يختلف الفقه الاجتماعي والسياسي في تحديد معنى و قيمة واثر النخبة التي تعني دوما الصفوة ، من الطبقة المتحكمة في الراي العام السائد في المجتمع ، فهي نتاج حقب تطور المجتمعات ودأبها ونضالها في المعرفة والفكر والحوار الذي يشتق منه ( الصفوة ) التي تعطي المجتمعات الرأي والحكمة وتبدد الجهل والخوف والالتباس على الناس في المعايير والقياسات لانها تعرفها وخلصت اليها ، واستقرت على مكايلها ، و عناوينها وميزاتها ، فاليها يحتكم المجتمعات وعندها يتواصل المختلفون و تتطور البنى المجتمعية والعلمية ، ويعرف الناس مغزى ان يعود اليها عند الحاجة وتتشكل المرجعيات المختلفة في الاديان والاكاديميات والمهنيات ، فاضحى لكل وسط نخبة تعاين الاشياء وتمايز الامور ، وتصدر حكما ًعند الاختلاف وامرا ً عند تنامي الاخطار ، ورأياً عند غياب الراي بالمشورة ،

والمحتمعات التي لا تغيب عنها النخب يستبد فيها الطغيان وينحدر البناء ويتوقف العمران ويسود الخوف والهلع وتتكاثر التناقضات وتفسد المعايير القيمية وتنحدر القرارات وتسود غلبة الجهل على سيادة الحكمة حتى تدخل المجتمعات في فوضى وتتكسر قواعد البنى المجتمعية ،

وهذا ما يحدث اليوم لدينا فالاصرار على فرض الفوضى إلا نتاج طبقة حاكمة متحكمة بقرارات الدولة وتفاصيل مؤسساتها استمكنت الدولة وسيرتها من دون مكاييل المعرفة في الاختصاص ، الغت معيار وضع الاشياء والاشخاص بمنطق الرجل المناسب في المكان المناسب ، فتسيّد الجهلة وتحكموا بمفاصل لايعرفون كيف يديرونها او يسيّرونها نحو سياقات العلمية لا لانهم غير وطنيين لكنهم لايعرفون ويدعّون ، انهم يعرفون دون اعداد او تدرج في المعرفة فسادت الفوضى والاثرة وفسد الملح ،

ما مسؤولية النخبة اذاً ؟

لعلها مفارقة ان قلنا ان غيابها وتشرذمها وتشريدها القسري ترك فراغ مخيف في بنية المجتمع وجعل الفوضى قابلة للاستمرار والتغول ، جراء مسايرة ما تبقى منها في المهن ان تساير السائد وتخضع لمنطق التناقضات ولا اقول الجهل الذي استحكم في المجتمع ،تحت طائلة العيش وضغط الواقع الذي تمكنت منه قوى محلية اشتركت مع قوى خارجية على فرض نمطا ً من معادلة العيش في ظل الامر القسري القاهر  لارادة المثقفين والمتعلمين واصحاب الرؤية في هذا المجال او ذاك ، حتى اضحى وضع النخبوبين في العراق لايحسدون عليه بل اضحوا صدى لواقع مرير مهمشين منزويين في هوامش المجتمع او مسايرين للسلطة تابعين لانهم ادركوا ان لاقيمة لارائهم امام واقع يمتلى بالاسلحة والكواتم بلا حماية الدولة او قدرة السلطات على وضع الخارجين على القوانين في السجون وهم طلقاء يطلقون النار على خصومهم او يختلف مع كياناتهم بسهولة دون روادع ، فادركت النخبة المتعلمة ان النضال نن اجل العيش اهم من النضال من اجل تطبيق معايير المعرفة ، فاضطرت للمسايرة والانصياع والمداهنة كي تسير الحياة من دون ألم ، فمن هنا خرجوا من عالم النخبة الى حيز الصفاقة عدا المنزوين الذين اضطروا للتفرج عما يحدث في الفناء الخارجي لبيوتهم ، كي يحافظوا على بقية للمعايير التي آمنوا بها وتعبوا من اجل تعلمها وناضلوا لتحقيقها لكن البيئة غير مواتية وهي بحجم هائل وغير مسبوق من نخب الفساد الجاهلة بالقيمة التاريخية لبناء المجتمعات فلات ساعة نخبة وانما ساعة البحث عن الامان واستمرار العيش للاسف .