السبت 2024/4/20 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 22.95 مئويـة
واقعنا ونظرية اريكسون
واقعنا ونظرية اريكسون
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب امير ابراهيم
النـص :

المصادر العلمية المحلية التي تناولت وشخصت واقعنا العام من جوانبه كافة اعتمادا على بحوث ودراسات تتعلق بالسلوك البشري نظرية وتطبيقية لأكاديميين وعلماء في "السايكلوجيا والسوسيولوجيا والانثروبولوجيا" وباحثين وخبراء ومحللين ، أخذين بنظر الاعتبار طبيعة الشخصية العراقية بتنوعاتها القومية والدينية والمذهبية والمؤثرات والظروف التي تحكمها من معتقدات واعراف اجتماعية وانتماءات فضلا عما خلفته الحروب والصراعات من أزمات سياسية وأمنية ونفسية واجتماعية واقتصادية وصحية وظواهر انسحبت بتاثيراتها على أداءها وعلاقتها بمحيطها الذي تعيش فيه في كل زمان ومكان الى جانب تناقضاتها وازدواجيتها ، مع الوقوف عند المحاولات الجادة للعقول الواعية للحفاظ على الجانب الجميل للإنسان والحياة عبر السعي للنهوض والتطور بدل صور التخلف والظلام التي يسعى البعض فرضها على قانون الحياة.  وشكلت تلك المصادر والرؤى العلمية بمجملها بمثابة المرجع الذي يمكن الاستناد اليه للتفسير الموضوعي لطبيعة ديناميكية الحياة التي نعيشها من جوانبها المختلفة والتي اختلفت في أثرها الآراء، وطبيعة التساؤلات المطروحة والإجابة عليها من قبل المختصين وغيرهم كل حسب مستوى َمعلوماته ووعيه وادراكه وشعوره بالمسؤولية الدينية والاجتماعية والقانونية والأخلاقية ، كتعريف الوطن والانتماء والهوية وكيفية بناء الإنسان والمجتمع فالدولة وصولا لتفسير الحقوق والواجبات والثواب والعقاب فعلاقة الراعي بالرعية والعدالة الاجتماعية ؟! .  أن التوصيف المحلي لواقع حياتنا وجدلية الإجابة على الأسئلة التي تم طرحها ، لايعي جوهرها الا الحكماء ومن وضع نصب عينيه رضا الله والعمل لصالح الوطن والمجتمع وبث كافة الصور الجميلة فيه، حيث التطبيق العادل لما جاء في تعاليم الديانات السماوية السمحاء للذين أمنوا وتربوا على قوانينها كما هي، لا كما يتعامل معها أصحاب التفسير النفعي وكما جاء وصفهم في محكم كتابه المبين "فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا، فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون".  اذن لا يمنعنا ذلك من الوقوف والإشارة إلى بعض وجهات النظر لعلماء ومفكرين وباحثين غرب تبنوا موضوع تحليل شخصية الانسان وسبر غوره منذ صغره ليتم وضع اليد على الكثير من ايجابيات وسلببات سلوكه وتأثيرات ذلك على الواقع الذي يعيش في كنفه من ناحية التطور أو التراجع الذي يصيب أداءه في جانب أو جوانب عدة من الحياة وعلاقة ذلك ببناء الدول أو تهديمها حيثما أتيحت الفرصة لهذا الانسان ام ذاك في تبوأ منصب فيها أيا كان حجمه ما دامت نتائج عمله لها علاقة بنجاح منظومة الدولة أو فشلها. لذا فعالم النفس الأمريكي إريكسون المعروف بنظريته وهي التطور الاجتماعي للإنسان وكما تضمنه كتاب "الأطلس في علم النفس التطوري" لمؤلفه الاستاذ الدكتور محمد بني يوسف ، مؤكدا على دور العوامل الاجتماعية في النمو وادخل مفاهيم الهوية وأزمة الهوية ودورة الحياة ، معتمدا على تصنيف َمراحل النمو النفسي - الاجتماعي القائمة على ثمانية مراحل وبمساريها الإيجابي والسلبي، مبينا ان ما يحدث في المراحل المبكرة للفرد فإنه يعمل على أعداده للمراحل اللاحقة ، إذ أشار أن المسار الإيجابي للنمو يتمثل في "الشعور بالثقة، الشعور  بالاستقلالية، المبادرة، الإنجاز، تحديد الهوية، الألفة، الإنتاج، الإبداع". إن هذه الصورة المثالية في بناء الإنسان المستندة الى قيم ومبادئ وأهداف محددة تقوم عليه ستنعكس بلا شك على سلوكه في المستقبل ضمن البيئة التي يعيش فيها ويعمل دائما على تحويلها إلى واقع جميل إذا ما امتلك الفرصة لذلك ووجد الحافز والدافع من الآخرين على مستوى السلطة والمجتمع وتهيئة الظروف المثالية لأداء المهام المطلوبة في إطار  المسؤولية الملقاة على عاتقه خاصة وان تطبيق تلك العوامل على أرض الواقع تعد من مكملات الشخصية الناجحة والتي تمثل حافزا ودافعا له في التوظيف الامثل للادوات المتاحة سعيا في تلمس َما خطط اليه والتي ستسهم بالمقابل  في بث الطاقة الإيجابية لدى الآخرين بعيدا عن التأثيرات السلبية لأصحاب الفكر القائم على تحقيق المصلحة الخاصة دون المصالح العامة  اي انهم يتميزون بالانا، ومن يسير على ذات الطريق إنما يعكس المسار السلبي وهي المرحلة الثانية للنمو الذي أشار إليها العالم إريكسون والتي تقوم على "عدم الثقة، الاتكالية، عدم المبادرة، عدم الإنجاز، اضطراب الهوية، العزلة، الركود، التعاسة ". هذه الصفات في الإنسان خلقت جوا سلبيا فكرا وإداءا فكانت تداعياتها الفشل والخراب في الأعمال التي انيطت به ، وهو ما نألفه في الكثير من مفاصل حياتنا بسبب الأدوات المحركة التي أنتجت الواقع المر الذي نشهد فصوله يوميا وأدت لإزهاق الكثير من الأرواح البريئة وإهدار أموال بفعل الإدارة الفاشلة الفاسدة في الكثير من قطاعات الحياة لتسهم في خلق جوا من اليأس وردود الأفعال السلبية لدى غالبية طبقات المجتمع ، في الوقت الذي مازال البعض ورغم تلك الماسي يجري وراء الأدوات المحركة لذلك الخراب وخاضع لها ، وهو  الإنسان الذي لايملك زمام أمره وأشارت اليه الآية المباركة كما جاء في محكم كتابه المبين "صم بكم عمي فهم لا يبصرون" ليشكل احد معرقلات التغيير الايجابي الذي ما زال يجاهد ويسعى إليه العقل الواعي حيث التحرر الفكري من سلطة الخضوع للفشل والانحدار القيمي ومن اجله استشهد الكثير من الشرفاء ، وكما ذهب إليه الإمام علي عليه السلام حين قال "لاتكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا" وما أشار إليه الشهيد الصدر الثاني "انا حررتكم فلا يستعبدكم احد من بعدي" والفيلسوف فريدريك نيتشه الذي بين عندما مات الإله الذي صنعه الإنسان بنفسه واصبح خاضعا له "أصبحنا أحرارا في فعل ما نرجوه لنجعل من إرادتنا مقياس كل الأشياء". تلك النقاط الإيجابية و السلبية في مراحل النمو لدى الإنسان تمثل علاقة طردية لا يمكن أن تلتقيان، فلكل واحدة منها قانونها الخاص وجمهورها الذي يبحث عنها رغبة في تطبيق الفلسفة التي تربى وأمن بها والرسالة التي يسعى لايصالها واستنادا إلى معطيات بناءه الذاتي والبيئة التي عاش فيها وطبيعة العلم الذي انتهل منه وتفسيره لمفردات "الصواب والخطأ، الحق والباطل، الحلال والحرام". ويمكن القول إن مسؤولي السلطة في الدول التي وعت الحقيقة الجميلة والغاية من وجودها على أرض البسيطة لتجعل من بلدانها وأمنها الداخلي بمثابة العرف المقدس والخط الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه بعيدا عن أي انتماء أو ميول أخرى، إنما انطلقت من الاستثمار الامثل للطاقات المتاحة المادية والبشرية  واستلهام كافة الصور الراقية لبناء الإنسان معنويا وماديا، معافى من أي أمراض أو عقد باعتباره أفضل مخلوق  اعتمادا على مواصفات المسار الإيجابي للنمو وتأثيرات ذلك على مستقبل الاجيال اللاحقة وكونهم يشكلون الأداة القوية لبناء وطن يشعر فيه الجميع  بأنه جزء من منظومة قوية متكاملة وليس سببا في تفكيكه وجعل الأزمات هويته الدائمة ، آخذين بنظر الاعتبار أن التنوع الفكري بمجمله يمثل مصدر قوة لدى الدول والشعوب الراقية استلهاما لقول نبي الرحمة محمد "ص" "اختلاف امتي رحمة" وتلك لا يعي معناها الا الراسخون في العلم ممن وضعوا نصب أعينهم الإنسان الصالح الذي يجمع ويبني وينهض ويطور وترك الطالح الذي يفرق ويشتت ويؤدي إلى الخراب الفكري والمادي ، سعيا في تلمس الهدف الأسمى وهو بناء البلدان القوية التي تلعب دورا في تاسيس جيل واع مدرك لحقيقة وجوده وحقوقه وحقوق الأرض التي يتواجد عليها ويشرب من ماءها ويأكل من خيراتها ومن يعيش عليها ، ودوره الكبير في جعل بلده كالبنيان المرصوص اعتمادا على أسس صحيحة بتهيئة سبل العيش الكريم للجميع تجسيدا للعدالة الاجتماعية ومنعا  للأزمات والأمراض التي قد تعتلي اي جزء فيه والتي ستؤثر  على باقي الأجزاء  فتشغلها عن أداء دورها المطلوب، وكما جاء في حديث الرسول الاكرم محمد "ص" "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

المشـاهدات 583   تاريخ الإضافـة 25/07/2021   رقم المحتوى 11702
أضف تقييـم