الأحد 2025/1/5 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 4.95 مئويـة
نيوز بار
نشيد للشاعرة الكبيرة الدكتورة بشرى البستاني
نشيد للشاعرة الكبيرة الدكتورة بشرى البستاني
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

أناديكَ، لا تسمعْ

أناديكَ، يضيعُ النداءْ وأصمتْ:

تأخذني فرحة غموضكَ وأواصل التباسي    

لك جناحٌ واحدٌ وليَ جناحان 

فأين المفرُّ مني

 أنت الشاهدُ وأنا الغد

وصمتك ملتبسٌ بأغنيتي 

كلما قطعتَها بسطوةِ المعادِ

عاوَدتِ الهديلْ

بلهفةٍ معطوبةٍ بالتمنّي

نافرةٍ من حكمة الوصايا

وملغومةٍ بجذوة الوصول

أنتَ الشاهدُ وأنا الغد

أقولُ لكَ:  الحكمةُ مراوغةٌ

الحكمةُ شريعةُ الجبناءِ في المغامرة

واقتحامُ الموتِ غايةٌ تُدرك  

وهل الموتُ إلا غيابكْ...!

الحكمةُ شريعةُ المهزومينَ من المبادرة،

المنضوين في الظّلال.

هل كُنّا منهم؟!

أنتَ وأنا ونصفُ قمرٍ ونجمتانْ

وكلمةٌ منه أسمها المعراجْ

تنزوي نجمةُ الصباح بعيداً ..

تأخذُني نحو القرى البعيدةِ

حيثُ لا ... قرارَ

إلّا بهذا الشغفِ المتعالي

عصيّاً على الهدنةِ

ومُبرّءاً من راهنيّة الموت في الحياة  

وهو الحبُّ صراخُ الصحارى

 وكوكبُ التحدّي

ووجعُ اللاهثينَ وراءَ الإعصار

يطلعُ في عزِّ النهارِ ويُقارعُ الشّمس

يطلعُ في عزِّ الليلِ ويتحدّى المكيدة

لا تخَف مِنّي، لا تخَفْ  ..

فأنا لا أرتكبُ ذنوباً خطيرة

لن أقولَ لكَ مثلاً ... أحُبّك.

لن أرسلَ لك رسالةً بيدِ شقيقيَ الصغيرِ

فتضيعُ في الطريقْ

وأحرصُ على جهلي بـرقمِ هاتفك

لئلّا أعتادَ سماعَ صوتِك وأستسلمْ

ففي السجونِ تُمنعُ الهواتفُ

وتُحرّمُ الزياراتُ الشخصية ُ

إلّا في المناسبات 

حيث يضيعُ دمُ الجريمة.

لن أقفَ على الشرفةِ بانتظارِ عودتِك.

ولن أرميَ نافذتَك بوردتي الحمراء

فأميّ رحمَها اللهُ كانت تُنفّذُ بحذرٍ تعاليمَ أبي.

 تُقفلُ الأبوابَ والشبابيكَ بحرصِ سجانْ

وتوصدُ شُرفَ المنزلِ المطلّةَ على شارعيْن

وتضعُ المفاتيحَ في جيبِ ثوبِها الزّاهي

بياسمينِ ربيعٍ مُريبْ.

وأنا لا أعْصي الأوامرَ أبداً

بل أجلسُ في غرفتِي العالية

وأداوي بحذرٍ جروحَ قلبِي

قلبِي الذي اغتالتهُ مواعيدُكْ

وأنا .. لن أقولَ لكَ اليقينَ

لئِلا تَهرب.

لن أخبرَكَ بصهيلِ الخيولِ

التي دهَستْ روحي 

وتركتُ أسراريَ الأنيقةَ لخيانةِ الحنينْ 

للسّرابِ الذي يضحكُ من يقينِكْ

ويمنحُ الحريةَ وسامَ القيود

أقولُ لكَ، لا يقينَ في نعيمِ الجحيم

لا يقينَ في بُؤرِ المراكِز

فجّرْها لتجدَها ألفَ بؤرةٍ وبؤرة

تتشظى على اغترابِ الملَكُوت

لم أكن أصدّقُ "دريدا" حتّى عرفْتُك

حينها عرفتُ الفرقَ بين الحركةِ والسّكون

وبينَ حضورِكَ واغترابي

ومعنى أنْ أقولَ لكَ تعالَ فتذهب

ولا أُحِبُّكَ... فتجيئ

وذلكَ ما تؤشّره الأضدادُ في ملحمةِ الوجود

قلبانِ وقرطاس

وساريةٌ للسفينة

أعنّي عليكَ، أعنّي

على طفلٍ صامتٍ يتمردُ في عينيك

قادمٍ من عصورٍ استعصتْ على شمسِ الرّبيع

على الشّجرِ الدائرِ حولَ أسوارِك.

وعلى الخوفِ المتربّص بمواعيدِ حُضُورِك

مُذْ قلتُ لكَ: لا تُفْصِح

كي لا ترى الأرضَ أكبرَ منّا.

حينَ تكونُ صُبّيرةً ناتِئة

لا تصلحُ إلّا للحروب

تتمرغُ في خوفِك من طمأنينةِ الموتِ

ودهشةِ الحياةْ.

نصمتُ واقفيْن على العتبة

منتظريْن وحياً لا يجيئْ

نصمتُ ملتبسَيْنِ بوهجِ الحمّى

وارتباكِ الموازين

تنسلُّ نجمةُ الصباحِ من شُرفتي

وتنزوي بَعيدا

تختبئُ في شَجَنِ أرْدانِك

يأخذُها نحوَ القُرى البعيدة

وتحتَ مصابيحَ بلابِلي النائمةِ في ظلّ غُصونكْ

وعلى دوحةِ البلابلِ المقتولةِ بالرّصاص

كان العشبُ يُضيءُ المسلّاتْ

وكانتِ الكلمةُ تُذعن لإرادةِ القناديل

تنجلي مرّةً وتعتمُ أُخرى

لتُرضِعَ الجذورَ حليبَ الانتماء

آه .. كانتِ البروقُ تُفزعُني

تعاودُني حمّى الليلِ والفجرُ بعيدْ

وأنتَ مأخوذٌ بارتجافِ دمي

بدوارِ الأرضِ حوْلي

مردّداً: لا تَخافِي

ناسياً أنّكَ بعيدٌ وقلبي موزّعٌ

على السككِ الصدِئة

منكفئٌ على فرحِ اللحظةِ مَعَك

ومتشبثٌ بدفْءِ الأسى ولهفةِ الأنهار

 أسمعُ صريرَ الأبوابِ خلفكْ

واصطفاقَ النوافذِ وعويلَ الريح ْ

أسمعُ النشيدَ يرجُّ دمي

ولحناً يردّدُ بابتهالٍ .. أنتظركْ.

أنتظركَ .. وستجيئ

***

على العشبِ، على العشب

على رملِ الأماني الفادحةِ

وزخارفِ فساتينها الربيعيّة

وزبدِ بحرِها المدلهمِّ بوجدِ الصّحارى

على الأرضِ، على الأرض

الأرضِ التي علّمتنا الشّغفَ

وملأت جيوبَنا بالحلوى

وتركتنا ملهوفَيْنِ بين وردِنا وشجاها 

الأرضِ التي علمتْنا كيفَ نهِبُ الأنهارَ زرقتها

وكيفَ تنشقّ البحارُ عن رسلِ اللهِ

لتنجوَ السفينةُ وينهضَ الكون

على الأرضِ وهي تخبّئُ تحتَ أهدابِها السّرَّ

ولهاثَ الأرجوانْ

أنتظرُكَ تحتَ مسلّات الحريةِ

وأعمدةِ الأناشيدِ المحرمة ..

أنتظرُكَ في غياهبِ الفتنةِ

وفي منعرجاتِ نعيمِ أهلِ الجنة

أقمتَ أعمدةَ الليلِ حولي

وأطلقتَ البروق

وقلتَ للشّمس أجّلي المواعيدْ

فمَنْ يُطفئُ فحمةَ الليلِ إلّا مُشعِلُها

وبدونِكَ عمياءُ أصابعي

وخائفةٌ حَصاتي

وموجُكَ أعْلى من نورِ الأنوارِ،

أعْلى، 

وأكثرُ طمأنينة من الموتْ

...................

 

صمتَتْ لُغاتُ اللهِ في عينيكَ

في كفيكَ، في أرجاءِ قلبي

في نوافذ غُربتي

مالت عليكَ قصيدةُ المنفى

وَغَنّتْ.

يا بهيَّ الطولِ:

مُرَّ بشرفةِ المشتاقِ.

مُرَّ بشُرفَتي. 

...............................

ارجو الاهتمام بتصميمها

 

المشـاهدات 159   تاريخ الإضافـة 25/08/2024   رقم المحتوى 52069
أضف تقييـم