الأحد 2024/9/29 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 22.95 مئويـة
من مذكرات ناشطة سياسية (2)
من مذكرات ناشطة سياسية (2)
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

ناصر أبوعون

"حين تخون الوطن؛ لن تجد ترابا يحن عليك يوم موتك، وستشعر بالبرد حتى وأنت ميت" لقد غسان كنفاني في هذه العبارة ما سطرته ملايين الكتب منذ معرفة الإنسان بالكتابة.

لكن للأسف كثير من شبابنا (أولادنا) يأخذهم الشطط ونقصان الخبرة إلى الوقوع في فخاخ ينصبها وكلاء الشيطان من أصحاب نظرية الاستعمار الجديد، والتي أرّخ لها البروفسور "ماكس مانوارينج" خبير الاستراتيجية العسكرية في معهد الدراسات التابع لكلية الحرب الأمريكية الذي يقول: "إنّ الهدف الأساس لهذه الموجة الجديدة من الحروب زعزعة الاستقرار، وهذه الزعزعة ينفذها مواطنون من (الدولة العدو) لنتمكن عبرهم من (خلق دولة فاشلة) نستطيع التحكم فيها. وهذه العملية تُنفذ بخطوات ببطء وهدوء، وبعدها سوف يستيقظ عدوك ميتاً"!

وأكثر ما يلفت الانتباه في نظريات الحرب الجديدة هي عبارة :"الإنهاك، والتآكل البطيء". والتآكل البطيء يعني خراب متدرج للدول، وتحويل الناس إلى قطعان هائمة، وشلّ قدرة دولة العدو عن تلبية الحاجات الأساسية! بل تحويل نقص هذه الحاجات إلى وجه آخر من وجوه الحرب، وهو عمل مدروس ومنظم بدقة، وسوف يشاهد منفذو هذه الحروب (أطفالا قتلى وكبار سن يتضورون جوعًا ولا يجدون الدواء)، لكن عليهم أن يكونوا بلا إحساس وبلا قلوب رحيمة، ولا ينزعجوا، بل عليهم المضي مُباشرة نحو تحقيق الهدف هذه الحرب.

لكن سألنا أحد جنود هذه الحرب: لماذا الصبر في "الانهاك والتآكل البطيء لدولة العدو؟ أليس من الأفضل إسقاطها مرة واحدة؟! والجواب: إن استراتيجية الانهاك البطيء تعني نقل الحرب من جبهة إلى أخرى، ومن أرض إلى أخرى، واستنزاف كل قدرات (دولة العدو) على مراحل متباعدة، وتهيئة "دولة العدو" تقاتل على جبهات متعددة ومحاصرة بـ(ضِبَاع) محليين من كل الجهات، والتخطيط لتسخين جبهة، وتهدئة جبهة أخرى، أي استمرار في إدارة الأزمة، وليس حلّها (كما حدث مع القضية الفلسطينية)، فواشنطن تدير الصراع العربيّ الإسرائيلي ولا تسعى نحو حلحلة نهائية. ولكي لا يتم انهيار الدولة السريع، لأن الانهيار السريع يُبقي على كثير من مقومات ومؤسسات الدولة والمجتمع،وبالتالي فإن أفضل الطرق هو التآكل البطيء، بهدوء وثبات عبر سنوات من خلال محاربين "محليين شرسين وشِريرين" وبصرف النظر عن وقوع ضحايا أبرياء لأن الهدف هو السيطرة وتقويض دولة العدو ومجتمعها وهذا هو الأهم من كل شيء، أي محو الدولة والمجتمع عبر عملية طويلة!

وهنا أختم بالعديد من الأسئلة التي وجهتها الكاتبة الفرنسية فيفيان فورستييه للحكومات الأوروبية وللمجتمع الأوروبي في كتابها: (Le Crime de جريمة الغرب) حول صناعة الغرب المأساة الفلسطينية اليهودية؛ وتشير الكاتبة إلى أن اليهود كانوا يعيشون مع العرب في الأندلس؛ وكانوا مستشارين في مصارف بيروت وبغداد والقاهرة وسورية والعراق،، وفي المغرب العربي كان لهم شأن ومقام كسواهم.

وتتساءل فورستييه: مَن أحرق مَن؟ أهُم عرب فلسطين الذين أحرقوا يهود أوروبا أم إن الأوروبيين هم الذين ارتكبوا المحرقة؟ مَن جوّع مَن؟ أهُم عرب فلسطين الذين جوّعوا يهود أوروبا أم إننا نحن من قام بذلك؟ مَن أقام المقابر الجماعية أهم عرب فلسطين الذين قاموا بذلك أم نحن الأوروبيين؟ مَن قام بتهجير السكان الأصليين لفلسطين ومِنْ ثَمَّ احتلالها بالقوة والترهيب، أهُم الفلسطينيون أم اليهود؟

والإجابة، كما تقول الكاتبة: نحن الأوروبيين، صنعنا هذه المأساة للشعب الفلسطيني والفوضى للعالم العربي، نحن الأوروبيين، لفظنا اليهود ورمينا بهم في فلسطين، ونحن الأوروبيين، غسلنا عارنا بدماء الفلسطينيين، وتركنا اليهود يتفننون في قتل وذبح وهدم بيوت الفلسطينيين، وتهجيرهم والاستيلاء على أرضهم، واحتلال بلدهم تحت أعيننا، وجعلنا من المظلومين إرهابيين ظالمين.وتختم الكاتبة قائلة: ردوهم إلى أوروبا، وابحثوا عن محارق اليهود وأفران الغاز في أوروبا وليس في فلسطين.

وحين تنشر صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية مقالاً تحت عنوان «الهجرة المعاكسة وشراء شقق خارج إسرائيل تحسباً لليوم الأسود» فذلك يعني استحالة قيام دولة يهودية واليقين بتفكك الكيان الإسرائيلي صار متجذراً في وجدان الصهاينة، أما جملة، تحسباً لليوم الأسود، فهي تعني أن عمق الوجدان الصهيوني صار متيقنا من حتمية زوال دولة إسرائيل.

 

المشـاهدات 3   تاريخ الإضافـة 29/09/2024   رقم المحتوى 54095
أضف تقييـم