السبت 2024/7/27 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 28.95 مئويـة
"هيرامندي" مسلسل عن المحظيات بمقاييس وشروط "سانجاي ليلا بهنسالي"
"هيرامندي" مسلسل عن المحظيات بمقاييس وشروط "سانجاي ليلا بهنسالي"
سينما
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

جمال الدين بوزيان

كما كنت أتوقع ومعي الكثيرون من متابعي ومحبي أعمال السينمائي الهندي الشهير "سانجاي ليلا بهنسالي"، صدر مسلسل الويب الأول له "هيرامندي – سوق الألماس" في أجمل شكل بميزانية تقدر بـ 200 كرور،، بل كان في أقصى صور الجمال الهندي التقليدي في تلك الفترة الزمنية من تاريخ الهند، في مدينة لاهور ذات الأغلبية المسلمة.

كان من المؤكد والواضح أن العمل من الناحية الشكلية، سيكون متخماً بالإبهار والديكورات الجميلة والأضواء الساطعة، والبلاتوهات الواسعة، الأزياء الفاخرة والمتنوعة، الرقصات التقليدية المميزة والمتقنة أداءً وتصويراً، مع مشاهد ولقطات واسعة وعلوية كثيرة، وهو ما اعتدنا مشاهدته في أفلام بهنسالي، خاصة المحلمية أو الميليودرامية الرومانسية، وتلك التي تتحدث عن المومسات بشكل خاص، حيث لدى "بهنسالي" بصمة ونظرة لهذه التيمة، تجعل العمل يخرج شكلياً أكثر جمالاً وإبهاراً من كل أعمال بوليوود الإستعراضية، ويبدو وكأنه يختصر كل إبهار بوليوود على مدى أكثر من 100 عام، في استعراض أو مشهد واحد.

وقد نشرنا بجريدة الدستور العام الماضي، مقالاً قبل الانتهاء من تصوير مسلسل "هيرامندي"، يطرح تساؤلاً حول ما إذا كان هذا العمل سوف يخضع لشروط وأجندات منصة نتفليكس التي عودتنا عليها منذ ظهورها، أم أن "بهنسالي" سوف يفرض طريقته في تصوير المشاهد الحميمية، التي تعتمد على الإيحاء فقط، والإبتعاد عن العري والتلامس الجسدي المباشر ومشاهد الفراش الصريحة، وبالفعل، وبما أن "بهنسالي" هو المنتج والمنتج المنفذ والمخرج والمؤلف لهذا العمل المقتبس من قصة معروفة، فإن شروطه وطريقته هي التي سار عليها إنجاز المسلسل، ورغم أنه يتحدث عن نظام المحظيات في المدن الإسلامية خلال فترة الإستعمار البريطاني للهند، إلا أن بهنسالي تقيّد بالعناصر التاريخية المرتبطة باللباس والرقصات، حيث أن لباس المحظية المسلمة وطريقة رقصها تختلف عن لباس المومس العادية، والرقص التقيدي الهندي الإسلامي يختلف عن الرقص الهندوسي، سواءً في حركات اليد والأصابع، التي تشبه عند الهندوس لغة الإشارة عند فئة الصم، وهي أغلبها رموز دينية هندوسية، في حين لا نجد هذه الرموز والحركات في الرقص الإسلامي الهندي، كما أن لباس الرقص في المدن الإسلامية في تلك الفترة كان يغطي كل الجسم ولا يظهر من الراقصة إلا وجهها وشعرها.

نظام المحظيات في الهند، يشبه لحد بعيد نظام الجواري المعروف عند العرب، حيث تكون المحظية ملكاً لرجل واحد من أثرياء المدينة، ولا تعاشر رجلاً آخر، وهو نظام خاص بأغنياء القوم، والمحظية ليست متاحة لعامة الناس والموظفين العاديين، حيث تجتمع في المهجع مجموعة محظيات ترأسهن محظية سابقة كبيرة في السن ومتقاعدة، هي التي تنضم الحفلات الراقصة لكي يختار كل ثري مسلم (يسمى النواب أو النائب) الفتاة التي تعجبه لتكون له دون غيره، وله الاختيار أن يحدد بعد اختيارها، إذا كانت سترقص للجميع أم ترقص له وحده، لكن المؤكد أنها تكون له بمثابة الجارية أو العشيقة، وإن أخطأت مع أحد غيره تعتبر خائنة وزانية، وكأنه النسخة الهندية المسلمة لنظام الجواري في الإسلام، مع بعض الاختلافات والتناقضات.

لدى "بهناسلي" تجربة مميزة مع الأعمال السينمائية التي تكون فيها بطلة العمل الرئيسية من المومسات والمحظيات: ديفداس سنة 2002، ساواريا سنة 2007، باجيراو ماستاني سنة 2015، غانغوباي كاتياوادي سنة 2022،  وتشترك كلها في صورة واحدة وشكل شبه ثابت يتعمد السينمائي الهندي الشهير تكراره كل مرة، وطيلة متابعة المسلسل، كان طيف "تشاندارموكي" (مادهوري ديكست) و "غانغوباي" (عالية بهات) حاضرين بصفة مستمرة خاصة مع بعض شخصيات العمل الرئيسية.

يمكن القول بأنه لا يوجد لدى بهنسالي عمل فاشل طيلة مسيرته المهنية، حتى وإن كان يبدو أنه يكرر نفسه في بعض الأعمال، لكن عنصريّ الإتقان والإبهار يجعلان من أعماله متعة بصرية كبيرة لعين المشاهد، إضافة لمضمون العمل وطريقة طرحه، التي تضاهي إبهار الشكل وجماله من حيث الاحترافية والإتقان.

اختيار بطلات العمل كان موفقاً لحد كبير، مانيشا كويرالا العائدة بعد سنوات من العلاج من السرطان، وهي أكبرهن سنا، وكانت مناسبة جداً لدور رئيسة مهجع المحظيات، سوناكشي سينها الجميلة كرست موهبتها في هذا العمل، وكأنها تستدرك ما لم تحققه في السينما منذ ظهورها، ريتشا تشادها كان لها دور مساعد، مساحته ليست بحجم أدوار زميلاتها، لكن ريتشا ممثلة جيدة ويمكن لها الاستمرار طويلا في بوليوود، سانجيدا شيخ أيضاً أراها في مكانها المناسب في دور المحظية المقهورة أخت الرئيسة، شارمين سيغال هي اكتشاف المخرج في هذا العمل، كانت تعمل مساعدة مخرج في قليل من الأفلام، ولديها دورين صغيرين فقط كممثلة، لذلك "هيرامندي" بالنسبة لها هو تذكرة دخولها الحقيقية للتمثيل ولبوليوود خاصة.

رغم أن بطولة المسلسل نسائية جماعية (مع مشاركة النجم فردين خان)، إلا أن "أديتي راو حيدري" كانت هي الأبرز خلال متابعة العمل، أو ربما لأنها لعبت دور المحظية المناضلة التي تشارك المجاهدين الهنود مالها لشراء السلاح ونقل أخبار الاستعمار لهم، فكان تعاطف الجمهور معها من البداية، لأنها تبدو في شكل البطلة الطيبة التي يبحث عنها الجمهور، عكس بقية المحظيات اللواتي يجمعن في شخصياتهن من تناقضات الحياة، ما يجعل المتابع لا يستطيع الحكم عليها بقرار نهائي نمطي

المشـاهدات 4676   تاريخ الإضافـة 22/05/2024   رقم المحتوى 46340
أضف تقييـم