الأربعاء 2024/11/27 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 13.95 مئويـة
المزاوجة بين الاتجاهات النفسية والغرائبية في (أسبازيا)
المزاوجة بين الاتجاهات النفسية والغرائبية في (أسبازيا)
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

                                                       علوان السلمان

 

 (إنّ أغلب الكتب المؤثّرة والأصدق أثرًا.. هي القصص.. لانها تحرّرنا من نفوسنا وترغمنا على معرفة الآخرين.) ستفنسون..

 والقصة القصيرة..الفن القائم بحد ذاته على (تتابع الاحداث في حلقات مثلما تتسلسل فقرات الانسان..)على حد تعبير Edward Forster..مع ضرورة تماسك عناصرها (احداث وشخوص ونسيج لغوي واسلوبي..فضلا عن وجود عنصري الزمان والمكان بشقيه..)كما يقول Frank Oconnor...انها مغامرة منتج(سارد) واع ومتمكن من ادواته السردية بقدرته على اختطاف اللحظة وتأطيرها تأطيرا مكتنزابالفاظه الموحية  مع تميزها بقدرة تركيزية.. اختزالية  للاشياء والموجودات بلغة يومية.. اضافة الى تكثيف المعنى واقتناص الفكرة العميقة الدلالة التي تكشف عن وظيفتها الجمالية والقيمية..وهي ترصد الممكن وتزاوج بين الاتجاهات النفسية والغرائبية عبر صور يحققها المنتج بتوظيفه لغة تصويرية تثير التساؤلات..

   وباستحضار المجموعة القصصية (اسبازيا) التي نسجت عوالمها النصية انامل منتجها القاص احمد الحمد المندلاوي..واسهم مركز مندلي الحضاري في نشرها وانتشارها/2017.. كونها نصوص تقوم على عدة محاورمنها:المُرواغِة المفتوحة.. التي تثير جدلية النّص والهامش الذي يعد انتصارا للفكرة..  فضلا عن كونها نصوص درامية تُمَسْرِحُ الحياة.. فضلا عن غلبة بنية (الحوار الذاتي (المنــولوجي)..مع اتصافــها  بالتكثيف وسرعــة الإيقاع.. والإفادة من تقنية الفن 

 السيمي والفن التشكيلي.. والتَّماس مع الشعر..

(لاكمال احدى معاملاته التقاعدية حيث ارهقه التعب وهو في عقده السبعيني..خفف من سرعة سيره بعدما شعر بألم راود صدره المتعب من سنابك السنين بين مسقط 

 راسه وتباريح المهجر..واذا بكومة من النفايات يطغي عليها منظر العلب الفارغة..نظر اليها بلا تعمد..لكن استوقفه ضجيج هائل ينبعث من جوف هذه النفايات ...                                                                                         

وقف الرجل الهرم واخذ يحادث نفسه:ياسبحان الله..كل شيء في هذه الحياة له مشاكله الخاصة به..كما له لغة تخاطب خاصة..تذكرت قول الشاعر معروف الرصافي:                  

لاشيء مما نعلم         الا لــه تكــــــلم

تكلم مخـــتصر           يفهمه من يفهم

نسي الالم كما نسي العمل الذي جاء من اجله في هذا الصباح الشتائي والسير في الوحل..سمع عويلا وصراخا وضجيجا من ثناياهم..عجبا ارى..وهم يتباهون ويتفاخرون..ويتطاول بعضهم على بعض ببذاءة غير معهودة في مجتمعنا..ونسوا انهم بلا استثناء جيف تفوح منهم اقبح الروائح الكريهه واشكال مشوهة تثير الاشمئزاز في النفس..فاذا بآلة ثقيلة لها اسنان غلاظ كتمساح هائل تجرفهم الى مكان بعيد عن المدينة ليكون سكانها في مأمن من تلك القاذورات النتنة..دعهم     

 يتفاخرون في جوف المزابل..) ص61                                         

فالنص اشبة بمذكرات يومية عاصرها المنتج(السارد) وبقيت هاربة في مكنون خزين ذاكرته إلى ان أحاطها بوهج ينم عن اكتمال نضوجه الفكري والمعرفي فسردها بشكل ينم عن صياغة مشهدية جمالية المبنى ونبض المعنى.. ابتداء من الايقونة العنوانية التي شكلت عتبة نصية اقترنت بلوحة ايحائية قلقة على شكل شخص متشابك الافكار .. وقد شكلت من الجانب التركيبي جملة اسمية محذوف احد اركانها..احتشدت فيها معانٍ كثيرة جرتنا الى أفقٍ من التأويلات مما جعلنا نستنجد بالمتن وتلمس المعنى من احدى القصص التي حملت  عنوان المجموعة.. ت9/ص34..

(اتكأت على عمود الباحة لتواصل حديثها المختلس:كم اتمنى ان اكون كتابا بين  يديه لاتمتع اكثر بكيانه الحكمي..ثم ترتوي روحي من اخاديد وجهه الرزين كما  ترتوي الازاهير من ماء جدول فضي.. بنفس العنفوان كما كنا في صبانا..

افترقا بعد هنيهة كل الى خصوصياته في المنزل او خارجه..قد يتكرر هذا المشهد على الاقل في اليوم مرة واحدة..هذا ديدنهم..ولكنه راودته همهمات قلبية بلا صدى ولا حروف..لكنها ناطقة برقة لطيفة لتقول:انها نيسبازيا..بل انها حقا نيسبازيا.. جاءت لتعلمني اشياء اغفل عنها دائما..ولكن انا لست بـ (سقراط الحكيم).. ص37..                                                                                        

فالمنتج(القاص) قدم نصا سرديا توزعت لغته السردية بين ضمير الغائب والمتكلم    

و الإيماء و الإشارة .. بعيداً عن التّقريرية و المباشرة والاستطراد في الوصف.. و اختراق النّسقية و تجاوز المألوف والنّمطية وخلق آفاق و مسارات لغوية مختلفة.. وابتداع صور غرائبية .. ولحظات قصصية خاطفة مفــاجئة.. فضلا عن كونها جاءت  متنوعة المشارب متباينة الاتجاهات والقضايا وبالرغم من ذلك يجمعها  الهم الاجتماعي والكوني…..مع تنوع في جماليات السرد ودلالاته الفكرية .. اضافة الى مزاوجتها بين الازمنة والامكنة(المغلقة والمفتوحة) والتداعي والمونولوج على طريقة تيار الوعي..

فائدة:اسبازيا.. امراة يونانية عرفت بجمالها وذكائها واشتهرت بعلاقتها مع السياسي بريكلس الذي اتخذها عشيقة له حتى وفاته...

فائدة:نيسبازيا..استاذة الخطابة اذ تعلم سقراط الفيلسوف منها هذا الفن..

المشـاهدات 121   تاريخ الإضافـة 29/09/2024   رقم المحتوى 54096
أضف تقييـم