الجمعة 2024/4/19 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 20.95 مئويـة
جماليات الوصف في قصة حديقة كيفين من المجموعة القصصية الموسومة بـ(الأرواح المرئية) للقاص بديع الآلوسي
جماليات الوصف في قصة حديقة كيفين من المجموعة القصصية الموسومة بـ(الأرواح المرئية) للقاص بديع الآلوسي
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

أنفال كاظم

يعد الوصف من ابرز وسائل السرد القصصي، اذ لايمكن لأي سارد ان يتخلى عنه بشكل او بآخر ،لذا حرص الروائيون والقاصون على كيفية الاستخدام الأمثل لهذا العنصر ، فالوصف يستخدم لإبطاء الزمن السردي وإعطاء صورة ذهنية عن الأشخاص والمشاهد ، وكذلك ردم الفجوة السردية التي قد تحدث في النص القصصي ، فضلاً عما يقدمه من معلومات للقارئ عن فكرة القصة او مقصدية الكاتب وتحديد الشخصية وطبيعتها ،فالوصف يساعد على تطور واكتشاف الاحداث وبناء اللغة القصصية ووصف الشخصية والمكان والموجودات … وفي قصة (حديقة كيفين) للقاص والفنان التشكيلي بديع الآلوسي ، والتي نشرت ضمن مجموعته القصصية (الأرواح المرئية) ٢٠١٢ ، نجد ان القاص استخدم هذه التقنية _تقنية الوصف بشكل جمالي وفني و بمستوى عالي من الشعرية ، وبوجهات نظر متفاوتة ينطلق فيها مرة من الراوي الذي يأخذ على عاتقه قص الحدث القصصي ووصف شخصياته واماكنها ، ومرة من منظور الشخصيات ، وفي كلا الحالتين نجد انه قد برع في توظيف هذه التقنية لخدمة جوهر القصة ، الا وهي ولادة الحلم البعيد على اعتاب الأمل المتجدد الذي ينتشل الأنسان من بؤسه ويأسه ، ومن الجدير بالذكر فقد استلهم القاص فكرة القصة واستمدها من عبارة مستوحاة من قصيدة لشاعر إنكليزي (وليم بليك) وهي (رؤية العالم في ذرة رمل …والجنة في وردة برية) ، وهذا بالفعل آخر ما صرح به العجوز (كيفين) الشخصية القصصية الرئيسة التي يتمحور حولها السرد القصصي والذي لطالما آمن بأن كل إنسان يجب ان يكون له حلمه الخاص مهما كان صغيرا. اوكبيراً ، عندما باح بمشاعره امام زوجته الطاعنة بالشيخوخة ببراءة وابتسامة ملؤها الأمل والتفاؤل (- سأرى الجنة في وردة برية) … فمن ناحية الحدث القصصي ومفارقته ؛ فقد اجتهد القاص بإيصال الحدث القصصي بطريقة تتكئ على الرمز والمفارقة المدهشة والمُثمرة ، و التي وصفها يوسف حطيني (ثمة مجالان اساسيان تجول المفارقة فيهما ،هما مجالا الشكل الفني والموضوع ،اذ يمكن للقاص ان يسعى في داخل احدهما او في كليهما ،من اجل الكشف عن الحوامل الممكنة للثنائيات الضدية التي يرتضيها شكلاً للتعبير عن مكنوناته)  فقد دارت القصة حول العجوز كيفين المولع بحديقته والمأخوذ بجمالها وسحر وردة (الأوركيد) التي احبها حباً جماً و تؤنسه وتدهشه بظاهرها وباطنها والتي لطالما تمنى ان يرى فيها الجنة (يا إلهي متى أرى الجنة في وردة الأوركيد ؟) ، والمستمتع حد اللعنة بتلك الطقوس التي يخلقها لنفسه في أحضان جنينته بعيداً عن الأمطار والثلوج ، والذي لم يبرح قلبه الشك والوسواس والخوف مع كل مرة يتذكر فيها مدى حسد أهالي (سان تيور) له ، ومدى تقدم الوقت بشكل ممل وقاسٍ خصوصاً بعدما ايقن تماماً بأن التقاعد ماهو الا موت بطيء ، يسترعي منه الالتفات لأمرٍ ما يشغل به وقته ، و ان يصب جُل اهتمامه على شغفٍ بنكهة حُلم يأمل بتحقيقه ، ليقتل اليأس ويفجر آبار الأمل في قلبه الحائر ، ليجد ضالته أخيراً الا وهو تحويل مرتع الابقار والخيول الى حديقة  لازوردية كأنها جنة زرعت بأنامل ملائكية، (بدأت حياة جديدة تدب فيها منذ الاسبوع الأول لأحالته على التقاعد ، حينها التبست أفكار الأمل واليأس في ذهنه ، ذات يوم ، وبينما هو جالس في باحة الدار مع زوجته ، يراقبان تحليق السنونو الذي يحوم حولهم ، اقتنع بمصارحتها :ـ التقاعد موت بطيء ، لابد من هدف .

تساءلت وهي تقضم تفاحة : ماذا ستفعل ؟- سأفعل ما وشوش لي الملاك في نومي ، نعم ، قال لي ، ما زال ثمة وقت ، عليك بحديقتك المهملة)…

المشـاهدات 374   تاريخ الإضافـة 06/06/2023   رقم المحتوى 22913
أضف تقييـم