الجمعة 2024/4/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 31.95 مئويـة
فوق المعلق صحافة بلا أباء
فوق المعلق صحافة بلا أباء
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب الدكتور صباح ناهي
النـص :

   طُلب من الاستاذ حسن العلوي مرة،  في الثمانينات تقيما ً لصحافتنا ، فقال انها مصابة بالثالوث :

وحدة الاخبار ،ووحدة الافكار ،ووحدة الانماط والاساليب.  وكان العلوي صحفياً بارعا ً نسّاجاً للكلمات من بين قلائل من تحولوا من خلفية الادب الى الصحافة ، بحكم روحه المشاكسة وحسه الصحفي المرهف ، ودأبه على التجديد ..

الصحافة المبدعة التي تجيد تحسن الولادات و الالتقاطات حتى  اثار تالقه و عجل بنهايته لكثرة حاسديه وخصومه الذين تكاثروا بعد تحويل الف باء من مجلة عادية ترفيهية الى مطبوع يحرك الشارع بقصصها الخبرية الاستقصائية ، وبالاراء التي تبدأ بمفتاح العلوي حتى تحقيقياتها التي تحاكي الحياة ، اجهز على العلوي بعد ( مائة ساعة مع صدام حسين ) تحقيقه الذي عجل في نهايته لكثرة حاسديه وتحرره من رتابة الصحافة المنمطة بلغتها الخشبية ، فحولها العلوي الى صحافة تجرح الراي وتحرض الشارع ، حتى هروبه بعد مقتل ابن خالته الوزير المقرب عدنان الحمداني، الى الكويت ثم سوريا والرياض وبيروت وعودته بعد الفين وثلاثة فلم يجد البيئة التي تستوعب ما يقول ،

الصحافة حين لاتكون بمنطق حرية الرأي وصنعة محترفين لاتكون مطلقا ً مؤثرة او فاعلة بل هي كاي مهنة سد شواغر ، ومسميات وتهويشات واخبار متساقطة من سلالم الحياة. 

البصمة في الصحافة  لاتكون بمحاباة المسؤول ولا بالتهليل للوافدين على السلطة أية سلطة ، ولا هي نزوع للمديح او القدح الذي احترفه البعض وصار علاماته السوداء ، بل هي تملك معايير مهنية  رصينة من حيث تخطي ذاتية المحرر ونزوع رئيس التحرير ، الى الموضوعية والكتابة بمداد الضمير الوطني المهني الموضوعي الذي يدقق بالمعلومات وبجدوى تداولها،

وبقدرة التاثير على الجمهور ومده باليقين بان ما يكتب هو من اجل الحقيقة ومن اجل الدفاع المستميت عن كرامة الانسان وقيمته كونه ابن الله ، وغاية الدولة ، لكن الذي يحدث في الفناء الاعلامي حاليل غير الذي اراده العلوي وكل الاعلاميين المجددين في صحافتنا العراقية ، التي لم تكتسب هويتها الحقيقية بعد  رغم مرور مائة وخمسين عاما ً، للاسف ظلت من دون اباء حقيقين ، من دون مدافعين شرسين عن حريتها وصون كرامة ابنائها الذين يتاكلهم العوز،  ويتنازعهم هم العيش والكرامة والامان الوظيفي والحياتي ،

لقد ثلمت صحافتنا بحل مؤسساتها وبوقف تطور اجيالها وبعدم تامين تراكمية خبراتها ، فهي بدون الاباء المؤسسين لها سوى نفر قليل يستذكرون الايام الخوالي بالمناسبات في ظل غياب قهري لصناع مجد صحافة الراي التي اطلق عليها المحتل النار .

ومازالت لم تقم من تلك الصدمة رغم محاولات الكثيرين من الكتاب الذي صنعوا صحافة الداخل و المهجر التي لم تولد بعد قوية مؤثرة كما فعلت بعض التجارب الاخرى ،

نحتاج الى حماية صحافة الراي بتوسيع افاق الكتابة وضمان سريان المعلومات للاعلاميين وتغذيتهم بالمعلومات كما تفعل السياسات في بعض الدول العربية التي اوجدت بوابات للحوار بين صانع القرار وصناع الراي ، وإلا سنبقى في صحافة تطلق الحصى من خلف الجدران ، ولا تصيب اهدافها بدقة .

المشـاهدات 363   تاريخ الإضافـة 28/06/2022   رقم المحتوى 14814
أضف تقييـم