
![]() |
جمهرة الألفاظ العامية العراقية تأليف صلاح السعيد |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : ناجح المعموري
صدرت الطبعة الخامسة من كتاب جمهرة الألفاظ العامية العراقية وأثار أهتمام الأستاذ السعيد العديد من الأساتذة المعنيين بالموروث الشعبي وتحدثوا بمودة عن هذا الجهد الذي ظلت أبوابه مفتوحة على الأضافة والتعزيز بما هو جديد . ولأن الأستاذ صلاح مثقف لديه أنشغالات عديدة وجوهرية في مسار الثقافة العراقية , حتى صارت عنصرا حيويا من مكونات الهوية الوطنية. وأنا أعني بذلك الموروث الشعبي الذي كشف ذكاء الأستاذ السعيد في تأويل المفردات ومتابعتها . ولا بد من التذكر بأن الأستاذ باسم عبد الحميد حمودي كتب عن الكتاب وكرّس الجهد المبذول من اجل أنجازه وأيضا الشاعر شكر حاجم الصالحي , ولعل الشاعر الكبير موفق محمد الأكثر حماسا في قراءة هذا الكتاب , وتعامل مع الألفاظ العامية بوصفها عشا للدبابير . وأعلن موفق محمد بأن اكثر من نصف قرن دامت العلاقة الثقافية مع السعيد وهو يعمل بصمت حتى تمكن من النجاح بأنجاز الكثير والمتنوع في مجال الترجمة والتأليف التي كشفت عن عناية بالشعر والسرد وأدب الرحلات ومذكرات الرحالة والمستشرقين , وأبدع في سيرة الكشف عن المدن التي زارها وأطلع عليها , وكان بارعا بألتقاط ماأثار دهشته وترجم ما أثار اهتمامه من مقالات عن الأدب الغربي , وقادته الدهشة والأعجاب العام الى ترجمة أوراق العشب لوالت ويتمان التي ترجمها من فبل سعدي يوسف. ولا بد من الأشارة لذاكرة مشتركة مع الأستاذ صلاح السعيد الذي كان ضمن جماعة الجندول الثقافية المكونة من ابرز الأسماء الحلية مثل عبد الجبار عباس ,موفق محمد, عائد خصباك , ناجح المعموري , قاسم محمد حمزة , حسن عمران , يحي حسن , مهدي محمد علي البصري , جعفر الزركاني , قاسم عبد الأمير عجام مع دور بارز ضمن المرحلة التي انبثق منها اتحاد الأدباء والكتاب فرع بابل , كان وظل في آخر لحظة له امينا وحافظا على مالية الآتحاد ورئيسا له لدورتين . ولم ينقطع عن أنشطة الحلة الثقافية بل كان له حضور بارز ومحفز ضمن فعاليات البيوت الثقافية التي عرفتها مدينة الحلة . أنا أعتقد بأن العناية بالمفردات والألفاظ العامية فيها تورط واضح , لأنه يستدعي المعرفة والثقافة العميقة باللهجات الوافدة من دول الجوار أو تلك القوميات التي عاشت تداخلا واسعا وعميقا مع العراق ومحافظاته . ومن تلك اللهجات , التركية , الفارسية , وبعض الدول الأجنبية التي اشتغلت كثيرا في الحفريات والتنقيب , حيث تعارفت المفردات مع بعضها . وهذا ماكشفت عنه مهارات صلاح السعيد وعلى سبيل المثال : بطنج : نوع من النعناع ( فارسية) وفي المثل " حية وبطنج " أي لايلتقيان , وتتضح لنا خبرة السعيد بالطعام ومنها الخضروات. بطخـﭽـي : المحتال الذي لايفي ما أستدانه من ( باتاق) التركية , وتعني ايضا الكسول الذي لايريد أن يشتغل . وكثيرا ما أتسع الباحث صلاح السعيد بالألفاظ وتنوع المعاني والكنايات حتى يتكشف للقارىء خزانا مهما من المعلومات وتتعمق العلاقات والتماثلات بين المفردات . ومن المهارات البارزة في اشتغالات السعيد دراسته للألفاظ حسب الحروف الأبجدية وهذه وظيفة صعبة ومعقدة . ولم يكتف السعيد بذلك بل عقد مقارنات مع الملفوظات العربية مثل الليبية لأنه عاش فترة طويلة هناك . وقال الأستاذ السعيد أن اللغة الفصحى هي الأصل الأول للعامية وهذا ظاهر لمن يلاحظ مئات الألفاظ والمفردات الشائعة على السنة العوام , وهناك جمهرة كبيرة من النصوص الفصيحة ترد في الفاظ القوم ومخاطباتهم دون أن يكون شيء منها ثقيلا على السنتهم دون أن يعرض لها اللحن والتصحيف ص 19 . ولم ينس الأستاذ السعيد فترات الأحتلال المتنوعة والطويلة كالفرس والترك والأنكليز وأخلاط كثيرة من الأقوام والأثنيات التي سكنت بلاد مابين النهرين مما أثر في لغة القوم الفصحى حتى كادت العامية أن تصبح لغة تختلف تماما عن اللغة العربية الفصحى . ومعروف بأن الأفراد والجماعات تتداول العامية وفي احيان كثيرة الفصحى ولن يستطيع الأفراد فك الأشتباك معها . وهذا يفضي حتما للقول بأن لكل قطر عربي عاميته الخاصة , والمصرية اكثر العاميات فهما ومعرفة لأتساع التداول والتبادل عبر السينما والصحف وألأغاني . وألمح السعيد أنه أضطر في كتابه هذا بطبعته الخامسة لتناول العامية ( المدينية) المتداولة في حاضر المدينة الآن والتي تتباين مع لهجة الأرياف . اللهجات العامية متغيرة وعرضة لحصول الأستبدالات فيها , لذا دائما ماتبرز فيها مفردات مختلفة وجديدة , لأن اللغة , أية لغة قابلة للأختلاف , لأن كل اللغات تمثل كائنات حية , والكائن الحي غير متوقف بل قابل للنمو والتحول , ومن هنا تحصل فيه تباينات ولذلك فأن دراسة الألفاظ مهمة صعبة ومعقدة تحتاج الى خزانات من الثقافة توظف أثناء الدراسة . ولذا سيواجه القارىء لجمهرة الألفاظ أن صلاح السعيد أحتفظ بمرايا عديدة أخضعها للتوظيف والتطبيق , ولذا دائما ماتبرز امامنا مكوناته الثقافية . كل حياة / مرحلة لها مفردات خاصة وأغان وقصائد تفهمها الأفراد والجماعات , لكنها في عقد أو بعد عقدين لايمكن فهمها او التعامل معها بشكل جيد بمعنى من الملفوظ او النصوص والى آخر ماينتجه الكائن هي كائنات , او حيوات متطورة , والعامية لاتؤثر على الفصحى عند خضوعها للتسجيل او التدوين . وجد الأستاذ صلاح السعيد عونا واضحا ودعما جوهريا وهذا مادلت عليه الأسماء الثقافية التي وجه لها الشكر والتقدير والعرفان بما قدموه له وهذا يعني بأن مدينة الحلة تحفل بأسماء بارزة معنية بالمورثات الشعبية , وتداخلت اهتمامات الأسماء الثقافية بالأهتمام , لذا ابرزت اسماء أدبية واخرى تراثية . شكرا للسعيد على ماقدم من جهد بارز ومهم ودعوة للمثقفين لضرورة الأطلاع على هذا الكتاب لأنه يوفر غنى ثقافيا ويزود معرفة بالتداولات الحاصلة بين الملفوظات في فترات متباينة . تحمست في قراءة هذا المصدر السوسيوثقافي الكاشف عن طبقات عميقة في الحياة مع خضوعاتها للتحولات والمتغيرات , وو ووجدت بأن ماذهب اليه الأستاذ السعيد لانستطيع اهمال المنجز لأنه مصدر من عديد من المصادر الثقافية والمعرفية مثلما هو كشّاف للأدوار التي مرت بها الأفراد والجماعات في قبولها للغات الوافدة . بل أنا وجدت ضرورات قصوى يجب التوجه بها لفحص الشواهد التجريبية المتوفرة وتفيد من كل المناهج والملاحظات السوسيولوجية والبحث التاريخي , فهذه الأساليب القديمة لن تقصى وانما ستتحول الى مركز فكري جديد ومن ثم ترى من زاوية جديدة . المثير في هذه التجربة الثقافية والأجتماعية بروز الدور الجوهري للخزان الشعبي حيث الموروثات المتنوعة التي لعبت دورا وسيطا مهما في التأويلات المدعومة بالأمثال الشعبية والأغاني والشواهد الخاصة بالنسوة , وبرز دور المحكيات التي تحولت الى محفوظات صاغت تجوهرات الخزان الثقافي والذي رسم كثيرا من الرموز والعلامات . والمدهش أن صلاح السعيد كشف عن ذاكرة لها امتداد زمني وتأريخي , لكنه لم يتجاهل الأدوار الفنية والشعبية لبعض الشعراء الذي لم يستطع الأهتداء اليهم , لكنه سجل المنجز الدال على الشاعر المعني , لكني اعتقد بأن الأستاذ السعيد استفاد من مكتبة غنية بالموروثات وأجرى تطبيقا لبعض مفردات لتعميق المعجم ومثال ذلك : قيّم : من القيمة والثمن , وفي المثل قيّم الركاع من ديرة عفج . وسجل ايضا لشاعر شعبي مجهول وهو طويل نسبيا : قيّم الركاع من هاي اللحة أتشوفه هيبة وعنده لحية مسّرحة أخيرا تميز جهد صلاح السعيد في هذه الجمهرة الغفيرة واهلا به في الحلة مدينته التي انجبته واستبسل بتمجيدها وسيظل اسما محفورا في ذاكرة المدينة وتنوعاتها الثقافية . |
المشـاهدات 633 تاريخ الإضافـة 25/06/2023 رقم المحتوى 24285 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |