الأحد 2024/5/5 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 20.95 مئويـة
عن فلسفة الامام علي (ع)
عن فلسفة الامام علي (ع)
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

د. حسين عبيد الفريجي

 

في عام 2014م دعيت للمشاركة في اجتماع الطاولة المستديرة الذي أقامته منظمة اليونسكو العالمية في مقرها بباريس وبالتعاون مع وزارة الثقافة وكان الاجتماع بعنوان: (اسهامات فكر الامام علي عليه السلام في ثقافة السلام وحوار الثقافات احتفاءً بيوم الفلسفة العالمي).

وذلك بحضور كبار المسؤولين في المنظمة وعدد من الخبراء والباحثين من العراق ودول العالم.

وجاء عقد هذه الطاولة استناداً لبرنامج التعاون الثقافي بين وزارة الثقافة ومنظمة اليونسكو الخاص في اطار مشروع المحافظة على التراث الثقافي لمحافظة النجف الاشرف , وتعزيز حضورها الدولي بتأهيل الموروث الثقافي لها.

وشهدت إلقاء العديد من البحوث لباحثين واكاديميين مختصين بفكر الامام علي (عليه السلام).

وكان وفدنا يضم عدداً من الاكاديميين والاساتذة الأفاضل من أمثال الدكتور وليد الأسدي – عميد كلية الفقه في جامعة الكوفة- والاستاذ حيدر سعيد , والاستاذ الدكتور صلاح الفرطوسي وغيرهم ممن كان لهم حضور مميز في ذلك المحفل العالمي المهيب.

ومن المفارقات التي تلفت النظر ان الدعوة قد وجهت ايضاً الى الاديب اللبناني المسيحي الاستاذ جورج جرداق لولا ان وافاه الأجل المحتوم قبل بضعة أيام من عقد ذلك الاجتماع.

وهكذا فقدنا علماً بارزاً من اعلام الأدب العربي الذي أثرى المكتبة العربية بمؤلفاته القيمة , وأهمها على الإطلاق كتابه الكبير (الامام علي صوت العدالة الانسانية) وهو موسوعة ضخمة لا نظير لها تقع في خمسة مجلدات , وتعد من افضل ما كتب عن الامام علي (عليه السلام) في العصر الحديث ان لم تكن افضلها على الاطلاق.

قبل دخول القاعة الكبرى , أجلسونا في قاعة صغيرة تتوسطها طاولة وضعت عليها قناني الماء ومستلزمات الضيافة , كانت جلسة للتعارف ولتعريف كل باحث بنفسه وبأعماله ومؤلفاته , وقد وضعت أمامي على الطاولة كتابي الضخم عن فلسفة نهج البلاغة .. كان يجلس الى يميني رجل اجنبي علمت فيما بعد انه أمريكي .. لا حظت ان هذا الرجل الاجنبي كان ينظر بإمعان الى عنوان كتابي (نهج البلاغة دراسة فلسفية).

ثم قال بتأثر واحترام بلغة عربية ركيكة : اوه ..نهج البلاغة , فعجبت لذلك غاية العجب فقلت له: هل تعرف نهج البلاغة يا مستر؟ فأجابني بقوله: نعم أعرفه.

فسألته: ما هو نهج البلاغة اذن؟

فأجاب وهو يرفع سبابته الى صدغه: (انه دستور العقل).

فزدت عجباً وإعجاباً بهذا الوصف الدقيق البليغ الذي لا يستطيعهُ إلا أهل البصائر.

ورجعت الى نفسي اقول: كم نحن مقصرون في حق نهج البلاغة وفي حق تراثنا الاسلامي العظيم؟

هذا رجل من اقصى الغرب , يتحدث في قلب باريس عن نهج البلاغة ويصفه اروع وصف وأكمل وصف.

كلام علي هو دستور العقل كما قال ذلك الباحث الغربي المنصف.

فلماذا ابتعدنا عن هذا الدستور وتركناه وراء ظهورنا؟

ومن قبل تم تكريم نهج البلاغة في الأمم المتحدة .. بعدما اطلع الامين العام للمنظمة الدولية (كوفي عنان) في عام 2002م , على فصول من كتاب نهج البلاغة لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) وأخذ منه العجب والإعجاب كل مأخذ وهو يقرأ (عهد الامام علي الى مالك الاشتر واليه على مصر).

ذلك الكتاب الخالد الذي لا يدانيه كتاب في ادارة الحكم وسياسة البلاد , وحقوق الانسان.

واستوقفت نظره وفكره عبارة عظيمة لأميرنا علي .. -وكل كلامه عظيم- يقول فيها مخاطباً عامله الاشتر:

(اعلم يا مالك ان الناس صنفان: اما أخ لك في الدين او نظير لك في الخلق) , وأهتز (كوفي عنان) من أعماقه وهو يقرأ هذا الكلام لما فيه من معانٍ انسانية رائعة تضع الانسان في مكانه اللائق المرموق وترشده الى الطريق الصحيح ليجد نفسه فرداً نافعاً في الجامعة البشرية , فرداً مبجلاً مكرماً بين اخوانه في الانسانية يتمتع بحقوقه المشروعة في الحياة الحرة الكريمة من اي دين كان , ومن اي لون او جنس من الناس.

واقترح الامين العام للأمم المتحدة ان تعلق عبارة سيدنا الامير على كل المنظمات , كما اصر على ان تكون هناك مداولة قانونية حول كتاب الإمام علي (ع) للأشتر وقد اعتمدت اللجنة القانونية في الأمم المتحدة – وهذا مهم جداً – عهد الامام الى الأشتر كأحد مصادر التشريع الدولي.

وقد اصدرت الامم المتحدة في العام نفسه تقريراً باللغة الانكليزية بمائة وستين صفحة أعده برنامج الامم المتحدة الإنمائي الخاص بحقوق الانسان وتحسين البيئة والمعيشة ورفع مستوى التعليم .. حيث تم فيه اتخاذ الامام علي من قبل المجتمع الدولي شخصية متميزة , ومثلاً اعلى في اشاعة العدالة والمساواة , واحترام حقوق الناس جميعاً مسلمين وغير مسلمين , وتطوير المعرفة والعلوم , وتأسيس الدولة على اسس التسامح والخير والتعددية , وعدم خنق الحريات العامة , وقد تضمن التقرير مقتطفات من وصايا أمير المؤمنين في نهج  البلاغة التي كان يوصي بها عماله وقادة جنده.

حيث يذكر التقرير العالمي ان هذه الوصايا الرائعة تعد مفخرة من مفاخر الانسانية لنشر العدالة وتطوير المعرفة واحترام حقوق الانسان.

ذلك ما حصل في العام 2002م في المنظمة العالمية للأمم المتحدة في نيويورك ولنعد الى جلستنا في منظمة اليونسكو بباريس .. في العام 2014م كما اسلفت.

حيث افتتح الجلسة مدير مكتب يونسكو العراق أكسل بكلمة تحدث فيها عن أهمية المناسبة والجهد المبذول في اعدادها وشاكراً منظمة اليونسكو ووزارة الثقافة العراقية على دعمها المادي والمعنوي.

كما قدمت مساعدة المدير العام للثقافة باليونسكو (الفريدو بيريز ارميان) التي رعت الندوة شكرها للقائمين على الندوة في الوقت الذي اشادت بأهميتها في إغناء الفكر العالمي استناداً الى أهمية فكر الامام علي ومشروعه الانساني الفريد الى جانب الأهمية التي تمثلها مدينة النجف الاشرف.

كما تحدث كاتب هذه السطور عن (سياسة الحوار والسلم والتسامح عند الامام علي (ع)).

ثم تلته الدكتورة طاهرة قطب  الدين – وهي استاذة بجامعة شيكاغو – وكانت مداخلتها بعنوان (دعوة الامام علي عليه السلام والتعددية).

اما آخر المتحدثين بالجلسة الاولى فهو الدكتور عبد علي صافايا الاستاذ بجامعة بوردو بفرنسا , اما مداخلته فكانت بعنوان (علي بن ابي طالب صوت الانسانية).

ثم اختتمت الجلسة بمداخلات وأسئلة ومناقشات أغنت الطاولة بالكثير من الجوانب في الموضوع.

في كلمتي على منصة اليونسكو تحدثت عن شخصية الامام علي عليه السلام:

جوانب من عبقريته الفذة , ومواهبه العقلية الخارقة , وعطائه الفكري العظيم مما جعل منه عبقرية متفردة بلغت حد الكمال في كافة ميادين العبقرية والعظمة , حتى لا تكاد تجوز صفة على صفة .. وحتى لا تكاد تعلو كفة على كفة في ميزان عظمته وعبقريته.

وتلك هي المزية الكبرى التي جعلت منه انموذجاً فريداً لم ير له الشرق ولا الغرب مثيلاً في طول التاريخ وعرضه.

وهذا هو الفارق الكبير بين الامام الاعظم وبين سائر العظماء ممن ملأوا الخافقين بأمجادهم ومآثرهم.

اذ المعروف ان كل عظيم من اولئك الأفذاذ قد اشتهر بصفة معينة دون سواها لصقت باسمه واقترنت بذكره , ورفعته الى مصاف العظماء , فأدرج في سجل الخالدين.

غلب على (عنترة) صفة الشجاعة .. حتى لا تكاد تذكر له الى جانبها صفة اخرى , فما ذكر اسم (عنترة) إلا اقترن بصفة الشجاعة والإقدام ..دون سائر الصفات وغلب على (حاتم) صفة الجود والسخاء .. فلا تكاد تقرن بها صفة اخرى فما ذكر اسم (حاتم) إلا قيل انه الجواد الكريم  وكفى.

وعرف (سقراط) بالحكمة والفلسفة.

فلا يكاد يذكر إلا بالفيلسوف او الحكيم.

اما علي بن ابي طالب فقد حاز كل صفات العظمة والكمال.

التي تكفي حيازة واحدة منها ليكون المرء عظيماً وشهيراً , كعنترة وحاتم وسقراط.

فما بالك بعظيم جمع هذه الصفات العبقرية العظمى .. بل وزاد على اصحابها الذين اشتهروا بها .. وسارت بذكرهم الركبان.

ما بالك بمن حاز على صفة الاولوية في كل هذه الصفات الخيرة .. حتى غدا اشجع من عنترة .. وأكرم من حاتم .. وأحكم من سقراط.

هذي السماحة لا سماحة حاتم .. تلك الشجاعة لا شجاعة عنتر.

قال ابن سينا:

(لم يكن احد فيلسوفاً شجاعاً قط إلا علي عليه السلام).

ولما قال (المتنبي) بيته المعروف:

وكل شجاعة في المرء تغني             ولا مثل الشجاعة في الحكيم

قيل له : انّى يكون الشجاع حكيماً؟

قال: هذا علي بن ابي طالب.

انظر وتأمل في هذا الموقف الذي سأرويه لك الآن وقل لي في اي مرتبة تضعه من معالي المكرمات .. افي خانة الجود والكرم .. ام في خانة النبل والانسانية .. ام في خانة الشجاعة والإقدام؟

عليٌ في مبارزة مع احد الفرسان وهما في كر وفرٍ , وطعن وضرب , وازدحام  والتحام ,  وفجأة طلب الفارس الخصم من علي طلباً غريباً , لقد قال له: هبني سيفك يا علي..!!!

فماذا تظنون علياً فاعلاً؟

لقد رمى بالسيف الى خصمه فالتقطه واصبح في يده سيفان.. وبقي عليٌ اعزل من السلاح , لكنه لم يكن اعزل من سلاح الايمان واليقين الذي يجترح العجائب.

دهش الفارس الخصم مما رأى وقال لعلي متسائلاً وقد ملكته الحيرة والذهول: عجباً لك .. أفي مثل هذه الساعة تدفع اليَّ سيفك؟

فأجابه علي ببساطة لا تتناسب وهول الموقف: إنك سألت وما كنت لأرد سائلاً.

هنا طأطأ الفارس راسه إجلالاً للموقف العظيم .. وانضم الى علي بن ابي طالب.

كسب علي الموقف لا بسيفه .. فقد تخلى عنه لخصمه مختاراً ولكن .. كسب الخصم العنيد بنخوته واخلاقه .. بأسلوبه الفريد .. في معاملة الناس ايّاً كانوا .. اصدقاء ام اعداء.

فعليٌ هو الفائز دائماً .. لأن فوزه انتصار للإنسان حيثما كان.

فكأن الفضائل الانسانية قد تجمعت كلها في شخص هذا الرجل العظيم.. هذا الانسان الأمثل .. الذي كان وسيبقى مثلاً اعلى .. وقدوة حسنة لكل الساعين في دروب الخير والصلاح.

وبعد ان اكملت حديثي على منصة اليونسكو .. في ذلك المحفل الكبير .. جاء دور الاسئلة والمداخلات والمناقشات ...

وقصدني احد الحاضرين وقدم لي نفسه – انه من جمهورية مصر العربية – كان يحمل في يده ورقة كتب عليها اسئلة .. رحبت به ودعوته للحوار وتبادل الآراء سألني قائلاً:

استاذ .. لقد قلت في كلمتك القيمة ان الامام علي كان حكيماً .. بل قلت انه احكم من سقراط.

قلت: نعم هذا ما قلته في كلمتي.

وعاد يسأل: اذا كان الامام علي على هذه الدرجة من الحكمة والعبقرية كما وصفته فلماذا كان عصر خلافته مليئاً بالفتن والحروب والاضطرابات؟

ارجو ان لا يزعجك سؤالي هذا؟

ابتسمت في وجهه وقلت له: ابداً لا يزعجني السؤال: لقد جئنا من الشرق الى الغرب لنلتقي ونتحاور ونتفاهم.. وسأجيبك عن سؤالك الآن .. بل سيتولى الاجابة عني الخليفة الثاني عمر بن الخطاب فما رأيك؟ سألني مستغرباً: وكيف ذلك يا استاذ؟

فقلت له مجيباً: انت تعرف قضية الشورى .. الشورى التي صنعها عمر عندما ضرب ودنا منه الاجل ..لقد اختار (عمر) ستة من الصحابة لاختيار من يخلفه .. قال ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مات وهو راض عنهم.

وهؤلاء الستة: هم الامام علي , وعثمان بن عفان , وسعد بن ابي وقاص , وطلحة , والزبير , وعبدالرحمن بن عوف.. وبعد ان حضروا امامه اخذ عمر يوجه الى كل منهم كلاماً او وصفاً او نقداً يعزز صلاحيته او عدم صلاحيته للخلافة.

ليس موضوعنا الآن ما قاله للآخرين.

المهم ما قاله عمر للإمام علي .. لأن كلام عمر سيكون جواباً لسؤالك.

لقد قال الخليفة الثاني عمر بن الخطاب مخاطباً الامام علي بن ابي طالب:

واما انت يا علي فلله ابوك ..ولو وليتها – اي الخلافة – لحملتهم على المحجة البيضاء والحق الذي لا يطيقونه.

ذلك ما قاله عمر لعلي: انه سيسير بهم على الصراط  المستقيم والحق المبين وقبل ذلك قال الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم):

(علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار).

وقد امرنا الله تعالى في قرآنه بقوله: (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا).

فقد امرنا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بإتباع (علي) لأنه مع الحق والحق معه.

وشهد عمر بأن علياً يقيم نهج الحق والطريق القويم .. وهذا ما حاول الامام بكل جهده وطاقته ان يفعله ..طوال حياته خصوصاً في فترة خلافته فهل هو ذنب الامام العادل ان يعارضه المعارضون او يحاربه المنافقون؟

العلة ليست في علي ..ولا في سياسة علي .. العلة في هؤلاء الناقمين الذين لا يهمهم اقامة الحق والعدل بين الناس بقدر ما تهمهم مصالحهم الخاصة ومنافعهم الشخصية.

نفس الزمر التي عارضت النبي ووقفت في طريق دعوته من اصحاب الجاه والمال والنفوذ حتى قال القرآن الكريم عنهم: (فذرني والمكذبين اولي النعمة) .. فالعلة ليست في الرسول: بل العلة في من وقفوا ضده وحاربوه لذلك كثرت الفتن في عهد الامام علي .. كما كثرت في عهد الرسول من قبل المكذبين وأهل المنافع والمطامع.. ارجو ان اكون قد اجبتك؟

فقال: لقد اجبتني والله خير جواب ..وأنا اشكرك.

وكان هناك سؤال مهم وجهه أحد الاخوة من اعضاء الملحقية الثقافية لجمهورية ايران الاسلامية في اليونسكو , وقد تساءل فيه عن معنى قول الامام علي (ع) في نهج البلاغة: (لو لا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر وما اخذ الله على العلماء ان لا يقارّوا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم , لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس اولها ولألفيتم دنياكم هذه ازهد عندي من جناح بعوضة).

تكلم رئيس الجلسة قائلاً: من يجيب؟

كنت اجلس الى جانبه مباشرة .. فقلت على الفور: انا اجيب يا دكتور.

فقال: تفضل..

قلت في معرض الجواب: ان هذا الكلام البليغ لأمير المؤمنين عليه السلام ينم عن فهم عميق لطبيعة الامور , وادراك واسع لتلك التناقضات الاجتماعية التي كانت تسود المجتمع الاسلامي آنذاك.

لو لا حضور الحاضر: اي لو لا حضور من حضر لبيعته.

اي لولا المسؤولية الملقاة على عاتقه بما اخذ الله على العلماء ان لا يسكتوا على تخمة الظالم وجوع المظلوم .. لترك امر الحكم والخلافة فالدنيا عنده لا تساوي جناح بعوضة ان لم يقم حقاً او يدفع باطلاً.

هذا هو جوهر القضية عند علي بن ابي طالب.

ان يضع حداً لسغب المظلوم وكظة الظالم.

جوهر القضية ان يخلق نوعاً من التوازن الاجتماعي بين تخمة الظالمين الغاصبين ..وبين جوع البائسين المظلومين املاً في تحقيق العدالة المنشودة.

ان العدالة عند علي ليست مذهباً مكتسباً وان اصبحت في نهجه مذهباً فيما بعد وليست خطة اوضحتها سياسة الدولة .. وان كان هذا الجانب من مفاهيمها لديه , وليست طريقاً يسلكها عن عمد فتوصله من اهل المجتمع الى مكان الصدارة وان هو سلكها فأوصلته الى قلوب الطيبين , بل لأنها في بنيانه الاخلاقي والأدبي اصلٌ يتحد بأصول وطبعٌ لا يمكنه ان يجوز ذاته فيخرج عليها , حتى لكأن هذه العدالة مادة ركب منها بنيانه الجسماني نفسه في جملة ما ركب منه فاذا هي دم في دمه وروح في روحه.

هذا هو جوهر القضية عند علي بن ابي طالب.

اذن: فها هي الانسانية اليوم تصحو من رقادها الطويل لترنو بأبصارها الى مصدر الحق والخير وصوت العدالة الانسانية الخالد , ها هم جهابذة الفكر , واساطين السياسة , وأعلام القانون , وقادة العالم المتمدن في القرن الحادي والعشرين .. يلقحون افكارهم وعقولهم بكلمات امير المؤمنين وسيد الحكماء والمفكرين .. الذي تشرفت به الانسانية جمعاء منذ رأى النور وليداً في الكعبة , حتى يرث الله الارض ومن عليها.

وتلك هي العظمة حقاً ..وذلك هو الانسان العظيم.

قد شرّف اللهُ أرضاً أنت ساكنها         وشرّف الخلق اذ سوّاكَ انسانا.

المشـاهدات 91   تاريخ الإضافـة 31/03/2024   رقم المحتوى 43017
أضف تقييـم