النـص : وجدتُ ضآلتي في حياة و سيرة هذا الطبيب المختص بطب الأطفال والأمراض المتوطنة " سعدي مهدي صالح سلطان جرجيس النجماوي " الحمداني " المولود في العام /1936 والمتوفي يوم الثامن من تموز /2006 ، في خِضم فعالية ثقافيّة ضمّت عدداً من إكاديميّ و مُثقفي و إعلاميّ " أم الربيعين " الموصل الحدباء بكامل عمق و هيبة شموخ ما تحمل هذا المدينة العصيّة على كل نائبات الزمن و إعاصيره المدمرة و القاسية من أسباب و فخر و ثوابت وجود ، شاء أن ألتقيت بأحد المُعقبين من المشاركين في أعمال تلك الفعالية ، و التي كان لي فيها نصيباً من التقديم و أثر التأثير ، برجل فاضل و محامي واثق و مثقف هو السيّد " أسعد " أحد أبناء هذا الطبيب الذي كانوا يطلقون عليه أهالي الموصل " أبا الفقراء " ، ولعل لهذه التسميّة هي من أخذتني لما سأحتفي عبر ذكر بعض مناقب هذا الصرح الإنساني الخالص النزعات و المتمسك بروح ساميّة ، تضاهي أو تداني الكثير من الشخصيات التي قرأنا عنها و سمعنا ، و كنت قد توّقفت عند ضفاف الفيلسوف و الناشط اللاعنفي و الإنساني الإمريكي " هنري ديفيد ثورو" المنسوب إلى عائلة ثريّة جداً، لكنه كان يُفضّل أن يحيا و يعيش و ينتمي للفقراء ، لم يبخل بالإشراف على تعليمهم عبر فتح مدرسة على حسابه الخاص لأطفال الفلاحين الذين يعمل أباءهم في حقول و مزارع عائلته ، فضلاً عن متابعة و رعاية صحتهم وكل ما يتعلق بوجودهم و يديم حياتهم كما فعل - من قبله- الروائي الروسي العظيم " تولستوي " ، كذا الحال - في صدق ظنّي وإعتقادي - بالنسبة للطبيب " سعدي الحمداني " الذي كان شغوفاً ، متفوّقاً بالدراسة حيث شغل العديد و الكثير من المناصب المهمة في مجال تخصصه الطبي ، كما و له مؤلفات عديدة منها " الملاريا والإنسان / العمل بالطب الوقائي / التايفوئيد والوقاية منه" وغيرها ، فضلاً عن إشغال منصب رئيس المجلس البلدي في محافظة نينوى من 1964ولغاية 1969، كل ذلك لم تزّده إلأ نبلاً و تواضعاً ، سنكون بحاجة إلى مساحة أكبر مما هو مخصص لي في هذا المقال ، فيما لو أردنا فحص و جس و لمس و ذِكر ما ترك هذا الرجل من قوافل مآثر إنسانيّة بحته ، مُدعمة بحُسن سيرة و سريرة ثبات مواقف ، سنكتفي - هنا – ببعض ما يقيم وزناً لجوانب ما كان يعمل - على سبيل المثال ، و بشواهد حيّة و معروفة له - حيث واضب على مساعد الفقراء عبر المعالجة المجانية ، و مهام صرف الأدوية المجانية من صيدلية تحمل أسم " الأمجاد " المجاورة لعيادته ، فيما أسهم في بناء مدينة الزهور بالاتفاق مع المحامي الراحل " عبدالقادر العبيدي" كذلك بناء مدرسة العبيدي المجاور لداره، ثم تشييد جامع يحمل أسمه حتى الآن.
|