السبت 2024/9/28 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 26.95 مئويـة
العفو والتسامح في المنظور الإسلامي
العفو والتسامح في المنظور الإسلامي
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

سامي ندا جاسم الدوري

الإساءة صفة وأمر مذموم لا تقبله النفس البشرية السوية، والإنسان قد يسيء لنفسه أو لغيره، بعمد أو غير عمد، والإساءة قد تكون بأشكال وصور عديدة تتفاوت في حقبها. والإِسَاءة في الاصطلاح هي: فعل أمر قبيح جار مجرى الشَّرِّ يترتَّب عليه غمٌّ لإنسان في أمور دينه ودنياه، سواء أكان ذلك في بدنه أو نفسه أو فيما يحيط به من مال أو ولد . قال

أبو الفضل بن الأحنف /

 إني وإن كنتِ قد أسأتِ بي

      الـيَوْمَ لَرَاجٍ للعَطفِ منكِ غَدا

 أسْتَمتعُ اللَّيْلَ بالرَّجاء وإن لم

             أرَ منكم ما أرتجي أبَدا

أغُرُّ نَفسي بِكم وأخدعُها

     نفسٌ ترى الغيّ فيكمُ رَشَدا

وإنّ من أسباب السعادة أن تعفو عمّن ظلمك، وتُعطي من حرمك، وتُحسن إلى من أساء إليك، فإنّ العفو والصفح يُنقّي القلب من الغيظ والحقد والعداوة، كذلك الصفح والتجاوز يُطهّر القلب، ويجلب له السعادة والمسرّات، فلا يُسَرّ الإنسان وقلبه ممتلئ غيظاً وحقداً .ويُعتبر العفو والصفح الخيار الأفضل والأكرم للرد على الإساءة، حيث دعا الله عباده إلى الصبر،والعفو والصفح، والدليل على ذلك قول الله في محكم تنزيله: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) ويُعدُّ العفو والصفح سمة من أخلاق النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، فعندما سُئلت عائشة رضي الله عنها عن خُلُق النبي، قالت: (لم يَكُن فاحِشًا ولا مُتفَحِّشًا ولا صخَّابًا في الأسواقِ، ولا يَجزي بالسَّيِّئةِ السَّيِّئةَ، ولَكِن يَعفو ويَصفَحُ) وبالتالي لا بُدَّ من مُقابلة الإساءة بالإحسان، والصبر .قال علي بن الجهم /

أَسَأتُ إِذ أَحسَنتُ ظَنّي بِكُم

         وَلَم يَنَلني مِنكَ إِحسانُ

 أَقَلُّ حَقي ضَربُ حَلقي

       عَلى تَوَهُّمي أَنَّكَ إِنسانُ

وقال تعالى ( وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ) حيث تمر علينا كثير من المواقف السيئة في خلال تعاملنا مع الآخرين فهناك من يتعمد أثناء حديثه معنا أن يسيء إلينا سواء بالقول أو بالفعل فهناك من يندفع بأتخاذ القرار الصارم بأن يرد الإساءة بإساءة اخرى، حتى يرد كرامته وهناك من يتبع قول الله سبحانه وتعالى ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ). ومن مظاهر قوة المؤمن وتحمله، ومن ثم بلوغ مقتضى إيمانه هو عفوه عن المسيء، وايضا عدم رد الإساءة بمثلها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم   (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب) .

والعفو قد يقرب الانسان من التقوى والتقرب إلى الله (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) .ولا يبلغ للإنسان أن يحتل المكانة المرموقة عند الله إلا إذا تحلى الصبر على من أساء إليه، قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ( ما نقَصَت صدقةٌ من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضَع أحدٌ لله إلا رفَعه الله) .ولابد أن يكونَ الأنسان واسع الصدر، وأن يصبر على الأذى، وكظم الغيظ والحلم والعفو عند المقدرة، فأننا تتعامل مع عقول مختلفة وبيئات متنوعة، وآراء متعددة. ويحث الدين الإسلامي المؤمنين على مقابلة الإساءة بالإحسان، حتى تسود روح المودة والأخوة والمحبة بين الناس، ولا تظهر الشحناء والبغضاء والكراهية بين البشر .إن الموفق لمقابلة الإساءة بالإحسان قد منحه الله صبراً على ما تكرهه النفس، وذلك لإجبارها على ما يحبُّه الله ويرضاه وجاء الحثُّ والتأكيد على هذا الخلق الكريم؛ لأن بعض الناس يقابلون الإساءة بالإساءة وعدم العفو . ومن الأخلاق العظيمة التي تُكبِر صاحبها (العفو عند المقدرة) أي العفو عن المسيء عند القدرة على معاقبته على إساءته، وإن كانت المعاقبة جوهر العدل، فإن العفو قمة الفضل، وهذا الخلق الكريم هو خلق الإسلام الذي ندب إليه القرآن الكريم، كقوله سبحانه (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) . والصفح الجميل هو العفو والإعراض الذي لا عتاب معه .

المشـاهدات 125   تاريخ الإضافـة 25/06/2024   رقم المحتوى 48296
أضف تقييـم