكومة في ارسال مشروع الموازنة من اجل ادراج القرارات الاصلاحية التي كلفت الدولة اكثر من 10 ترليون دينار (8.3 ) مليار دولار وهذا يؤدي الى مخاطر عدم اقرار مشروع موازنة العام الجاري ودخول العراق مرحلة الكساد بعد ستة اشهر من الان حسب تصريح المستشار المالي الذي اضاف ( ان الانفاق العام للعراق يشكل نحو 45% من الناتج المحلي الاجمالي وهذا الانفاق وتركيبته المرتفعة عبر موازنة سنوية مخطط لها بمؤشرات موجبة واسعة على تحقيق معدلات النمو المخفضة الحقيقية في الناتج الوطني نفسه وبشكل خاص استخدام قوى الانتاج الرئيسية وان التأخير في اقرار الموازنة يعني تأخر في انجاز المشاريع الاستثمارية التي تشملها تخصيصات الموازنة العامة الاتحادية لسنة 2020 كما انه سيعطي اشارة سلبية للمستثمرين في القطاع الخاص للشروع باستثماراتهم لعدم توفر السيولة والتخصيص مما يؤدي الى تعثر الانفاق الاستثماري المخطط او الجديد سيقودان الى تزايد معدلات البطالة وارتفاع نسب الفقر بسبب النمو السنوي للسكان والقوى العاملة التي تتطلع الى العمل وبهذا ستتعطل الكثير من المصالح المترابطة والمعتمدة على الانفاق الاستثماري ولا سيما الحكومي الجديد الذي يقود في نهاية المطاف الى الركود واستمرار هذا الركود لاكثر من ستة اشهريؤدي الى الكساد مما يعني خسارة اقتصادية تتسع لمفاصل الاقتصاد على نطاق واسع. وحكومة من هذا النوع لاتقبل بتمرير موازنة بهذا العجز الهائل وهو محكوم بفشلها بحيث يتناقض مع برنامجها الحكومي ويعني ذلك يجب اجراء تعديلات جوهرية في مشروع موازنة هذه السنة بما يتماشى مع تطلعات الناس.في حين افادت مصدر اخر في اللجنة المالية النيابية بان وزارة المالية بدأت بكتابة المسودة النهائية لموازنة عام 2020 هي الاسوء في التأريخ حيث قدرت مبدأيا ايراداتها 139 ترليون دينار على اعتبار سعر برميل النفط الخام 53 دولار وان دائرة الموازنة في هذه الوزارة تعمل على تخفيض عجز الموازنة المتوقع ان يبلغ 72 ترليون دينار واستبعد المصدر الذي فضل عدم الكشف عن نفسه وصول المسودة النهائية لقانون الموازنة ضمن السقوف القانونية المحددة في بداية شهر تشرين الاول بسبب ابواب دفع ديون العراق الخارجية والبالغة 177 مليار دولار. ومن جهة اخرى تخوف اقتصاديون من تكرار تجربة عام 2014 بجعل العراق دون موازنة مالية نتيجة التوتر السياسي والحاصل جراء الاحتجاجات الحاصلة منذ اكتوبر/ تشرين الاول الماضي والتي ادت الى استقالة الحكومة برئاسة السيد عادل عبد المهدي وتحولها لحكومة تصريف اعمال ليس لها صلاحيات ارسال مشروع قانون الموازنة المالية الى البرلمان حيث افادت بعض المعلومات ان الموازنة للعام الجاري 2020 (وفق المقترح الحكومي) 162 ترليون دينار (35 مليار دولار) بعجز مالي مخطط يبلغ 48 ترليون دينار اي (40 مليار دولار) منها ثلاثة ترليونات (2.5 مليار دولار) لتنفيذ المشاريع المتفق عليها مع الصين.اضافة الى ذلك ظهرت مشكلة عالمية جديدة صحية وهي انشار فيروس كورونا ضرب العالم صحيا واقتصاديا مما اثر تأثير مباشر على اسعار النفط مما قلل ايرادات الدولة وانخفاض الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة مما سبب خللا في ميزان المدفوعات لان الاقتصاد العراقي يعتمد اعتماد كلي على تلك الصادرات ولذلك يجب ان ننتقل الى حالة جديدة استثنائية وهي وضع خطة جديدة لمعالجة تلك الازمة العالمية ولتقليل نسبة العجز في الموازنة في تلك الضروف الراهنة لا بد من تبني عدة افكار لتكون منطلقات تضع الاسس لمعالجات جذرية .

المعالاجات:-

1- تنويع مصادر الدخل القومي من خلال الاعتماد على مصادر متنوعة مثل الصناعة والزراعة وهذا لا يتم الا بزيادة الايرادات المخصصة للاستثمار والتقليل من المخصصات التشغيلية وزيادة المخصصات الاستثمارية في الموازنة العامة.

2- اعادة هيكلة الموازنة العامة عن طريق:

أ‌- اعادة النظر في بعض التشرعات والتعليمات التي اجازت التسريع في منح الدرجات الوضيفية لغرض فسح المجال للخريجين الجدد من الجامعات العراقية لغرض الارتقاء بالاداء ولعل التعديل الاخير في قانون التقاعد الموحد عالج جزء من المشكلة بتقليل سن التقاعد الى 60 سنة بدلا من 63 سنة واحلال محلها على اساس مدة الخدمة وليس العمر وهذا يؤدي الى تخفيف الضغط على السلم الوضيفي للرواتب خصوصا الدرجات الاولى والثانية والثالثة وافساح المجال للذين ليس لديهم خدمة كافية.

ب‌- احتساب الخدمات الاضافية للموضف مثل الخدمة العسكرية وخدمة المحاماة والفصل السياسي والخدمات الاخرى لغرض التقاعد فقط وليس للعلاوة والترفيع وهذا يؤدي الى رغبة الموضف للتقاعد لان الفرق بين مبلغ الراتب التقاعدي ومبلغ الراتب الوضيفي بينهما تفاوت قليل نسبيا مما يؤدي الى زيادة الوفورات المالية لدى الموازنة

ت‌- تقليل من مبالغ الخطورة الغير مبرر لها وانحسارها بالموضفين الذين يمارسون الاعمال الخطرة فعليا. مثلا مخصصات الكهرباء تخصص للذين يعملون بالاوضاع الخطرة المباشرة وليس لكل موضفي الوزارة وهكذا بالنسبة لبقية الوزارات والهيئات الغير مرتبطة بوزارة

ث‌- تقليل الرواتب لاصحاب الدرجات الخاصة والعليا 

ج‌- الغاء النثريات الغير مبررة وتقليل مبالغ لجان المشتريات

ح‌- تقليل الاستيراد للاجهزة الكمالية والغير مهمة مثل السيارات وغيرها

3- زيادة ايرادات الدولة عن طريق :

أ‌- استحصال الرسوم الكمركية عن طريق المنافذ الحكومية والمطارات والتشديد على الرسوم والكمارك 

ب‌- استحصال اجور الكهرباء والماء والمجاري بعد ان كانت شبه مجانية 

ت‌- استحصال الضرائب العامة الحقيقية من المكلفلين والقضاء على حالات التهرب الضريبي  والمفسدين 

ث‌- تفعيل دور الاجهزة الرقابية بصورة صارمة واعطاءهم صلااحيات كافية ليمارسوا دورهم بصورة حاسمة لان الفساد الاداري والمالي و الهدر بالمال العام هو احد اسباب اثقال الموازنة وعدم تلبيتها لحاجة الدولة (اثقال كاهل الدولة) 

ج‌- تفعيل دور القطاع الخاص للتنمية الصناعية والزراعية والتجارية وبدوره سيؤدي الى الاكتفاء الذاتي من المستلزمات وسد احتياجات البلد

وعادة تلجأ بعض الدول في حالة الركود والكساد الاقتصادي بسبب الازمات المحلية او العالمية لعدة طرق لمعالجة تلك الازمات:-

1- الاقتراض من الخارج وهذا فيه مخاطر اقتصادية وسياسية وهذا غير محبذ لانه يسبب اثار جانبية كثيرة وربط عجلة البلد بالدولة المقرضة اضافة الى دفع فوائد كثيرة على القرض بما يثقل كاهل البلد المالي والاقتصادي

2- الاقتراض من الجمهور او طرح السندات المالية وهذا تأثيره قليل وغير فعال وعادة تلجأ اليه الدولة في بعض الازمات المالية البسيطة 

3- الاصدار النقدي الحديث ( او السحب على المكشوف ) وهذه الطريقة هي الاسهل لمعالجة الازمة المالية ويبدوا انها مستخدمة بالعراق لمعالجة الازمات المالية الراهنة وعيبها انها تقوم باضعاف القوة الشرائية للعملة المحلية وتسبب بالنهاية للتضخم الاقتصادي

كل هذه الحلول مطروحة بالمستقبل لحل الازمة القادمة وان تضحيات المواطنين والتنازل عن بعض الحقوق ولو بصورة مؤقتة وهو الطريق الوحيد لحين عبور الازمة الحالية .

المشـاهدات 587   تاريخ الإضافـة 03/05/2021   رقم المحتوى 11164
أضف تقييـم