الثلاثاء 2024/10/22 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 23.95 مئويـة
علي حاتم سفير الفرشاة و القلم
علي حاتم سفير الفرشاة و القلم
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

إحسان العسكري

حيث كل شيء أصيل و كل فنٍ قديم و كل جمالٍ أخاذ نشأ المربي الفاضل و الفنان الفذ علي حاتم في مدينة شكلت ملتقى الأقاليم فأصبحت حلقة الوصل بين الحضر و الريف و الصحراء هذه البقعة من جنوب الأرض التي غالباً ما تلقي بضلالها على الوجوه المبدعة فيها فلم يكن علي حاتم مبدعاً من فراغ و إنما وسّع دائرة الانتماء لبيئته فشمل (مع حبه للإنسان) ما أحاط بها من تضاريس فنراهُ يرسم البادية و الخيل  و الفرسان و الطبيعة متخذاً من الألوان الزيتية و المائية أداة لبث جمال خياله بنكهة المدرسة الواقعية المعطرة برائحة التعبير ويجيد مزج الألوان باحترافية عالية قد تجعله يستحق مرتبة السفارة للريشة التي يحملها فهو الفنان الغارق بتفاصيل أصيلة ساعده في ذلك انتقالاته و دراسته للفنون  الجميلة في جامعة البصرة و غالباً ما تختلط سوق الشيوخ مع البصرة بكافة تفصيلات الجمال فهي المدينة التي لايشعر السوق شيوخي فيها إنه في غير مكانه ، لذا أضاف علي حاتم لانتمائه انتماءً آخراً و لأصالته أصالة متجددة وحمل الجمالين سمة استثمرها في لوحاته الجميلة التي تحتمل أبسطها الكثير من القراءات سيما وهو يعزز مجالات اهتمامه بالتفاصيل بدقة عالية و انغماسٍ شفيف في ما يرسم ، خطوط الوجوه التي يرسمها تخفي بين طياتها ضلال من سنين و تعابير من وجع التزمتا منهج الاتصال بذات الإنسان فقد اعتمد هذا الفنان أسلوبه الخاص فسخر التخطيط لرسم الصورة الشخصية بينما أغدق على اللوحة بألوانٍ  أجاد مزجها وتشكيلها على ورق تارة وعلى كانفاس تارة أخرى ساعده في ذلك قربه من صومعة الأدب والشعر في مدينته فكانت قاعات المهرجانات الثقافية تُفتتحُ بمعارضه غزيرة الجمال بجانب لوحات الفنانين المبدعين أمثال ناظم السعدون و أحمد شوني و صديق ناظم و فراس خضر و غيرهم من مبدعي الفن التشكيلي لذا كان للحرف أثره في تكوين شخصية هذا الفنان المجتهد  إذ  من البديهي ان  ترسم الكلمة مجموعة خيالات و انتقالات فالمساحة متاحة و غير محدودة المديات ولكن حين تنطق الصورة هنا تقف الكلمات إجلالاً لهذا النطق المرئي و تبرز حينها ومضة الوجدان في مرآة البصر المتأثر ، إن علي حاتم بطبيعة الحال يشكل حالةً فريدة بجمعه لمنتجات الفن التشكيلي عبر المدرسة الواقعية فعندما يرسم بقلم الفحم والرصاص أو بريشة و ألوان لا تخفى ظاهرة إبداعه لأنه يجيد ما يرسم ويبدع فيه و أعتقد أن إكثاره من تخطيط الشخصيات على الورق لم يأت لمجرد الهواية أو غيرها من الأسباب و إنما يجد المتابع لأساليب استمالة الشخصية و اسقاط هيبتها على اللوحة يدرك تماماً إنه محب للإنسان ولفنه و يحاول أن يعبر عن ذلك الحب بهذا الإخراج الجميل للوحاته ، وعلى الجانب الآخر حين يرسم المرأة  يتخطى موازين الإعتماد الشكلي لها كمسجم و يذهب بعيداً مغرقاً قلمه وريشته بتفاصيل التفاصيل يرسم المرأة المسنة بالقلم بخطوط حادة و ظلالٍ دقيقة ويحيط الوجه بخلفية فارغة كأنه يريد أن يوصل رسالته التي تنص على أن المرأة وجه نقي جميل لا يحتاج لمكملات الإظهار غير الضرورية بقدر حاجته للفهم ، وطبق هذه النظرية حين رسمها بالألوان أيضاً صب كل تركيزه عليها ككيان يمثل الجمال المستقل الخالي من إضافات قد يعتمدها بعض الفنانين وربما الكثير منهم لإبراز الوجه ولكنه انتقل من خطوة أولى نحو خطى أخيرة بإخراج لوحات المرأة بنقاء لون و تخطيط دقيق يختلف بشكلٍ واضحٍ عن تخطيط وجه الرجل فنراه يرسم الرجل بتفاصيل رجولية بحتة متخطياً ملامح العمر التي يُبرزها وجه الإنسان عادة ً ، و لا يخفى علينا جميعاً أن اصعب الرسم هو ماكان بالقلم الواحد وخاصة الرصاص فبطبيعة الحال يجد الفنان صعوبة في رسم الضل أو العكس صعوبة في الخط الدقيق لأن قلم الرصاص صُنع للكتابة و لم يُؤخذ بعين الاعتبار  استعماله في الرسم و عادةً ما يعاني الفنان الذي يستخدمه من مشكلة المحو فهذه المادة تتأثر بالأدوات كالممحاة و المحيط والمتغيرات ، و بطبيعة الحال هنا يكون الترميم و الإصلاح صعباً للغاية ، نحن نتحدث عن أحد الأساليب  الفنية الأكثر جمالاً وصعوبة  ،  حيثُ يُترجم العمل ثم يَنقل الصورة من المجال الذهني الواسع  إلى الورقة الصغيرة بمعنى  نقل الفكر الغزير بكل تفاصيله ومدياته من المخيلة الى الورقة الواحدة  باستخدام قلم الرصاص فقط ، وهنا أبدع فناننا في هذه الموضوعة ولم يلحظ المتابع لأعماله تبايناً في مستوى اللوحات بس ينتبه مباشرةً لقوة خطوطه و إجادته بهذه الكيفية كما لو أنه استخدم الألوان المتعددة ، ولأنه جمع بين الطريقتين و أحسن الاقتراب من النخب و العوام استحق بجدارة لقب سفير الفرشاة و القلم .

المشـاهدات 184   تاريخ الإضافـة 26/11/2023   رقم المحتوى 34097
أضف تقييـم