الخميس 2024/5/2 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 20.95 مئويـة
وراء القصد من ينقذ الآثار العباسية
وراء القصد من ينقذ الآثار العباسية
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب محمد السيد محسن
النـص :

ان يختلف اصحاب القرار في مرحلة ما بعد الاحتلال الامريكي للعراق مع غيرهم ممن حكم العراق قبل اكثر من الف عام ، فهذا لا يبرر انهم يجب ان يأخذوا ثارات غيرهم  بذريعة انهم كانوا مختلفين معهم في العقيدة.

الامر يتعلق بقصدية بعض القرارات التي تشير الى حنق تاريخي غير مبرر في هذا الوقت ، خصوصا وانه ينطلق من وجهات نظر طائفية ، لا تتناسب مع الروح الوطنية التي تأسست بعد تأسيس الوطن العراقي بحدوده المعترف بها دوليا من قبل عصبة الامم عام ١٩٣٢ .

منذ الازمة الطائفية التي افتعلها بعض القيادات الاسلامويين حول اسم شارع الرشيد ، وقبلها محاولة تهديم تمثال رأس ابي جعفر المنصور ، في منطقة المنصور في قلب بغداد ، ومنذ التصريحات التي ترددت بين فينة وفينة حول عدم احقية العباسيين بالتواجد ولو كآثار في العراق وبغداد بشكل خاص ، بدأنا نسمع بين حين واخر تهديم او مصادرة اثار عباسية ، واخرها هدم أثر عباسي مسجل عمره 850 سنة في الدجيل ، وهو مرقد ومزار الشيخ أبو الحسن الجوسقي العكبري ، المتوفى في بغداد 1179 للميلاد.

الخبر الذي تم نقله عبر  الصفحة الالكترونية لمفتشية أثار صلاح الدين (التابعة للهيئة العامة للاثار والتراث)  ، أكد هدم المرقد بواسطة بلدوزرات تابعة لمديرية اثار صلاح الدين .

المثير بالامر ان المرقد مسجل بشكل رسمي ضمن اثار العراق ، وتم تسجيله ضمن المواقع التي تحتاج الى ترميم ، فحصل الاثر على التهديم بدل الترميم .

الخبر كان صادما للمهتمين بالتراث العراقي ، وحين تساءل البعض ، او اعترض جاءهم الخبر ، ان الارض تعود الى ديوان الوقف الشيعي منذ عام ٢٠٠٩ وهي بمساحة ٢٠ دونم .

هل يعلم ديوان الوقف الشيعي ، اذا صح خبر انه يستولي على الارض التي من ضمنها مرقد العكبري ، هل يعلم الوقف الشيعي ان تهديم الاثر مخالف لقانون الاثار والتراث العراقي المرقم 55 لسنة 2002 ، وهذا الامر يجب ان يضطلع بمتابعته والدفاع عنه مديرية الاثار في محافظة صلاح الدين ، حيث ان هذا الاثر يعد ممن يحتاز على قبة نادرة جداً بنيت منذ عهد الخليفة العباسي المستضيء بالله .

ان التغاضي عن تهديم بعض الاثار بذريعة تعارضها الطائفي ، لا يقل خطورة عن عمليات التهديم التي قام بها تنظيم داعش الارهابي بذريعة مخالفتها للشريعة الاسلامية ، وهذا امر استنكره من اتهم بأنه نسق عملية تهديم مرقد الجوسقي العكبري برمتها .

اما الخطورة الاخرى التي ينطوي عليها الصمت ازاء هدم مواقع اثرية ، فهذا سينسحب على تهديم اثار عراقية كثيرة ، حتى الاثار القديمة والتي سبقت الاثار الاسلامية بالاف السنين.

ان اخضاع الاثار الى عملية تقييم اخلاقي وديني سيؤثر بلا شك على بقائها ، حيث ان الاختلاف بين الامم والطوائف والاديان قائم ، بيد ان الاثار تمثل الحقب التاريخية التي يجب ان تتبع الى الوطن ولا تتبع الطائفة او الحزب .

انه امر يجب ان يخضع الى الميزان الوطني ، وان لا تتناكفه التقييمات الطائفية ، وهذه قضية يجب ان يلتفت اليها المؤتمنين على الاثار والحفاظ عليها ، وحمايتها من شرور المخالفين ، الذين يحاولون الانتماء الى التاريخ ، بشكله السلبي وليس بهويته الوطنية.

المشـاهدات 443   تاريخ الإضافـة 04/04/2022   رقم المحتوى 14022
أضف تقييـم