الجمعة 2024/10/18 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 23.95 مئويـة
الأغنية بين القريض والمريض
الأغنية بين القريض والمريض
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب لبيد هاني
النـص :

إزدهرت الأغنية العربيّة بمراحلٍ عديدة لكّن جميعها إتّسمت بغناء الشعر القريض منذ الزمن العباسي وما كان يسمّى بـ(القصيدة المغنّاة) وصولاً لكوكب الشرق أم كلثوم في مصر ويناظرها في العراق محمد القبانچي وكذلك أساتذة عدّة في الشام والمغرب العربي، ويَعتبر العديد من الناقدين إن هذه المرحلة هي مرحلة إنطلاق الغناء الحديث تعليلاً بتوثيقهِ بالصورة والصوت (ڤيديواً).إعتمدت الأغنية آنذاك على قصائد لأبي فراس الحمداني وأحمد شوقي والشاعر السوداني الهادي أحمد وجوروج جورداق وما قدّمه أحمد رامي من ترجماتٍ للخيام حتى أصبح هذا اللون (النخبوي) هو اللون السائد عامةً، لكن العراق كان البلد الوحيد الذي إعتمد على (شوارد الشعر) مثل (يا حادي العيس) و(أقول وقد ناحت بقربي حمامةٌ)، نظراً لثقل المكتبة الشعرية العراقيّة.ثم ظَهَر في ليلةِ لا تنسى مطرب شاب إسمه عبد الحليم علي شبانة (عبد الحليم حافظ) وقدّم رائعته الخالدة (صافيني مرّة) وهي من شعر سمير محجوب وألحان محمد الموجي حيث وصفها الجمهور حينها بأنها تجاوزت الخطوط الحمر ووصفها البعض بالأغنية (الخفيفة) وأصبح عليها خلافاً نقدياً أدّى لظهور لونٍ غنائي جديد.إنطلق العصر العربي الفنّي المنفتح وغادر النخبوية في الوطن العربي وتحديداً في العراق ومصر فأصبح هنالك الكثير من الأغاني والشعر باللهجة العاميّة حتى حقبة السبعينيات التي إستوعب الجمهور فيها (صافيني مرّة) و(مشتقّاتها) الجميلة، ولحّن عبد الوهاب اغانٍ باللهجة العامية وكذلك بليغ حمدي والسنباطي، وفي العراق كان هنالك فنّاً يمثله ناظم الغزالي وفي الشام وديع الصافي.تواصل الغناء حتى الثمانينيات حيث ظهر سعدون جابر وهاني شاكر وصباح فخري وأصبحوا أسياداً للفن وكان الشعر حقيقياً والفن جميلاً و (يا سلام)..تدخّلت السياسية ثم تدخّلت التعبوية فظهرت (يا حبيبتي يا مصر) وظهرت (يا گاع ترابچ كافوري)، لكن بيروت حافظت على عاطفيتها بفيروزها وصباحها الفخري ووديعها الصافي جداً.دخلت الأغنية مرحلة التسعينيات وأصبح التوزيع الموسيقي ركناً رابعاً للأغنية، وأصبح (النص الغنائي) بديلاً لـ(القصيدة المغنّاة) حيث أصبح الشاعر يكتب النص ويقرر أن يكون قصيدةً أو أغنية لكنها كانت مؤدبةً جداً، وإستمرت الى ما بعد ذلك، فدخل النص المريض وهو الغناء عن الفواكه والغزل الماجن والكلمات النابية التي أصبحت هي مفتاح الشهرة لبعض المطربين (كما يعتقدون طبعاً).أصوات كبيرة ذهبت ضحية جملة: (الشارع يريد هيچ). وأصوات ضعيفة نجحت (لأن تعرف شتريد)، وهكذا راوحت الأغنية بين (القريض والمريض)..

المشـاهدات 527   تاريخ الإضافـة 04/09/2021   رقم المحتوى 12032
أضف تقييـم