الإثنين 2024/4/29 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غيوم متفرقة
بغداد 25.95 مئويـة
على ورق الورد شغف الاستماع للموسيقى منذر عبد الحر
على ورق الورد شغف الاستماع للموسيقى منذر عبد الحر
فن
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

         تمتلك الموسيقى لغة ساحرة على درجة عالية من التأثير في النفس البشرية , هذا التأثير الذي لا يماثله تأثير آخر في كل الفنون وأدوات التعبير الابداعية ظل عصيا على الفهم والتفسير وحتى الوصف والتحليل , حدّ أن الشاعر الانكليزي الخالد شكسبير قال نتمنى أن يصل تأثير الشعر في المتلقي مثل تأثير الموسيقى فيه , وهكذا فإن الموسيقى استخدمت وتستخدم في ترويح النفس ومعالجة بعض الأمراض , كما أنها تصنع طقسا روحيا خالصا يثري الحس الانساني بالاسترخاء والتأمل والإبحار في عوالم متخيّلة تأخذه إلى فضاءات الأمل والنشوة والإحساس بالعالم المليء بالبجمال المتوقد الخالص .

 

         والموسيقى جزء من الغناء , بل هي العماد الذي تنشأ فيه الأغنيات وتترجم الكلمات المكتوبة إحساسا وتعبيرا يعمّق الكلمة المهموسة شعرا ويعطيها دفقا من البوح والألق وعبق التعبير الخالص عن الهواجس الانسانية العميقة التي يشعر بها الإنسان ويتفاعل معها تفاعلا وجدانيا باذخا .

 

         الموسيقى , كانت تؤدى مجردة , وكانت هناك مؤلفات موسيقية و اسعة الحضور في حياتنا الثقافية كنّا نستمع إليها ونمضي معها عبر أجواء لا مثيل لها , فترانا نصغي للأمواج الذائبة على بساط الشجن الساحر في بحيرة البجع , أو نرحل في قارب بلّوريّ في الدانوب الأزرق ونحن نجمع دموع الحنين في كأس طفحت فيه وردة حمراء , أو نجوب مجسّات الحزن والاشتياق مع الزجاج المبلل بالندى في النهر الخالد , كل ذلك في الموسيقى التي تفتح المخيلة على أوسع مديات الحلم فيها , وتجعل النفس توّاقة أكثر للحياة المفعمة بالحيوية والألق .

 

         أين نجد اليوم هذه الموسيقى , وهل غاب المؤلفون الموسيقيّون ؟

 

         ربّما انحسرت السمفونيات والمؤلفات الموسيقية , بسبب عدم رواجها واعتبارها بضاعة قديمة مضى عليها الزمن وصارت ضربا من تقاليد الماضي , والمطلوب اليوم في الموسيقى والغناء غير ذلك , فالحياة الراهنة أغلقت أبواب التأمل وفتحت أبوابا أخرى على "الصخب والعنف" وعلى السرعة في الكلمة واللحن والأداء , وعلى الرؤية المباشرة التي تأخذ من سوء الشارع مادّتها لتعبّر عنها بأتفه السبل .

 

         يوم لحن فناننا القدير الراحل طالب القره غولي أغنية البنفسج , سمعنا قبل أن ينطلق سحر الكلام منها , مقطوعة موسيقيّة من أرق وأعذب وأجمل تصوّرات البوح الموسيقي , فكانت مؤلفا موسيقيا قائما بذاته , حمل معاني قد لا نبالغ إذا قلنا أكثر بلاغة من الكلام الكبير الذي بثته الأغنية , وكانت تلك الأغنية من الروائع الموسيقية في التاريخ العراقي , تبعتها مقطوعات وأعمال لموسيقيين وملحنين آخرين حملت سمات ٍ مبدعة في الموسيقى , ولعل الفنان القدير رائد جورج كان آخر من أبدع في مجال التأليف الموسيقيّ فقدّم مقطوعات ٍ وأعمالا مهمة صارت علامة فارقة في الفن العراقي , ولا ننسى هنا الفرقة السمفونيّة وأعمالها المؤثرة الرائعة , وكذلك مؤلفي الموسيقى المتوارين خلف سحابة الاعلام الفج , فلم يظهروا ولم يقدموا أعمالهم إلا في حدود ضيّقة رغم أنها تستحق العالم كلّه مساحة راقية من التعبير والألق .

المشـاهدات 48   تاريخ الإضافـة 14/04/2024   رقم المحتوى 43711
أضف تقييـم