الأحد 2025/1/5 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 11.95 مئويـة
نيوز بار
الطرق على أبواب الضمير في عزف الأمنيات للشاعرة أسماء الحميداوي
الطرق على أبواب الضمير في عزف الأمنيات للشاعرة أسماء الحميداوي
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

حسن الموسوي

تحاول الشاعرة أسماء الحميداوي في مجموعتها الشعرية عزف الأمنيات و الصادرة عن دار كيوان للطباعة و النشر و التوزيع في سوريا و المتكونة  من 116 صفحة ومن القطع المتوسط ان تعزف امنياتها عبر مجموعتها الشعرية التي تصنف ضمن قصيدة النثر .

حيث تمتاز قصيدة النثر  باحتوائها على الموسيقى و الصور الشعرية المكثفة مما يمنحها فضاء واسع للتحليق في عالم الإبداع و لا يكون الشاعر فيها مقيدا بالأوزان الشعرية و الغاية منها هي إظهار القصيدة بايقاع مناسب و يكون هذا الإيقاع ملازما للقصيدة .

كذلك تعرف قصيدة النثر على انها شكل من أشكال القصيدة الفصيحة و من خصائصها خلوها من الأوزان و القوافي أي انها متحررة كما تمتاز بوحدة الموضوع .

عنوان المجموعة هو العتبة النصية الأولى ،و يحدد العنوان هوية النص حيث يتم استخلاص الدلالة الشعرية من خلاله و يجب ان يتم الأخذ بنظر الاعتبار تطابق العنوان مع النص الشعري و تعتبر العلاقة بين العنوان و النص علاقة ايحائية .

كما أن أكثر المختصين المعنيين بتحليل النص الأدبي فإنهم يبدأون من خلال عتبة العنوان .

و لعل الشاعرة سوف تخبرنا عن امنياتها من خلال عزف قصائدها .

يرى جيرار جينيت أن العنوان يعبر عن ماهية النص و قد حدد ما أصطلح على تسميته بالمتعاليات النصية و هي { كل ما يجعل نصا يتعالق مع نصوص أخرى بطريقة مباشرة أو ضمنية } .

غلاف المجموعة الشعرية هو العتبة النصية الثانية و يظهر فيه فتى و هو يحمل فانوس مضيء و قد انتشرت القطع المضيئة الخارجة من الفانوس وسط عتمة احتلت مكانا واسعا ، و هذه دلالة كبيرة على تطابق العنوان مع غلاف المجموعة الشعرية .

الإهداء هو العتبة النصية الثالثة و نجد فيه كثير من الشجون و اللوعة حيث كتبت الشاعرة في اهدائها

إلى من ضاجعه المنون

إلى من يصغرني بأعوام

و أكبر مني بقرون

كلما لاح لي طيفك

شبح المنية يخنقني

بوشاح ذلك الحنين

إلى أخي مالك الحميداوي

في هذا الإهداء نجد أيضا أمنيات معزوفة و حنين الى الأخ الذي استشهد و هو في ريعان شبابه و ما تركه من أثر في نفسية الشاعرة .

كتبت مقدمة هذه المجموعة الروائية و الشاعرة السورية نجاح إبراهيم،  و من الجدير بالذكر فإن المقدمة هي العتبة النصية الرابعة.

كتبت هذه المجموعة الشعرية بلغة سلسلة قريبة من الملتلقي و كانت الشاعرة صادقة في اختيارها للمفردات ، يقول ادواردو غاليانو { الروح تعيش في الكلمات الصادقة التي نقولها ، فإذا اعطيتك كلمتي اعطيتك نفسي }

أكثر الأشخاص طرحا للأسئلة هم الفلاسفة ، فهم وحدهم من يمارسون سلطة التكهن لتأويل الأشياء من أجل الوصول إلى اليقين الكامل الذي يبعدهم عن متاهة الوهم ،  و الشاعرة هنا تطرح سؤال عن حقيقة العطر الذي فجر البوح الكامن في نفس الشاعرة حيث تقول

ما حقيقة

عطرك الذي

أذكى ذلك البوح  ص 17

و كحال كل المجتمعات الشرقية ، تلك المجتمعات التي تؤمن بنبوءات العرافة لدرجة تجعل من تلك النبوءات مسيرة حياة  للذين يؤمنون بها و هناك عدة اسباب للتعلق بكلام العرافة منها الموروث الشعبي المتداول و المتوارث عبر الأجيال و منها أيضا تدني المستوى الثقافي للمجتمع  ،  حيث تقول الشاعرة

يا بنت

إياك و الهواء

لا تقربيه من

ضفائرك

لا تنسي وجهك

عند المرآة

عند كل فجر  ص 23

في قصيدة قال لي تركز الشاعرة على ضرورة التصديق بالواقع و عدم الانجرار إلى الأحلام التي لا تجلب لأصحابها سوى المزيد من العيش على أوهام مجترة حيث تقول الشاعرة

لا سماء تمطر

قمحا

لا أرض تجمع

الشتات

سيان أن كفك ظللت شمسا

أو أن تبغي الظل  ص 25

في قصيدة كيوبيد نجد الحب و المناجاة بين الحبيب و محبوبته و هذه قصيدة وجدانية بامتياز،  و كيوبيد هو رسول الغرام في الأساطير الرومانية و هو ابن الإلهة افروديت ، و هنا استخدمت الشاعرة للميثالوجيا ووظفتها في هذه المجموعة الشعرية حيث تقول الشاعرة

تجيئين ليلا

على بساط الغرام

قصيدة في

اتونس الشوق تحترق

هذيان قميصي

هو بعض من نسيج ذنبي

أرتديه  ص 31

و قد استخدمت الشاعرة  في هذه القصيدة الانزياح ، و الانزياح هو خروج الكلام عن نسقه المألوف و هو اسلوب أدبي و يمنح القصيدة خصوصيتها  و توهجها  و يجعلها ذات لغة مختلفة .

كما نجد في هذه القصيدة الاعتراف بالذنب و في الحضارات القديمة ، كذلك في بعض الأديان فإن الاعتراف بالذنب هو نوع من انواع تطهير الأنفس من الادران التي تلحق بها خلال سنين حياتها .

في قصيدة مهاجرة انا تتطرق الشاعرة إلى محنة الهجرة التي عانى منها كثير من أبناء الوطن نتيجة للظروف الأمنية و الحروب ، و حتى في المهجر فالمهاجرون لا ينسون اوطانهم ، أنه التعلق بالجذور .

في قصيدة لآرتميس توظف الشاعرة الميثالوجيا أيضا  في كتابة القصيدة ، كما انها تقوم بإهداء قصيدتها إلى آرتميس .

و آرتميس حسب المعتقدات الاغريقية هي إلهة الخصوبة و هي الأخت التوأم لأبولو إله الشمس .

أن اختيار شخصية أسطورية في العناوين تضيف ألقا و ابداعا إلى القصيدة باعتبار أن العناوين الثانوية هي من العتبات النصية .

في قصيدة الذكرى تتحدث الشاعرة عن الذكريات و الاحلام بانتظار بزوغ فجر اللقاء حيث تقول

كلما تهيجت حروف

قصائدك

حرفا .. حرفا

كي أصل إليك

تهت في أول حرف  ص69

انها متاهة اللقاء بعد الهجران .

في قصيدة رسائلي الفارغة هي قصيدة وجدانية حيث معاناة السهر و الترقب حيث تقول

وسادتي رعناء

تجعلني أنهش برأسي

استسقي بياض الليل

برماد النعاس  ص88

استطاعت الشاعرة من استخدام تقنية كتابة قصيدة النثر ببراعة و مهارة عالية حيث استخدمت الانزياح و التكثيف و الايجاز و الزمان و المكان و الأهم من ذلك تمريرها لرسالتها من خلال قصائدها .

 

المشـاهدات 481   تاريخ الإضافـة 08/09/2023   رقم المحتوى 28545
أضف تقييـم