لو كان مدحت باشا يدري ان جريدته زوراء وزميلاتها من الصحف العراقية وبعد ما يقرب من قرن ونصف من الزمن ، يصل بهن الحال الى ما وصلت اليه اوضاعهن هذه الايام من اهمال ومعاناة وازمات وضغوط مادية ومعنوية واستخفاف بدورهن في تشكيل الرأي العام وقدرة صاحبة الجلالة على تغيير توازن القوى لصالح الاغلبية الصامتة.

يقيناً سينتفض الباشا ويثأر للذين تسبب في جر رجلهم لمهنة المتاعب بل مهنة الموت والخوف والرعب والقلق ولزاماً سيحتج على عملية الاعدام الجماعي الذي تتعرض له الصحف العراقية على يد الذين كانوا يتعلقون بتلابيب معطفها ليحصلوا على الشهرة وليسمعوا اصواتهم الى العالم من الذين ارادوها مطية للوصول الى غاياتهم وعندما حققوا ما يبتغون تركوها تواجه مصيرها لوحدها تحت حجج واعذار واهية لاتقنع احداً.

ولاننا لم نعد نعول كثيراً كأصحاب صحف ورؤساء تحرير لا على انتفاضة مدحت ولا دعاء الكاظمي لنا بالتوفيق فهو احوج اليه منا ، خاصة واننا انتظرنا ان نتلقى في عيدنا اليوم بشرى نطمئن بها زملائنا ممن تتهددهم الضغوط المالية على صحفهم بالتسريح من العمل وفقدان وظائفهم شمولاً باجراءات التقشف والتقليص التي اعتمدتها الادارات لمنع شبح التوقف عن الاصدار والانهيار التام ، مثلما نتمنى الا نتلقى برقيات تهنئة وخطب عصماء تشيد بدور الصحافة ووقوفها في خنادق البناء والقتال كما نعلن اعتذارنا عن تقبل بيانات الشجب والاستنكار والمساندة التي سرعان ما تتبخر منها كل الوعود بالدعم والوقوف معنا والمساندة .

في عيدنا اليوم ليس امامنا الا الاتكال على الله والاعتماد على انفسنا بعده ، ونشد ازر بعضنا البعض ونقف صفاً واحداً للتصدي لضعف وخور وفساد من يديرون الدولة ، وان لا نركن لوعودهم المعسولة بعد ان مزجوها بسم الغل المبطن بالحقد والكراهية على تجاربنا الناجحة التي تكشف فشلهم وكذبهم وامانيهم بانتكاستنا ، وليعلموا ان المستحيل اقرب اليهم من توقفنا وانسحابنا من ساحة المواجهة ، وما عيدنا الحزين اليوم الا بداية جديدة ستقض مضاجع الفاسدين.