الأربعاء 2024/10/9 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 32.95 مئويـة
التركيز على الجوانب الأدبية يتيح للسيناريو آفاقا أوسع على كتاب السيناريو في المغرب الاقتداء بالأدب العالمي
التركيز على الجوانب الأدبية يتيح للسيناريو آفاقا أوسع على كتاب السيناريو في المغرب الاقتداء بالأدب العالمي
سينما
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

الرباط - يعتبر السيناريو في المغرب حجر الزاوية في صناعة السينما، فهو البنية الأساسية التي يقوم عليها أي عمل سينمائي ناجح، لكن تواجه كتابة السيناريو تحديات كبيرة تعيق تطوره وتأثيره في المشهد السينمائي أبرزها ضعف الأفكار والسرد، حيث يفتقر العديد من السيناريوهات إلى الابتكار والتجديد وهذا ما يؤدي إلى إنتاج أعمال تفتقد للجاذبية والإقناع.من ناحية أخرى كثيرا ما يختزل دور السيناريو في الجانب التقني فقط وينظر إليه كأداة لتنظيم المشاهد وترتيبها دون إيلاء الاهتمام الكافي للجانب الأدبي الذي يضفي على النصوص السينمائية عمقا وثراء، والفهم المحدود لدور السيناريو يؤدي إلى تراجع قيمته الأدبية، حيث تغفل الجوانب التي تجعل من السيناريو عملا إبداعيا متكاملا يجمع بين الأدب والفن.

 

الجودة الأدبية

 

فهل يمكن أن نعزو هذا الضعف إلى النظرة التي تهيمن على السينما المغربية، حيث يعتبر السيناريو مجرد تقنية سينمائية بعيدة عن الجوهر الأدبي؟ وإلى أي حد يمكن للسينما المغربية أن تحقق طفرة سيناريستية من خلال فهم أهمية الأبعاد الأدبية في كتابة السيناريو؟ وكيف يمكننا تحقيق التوازن المطلوب بين التقنية السينمائية والبعد الأدبي لنرتقي بجودة السيناريوهات ونحقق أعمالا سينمائية ودرامية تليق بمكانة الفن السابع في المغرب؟يعزى الضعف في السيناريوهات المغربية إلى النظرة السائدة التي ترى السيناريو كجزء تقني بحت من صناعة الفيلم بمعزل عن جوهره الأدبي، إذ إن هذه النظرة تختزل السيناريو في كونه مجموعة من التقنيات الموجهة للمخرج والفريق الفني في غياب تام للحس الأدبي وهذا يفقده عمقه الأدبي الذي يمكن أن يغني النصوص السينمائية، حيث إن السيناريو ليس مجرد أداة تقنية، بل هو العمود الفقري للعمل السينمائي الذي يجب أن يتضمن عناصر أدبية تسهم في تعزيز القصة والشخصيات والمضامين، فالتقليل من قيمة السيناريو كعمل أدبي قد يؤدي إلى ضعف في محتوى الأفلام وفقدانها للقدرة على خلق ما يجذب الجمهور.ويمكن إعادة الاعتبار للأبعاد الأدبية في كتابة السيناريو بأن تكون خطوة حاسمة في استعادة السينما المغربية لعافيتها، حيث إن الجودة الأدبية العالية للسيناريوهات تمثل الأساس الذي يبني عليه الفيلم نجاحه، إذ إنها قادرة على جذب الجمهور والتأثير فيه، فالتركيز على الجوانب الأدبية يتيح للسيناريو أن يكتسب عمقا فكريا وجماليا وينعكس على جودة العمل السينمائي ككل، وهذا التحول يتطلب تضافر جهود الكتاب والمخرجين والمنتجين والاعتراف بأن السيناريو ليس مجرد مرحلة تكميلية، بل هو جوهر العمل السينمائي، وهذا النهج يمكن السينما المغربية من أن تبرز في المشهد الدولي بأعمال تعكس ثقافتها وفكرها وتحقق نجاحات تتجاوز الحدود.وهنا لا أقصد إطلاقا أن يكتب السيناريو المغربي باللغة العربية الفصحى، بل يكتب السيناريو بالدارجة المغربية بما يتناسب مع الجمهور المحلي، ويعكس واقعه وثقافته اليومية، لكن القصد بذلك الغنى والثراء الفكري الذي يتركه الأدب العالمي في نفوسنا ككتاب، حيث يقدم الأدب أدوات وأساليب تمكننا من صياغة سيناريوهات أكثر عمقا وإبداعا حتى وإن كانت باللغة الدارجة، كما يفتح الأدب العالمي لنا آفاقا جديدة للتعبير عن الأفكار والمشاعر بطريقة تعكس التجارب الإنسانية الشاملة ويثري الأعمال الفنية ويجعلها أكثر قدرة على التأثير في الجمهور.ويتم التوازن بين التقنية السينمائية والبعد الأدبي من خلال التكامل بين الجانب الفني والجانب الإبداعي في كتابة السيناريو، إذ تجمع السينما بين الصورة والكلمة، بينما تعد التقنية وسيلة لنقل النص الأدبي إلى الشاشة دون أن تطغى على جوهر القصة، كما يمزج السيناريو الذي يجمع بين العمق الأدبي والاحتراف التقني بين الجودة العالية والأثر العميق في الجمهور، وينقل الرسائل بفعالية، حيث يستثمر تحقيق هذا التوازن في تكوين كتاب السيناريو وتطوير مهاراتهم، وتعزيز التعاون بين الكتاب والمخرجين لضمان انسجام الرؤية الفنية مع الأبعاد الأدبية.وتلعب الأبعاد الأدبية دورا محوريا في كتابة السيناريو، حيث إن الأدب يمد السيناريو بالحوار الغني والقصة المحبوكة التي تسهم في بناء عوالم سينمائية جذابة وذات تأثير عميق، فالعديد من الروايات الأدبية التي تحولت إلى أفلام سينمائية حققت نجاحات فنيا وتجاريا، وهذا يرجع في جزء كبير منه إلى قوة النص الأدبي الأصلي، إذ إن الحوار الأدبي بما يحمله من تعبيرات دقيقة وتراكيب لغوية راقية يمنح الشخصيات عمقا وواقعية، وهذا ما يجعلها أكثر قربا من المشاهدين، إضافة إلى أن القصة المحبوكة تخلق توازنا مثاليا بين العناصر الدرامية المختلفة، ويضمن تدفق الأحداث بشكل طبيعي ومثير للاهتمام، ومن هنا يتضح أن الاستثمار في الأبعاد الأدبية عند كتابة السيناريو ليس مجرد ترف، بل هو أساس لنجاح العمل السينمائي وتميزه.

 

تدريس السيناريو

 

يوفر تدريس مادة السيناريو في التخصصات الأدبية إلى جانب الشعر والمسرح أساسا متكاملا للتكوين الإبداعي للأدباء والفنانين، حيث يتطلب السيناريو كأحد فروع الأدب فهما عميقا للعناصر الأدبية مثل الحوار والشخصيات والبنية السردية التي تعتبر أيضا أساسية في الشعر والمسرح، كما يعزز إدماج السيناريو ضمن المنهج الأدبي من قدرة الطلاب على تطوير مهاراتهم في صياغة النصوص المعقدة التي تعكس الأبعاد الإنسانية والثقافية بطرق متعددة، إضافة إلى أنه يتيح لهم فرصة استكشاف التفاعلات بين الأدب والصورة، وهذا يثري تجاربهم الفنية ويعدهم لتقديم أعمال أدبية وسينمائية متكاملة كي يتم تزويد الطلاب بالمعرفة اللازمة لخلق نصوص ذات قيمة أدبية وسينمائية تساهم في تطوير المشهد الثقافي والإبداعي  المغربي.ويعد تلقين الأدب العربي والعالمي في دراسة السيناريو ضرورة لا غنى عنها لكتّاب السيناريو الذين يسعون إلى إنتاج أعمال درامية وسينمائية ذات جودة فنية عالية، حيث يمثل الأدب سواء كان محليا أو عالميا كنزا غنيا بالتجارب الإنسانية المتنوعة والحكايات التي تتجاوز حدود الزمان والمكان وتلهم الكتاب لاستكشاف أبعاد جديدة في سردهم القصصي، إذ يتعلم كاتب السيناريو من خلال الأدب كيفية بناء الشخصيات المعقدة وكيفية تطوير الحبكة بأسلوب متدرج يحافظ على تفاعل الجمهور ويثير مشاعره.وتوفر الأعمال الأدبية الكبرى سواء كانت كلاسيكية أو معاصرة أمثلة حية على استخدام الرمزية والاستعارة والتشويق وهي عناصر أساسية لصناعة سيناريو متماسك وقوي، حيث يمنح الأدب الكاتب القدرة على معالجة القضايا الإنسانية بطريقة تتسم بالعمق والتعقيد ويضفي طبقات من المعنى والدلالات على العمل الفني.وتبقى العديد من الإنتاجات الدرامية والسينمائية سطحية بدون الاعتماد على الأدب كمرجع، حيث تفتقر إلى الأصالة والثراء الفكري الذي يميز الأعمال الفنية الخالدة، ولا يعد الأدب مجرد مصدر للإلهام بل هو أداة تعليمية تساعد الكتّاب على فهم طبيعة الصراع وتطوير الحوار بشكل ديناميكي والتعامل مع القضايا الأخلاقية والنفسية بطريقة تجعل المشاهد يشعر بالتفاعل والانغماس العاطفي مع القصة.

 

عبدالرحيم الشافعي

 

 

المشـاهدات 71   تاريخ الإضافـة 11/09/2024   رقم المحتوى 53212
أضف تقييـم