كل ما يجري في العراق كان قد جرى في بلدان حكمها مجموعة من القتلة او اللصوص او العملاء , وما الى ذلك , بيد ان ما يميز التجربة العراقية في هذه المرحلة هي الوقاحة في تجسيد السرقة وعدم احترام القوانين والدستور , ويبدر هنا مصطلح سياسي استخدم عند الاغريق القدماء وهو "كليبتوقراطية" , ما يعني في القاموس السياسي حكم اللصوص , او ديمقراطية اللصوص

وجاء هذا المصطلح من كلمتين الاولى "كليبتو" وتعني في اللغة الاغريقية لص او اختلاس , و"قراط" معروفة وتعني طريقة الحكم او الحكم نفسه في اللغة الاغريقية.

المثير بالامر ان الكليبتوقراطية لا تشمل النظم الاستبدادية التي يحكمها الطغاة , فهو لا يعني الحكم الدكتاتوري او الدولة الشمولية , وانما يقصد حكم "القلًة" الذين يتفقون على سرقة البلاد ونهب خيراتها , وهؤلاء القلة ربما يجمعهم وضع طائفي او قومي او عرقي او حزبي . وغالبا ما يصدر الفاسدون في ظل الكليبتوقراطية الكثير من الاموال الى دول اجنبية تحسبا لفقدان سلطتهم.

وهذا لعمري هو بيت القصيد في العراق , حيث ورد في تعريف الكليبتوقراطية ان السياسيين يثرون انفسهم سرا خارج سيادة القانون.

وتضعف الرقابة نتيجة تحكم الكليبتوقراطيين في موارد المال العام ووسائل صرف هذا المال. ويوجه اصحاب السلطة والقريبون منهم الى توجيه المال لأنفسهم ولشركائهم من خلال سيطرتهم على السلطة السياسية.

وورد كذلك في تعريف الكليبتوقراطية ما ينطبق الحذة بالحذة على ما يجري في عراق اليوم حيث قال التعريف:

يتعامل الحكام الكليبتوقراطيون في كثير من الأحيان مع خزينة دولتهم كمصدر لثروتهم الشخصية، وينفقون الأموال على السلع الكمالية ويبذرون كما تُملي رغباتهم. يحول الكثير من الحكام الكليبتوقراطيين الأموال العامة سراً إلى حسابات مصرفية شخصية عدة في بلدان أجنبية لتحصين أنفسهم ماليًا في حال أُزيحوا عن السلطة.

الكليبتوقراطية أكثر شيوعًا في البلدان النامية والدول المنهارة التي تعتمد في اقتصادها على تصدير الثروات الطبيعية.

 إن اعتماد الدول النامية على مدخول التصدير يكوّن شكلاً من الريع الاقتصادي، الذي يسهل سحبه دون التسبب في انخفاض الدخل. ما يؤدي إلى تراكم الثروة في أيدي النخب وقد يساعد الفساد بهذا الشكل على زيادة توليد الثروة في الدولة.

في الدول المنهارة، يُرجح الاعتماد على الاستيراد من الدول الأجنبية مع زيادة استنزاف الموارد الداخلية للدولة، فتُلزِم الدولة نفسها بعقود مع الشركاء في التجارة. ما يؤدي إلى قيام الكليبتوقراطية. وتعقد النخب الصفقات مع خصوم الدولة الأجانب لإبقاء الوضع على ما هو عليه لأطول فترة ممكنة.

بعض الدراسات المالية المعاصرة عرفت الكليبتوقراطية بأنها نظام قائم على عملية غسيل الاموال , وينفذ عملية الغسيل ويشرف عليها اصحاب السلطة , بهدف اخفاء اصول ثرواتهم الفاسدة , ويسمى اقتصاد الدولة التي يحكمها اللصوص اقتصاد كليبتوقراطي .

وقالت تقارير ان الاموال غير المشروعة التي يصدرها النظام الكليبتوقراطي تجاوز ترليون دولار عام 2011 وبلغ تصدير الاموال غير المشروعة منذ 2016 اكثر من 2 ترليون حيث يستغل الكليبتوقراطيين بعض الثغرات او ان بامكانهم ان يؤسسوا لقوانين تخدم مصالحهم فقط . 

ومن أهم سمات عملهم هو تأسيس شركات وهمية ومجهولة الهوية لإخفاء أصول وملكية الأموال وينشئ هؤلاء شبكات متعددة لإخفاء هوية المالك المنتفع.

وتبرز اموال الكليبتوقراطيين من خلال عقارات في دول غربية او معامل في دول مجاورة , او من خلال مصارف محلية او غير محلية.

ان مجرد دراسة تعريف الكليبتوقراطية ينعكس لدى القارئ المشهد العراقي بكل خسته وما يفعله الكليبتوقراطين العراقيين.