قــصــة قــصــيــرة : الــغــريــب ... |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص : وسيلة أمين سامي / اليمن
يا إلهي لقد ضللت الطريق ، أين اختفى رفاقي ؟ ألم نكن نسير سوية ؟ هل ابتلعتهم الأرض ؟ أم تهت عنهم وأنا ساهمة ؟. بحدقتين متربصتين تجول بهما في كل اتجاه .. راعَها وقوفها وحيدة تخنقها حيرة فَزِعة ، والخوف يمزق قلبها المضطرب في جسدها النحيل توشك أن تفقد صوابها . المكان خال إلا منها ، يغشاه سكون خائف من سكونه . لم يكن لها بد من مواصلة السير . الطريق وعرة شاقة .. أحجارها الحادة المتناثرة تخترق حذاءها المتهالك تدمي قدميها . لم يثنها ذلك عن عزمها للوصول لمبتغاها ، فهي تمسك وعاءها تمني النفس بالعودة ظافرة بشيء من طعام تسكت به صراخ معدتها وأمها العاجزة التي تنتظرها في مخيم مضرج بأوجاع الشتات . يلوح في خلدها رغيف شهي لكنه ذاو في مسافات المحال . وكلما أوغلت في السير تملكتها الحيرة وازداد شعورها بغرقها في التيه والضياع . الشمس تجنح للمغيب ، يسّاقط صمت مهيب من احمرار الشفق ..أيقنت أن ليلا قادما سينوء بسرب من عبراتها فقد بدأ اليأس يتسلل إلى قلبها . الجوع يعتصرها ، وقفت تستجدي أنفاسها والإعياء يستبد بكل مفصل في جسدها ، شخصت ببصرها إلى غير بعيد تراءى لها أضواء ساطعة ، تهللت أساريرها ، تحاملت على إجهادها ، خالت أنها ستقوى على الركض لكنها مااسطاعت لبلوغ الإجهاد فيها منتهاه فواصلت سيرها تتوكأ بقايا من عزمها . إقتربت شيئا فشيئا حتى أصبحت أمام تلك الأضواء لاح لها قصر منيف لم تر مثله ، تحيط به حديقة غناء ، تتدلى من أشجارها بسخاء صنوف من الثمرات والفاكهة ، انتابها الذهول ،لم تصدق ما تراه ــ هل أنا في حلم ؟ كيف لم يصل أحد لهذا القصر وكيف لم يطاله القصف والمدينة قد دمرت ، وكيف نجوع وكل هذا الخير ليس ببعيد عنا ؟؟ أسئلة كثيرة عصفت بها لم تجد لها جوابا . نسيت وصبها واستعادت شيئا من قواها ــ هذا مبتغاي قالت ذلك وقد أصبحت بمحاذاة السور ، تلمسته بفرح مرتجف . ــ كيف أدلف إلى حديقة هذا القصر ؟ طافت حول سورها المترامي وجدت الباب أخيرا ، وزادت فرحتها أنه لم يكن موصدا.. هبت منها نسمائم جنائنية الضوع ، علوية النقاء وانهمر غيث في عتمة روحها فأينعت ٱمال في منافي جدبها الكئيب . خرير الماء وهديل الأطيار أثمل سمعها ـ في أي مكان و زمان أنا ؟!! همت بالدخول ، وإذا بقامة طويلة لرجل تقف في وجهها ، أفزعها ظهوره المباغت، رفعت رأسها بخوف لترى من هذا الذي يمنع جائعة عطشى من الدخول ؟؟ هالها ما رأت ، كادت تصرخ فالرجل نصفه الأيمن من جسده مثخن بجراح تقطر دما ، اقشعرت أوصالها ، تساءلت : ـ كيف لا يتألم ، كيف له الوقوف بهذا الثبات ؟ لم لا يداوي جراحه ويوقف نزفها ؟ أسئلة كثيرة اقتحمت رأسها استجمعت قواها وحاولت الدخول .. لكنه منعها : ـ دعني أدخل ـ لا كان صوته غريبا كأنه ٱت من البعيد من ٱخر نقطة في الأفق ــ جائعة وأهلي جائعون ، أيام مضت ونحن بلا طعام دعني أدخل ، من حقنا أن نأخذ شيئا من هذا الخير ،نحن في مجاعة ، لايحق لك منعي . ـ لكل شيء ثمن وأنا دفعت ثمن هذا . جالت ببصرها وهي تتساءل : ومن يستطع دفع ثمن كل هذا ؟. شدها رؤيتها ل( الكوفية ) الملتفة حول عنقه مغرورقة بدمائه مشمسة الدفقات تهامس الأنداء بأوتار قانيات تزخ ربيعا في مدائن الحبق . وجدت نفسها تسأله : ـ الا تتألم ؟ ـ لا . ـ كيف تقوى على العيش بهذه الجراح القاتلة ؟؟ ـ بهذه الجراح أفنيتُ موتى . ثم أغلق الباب بوجهها . وقفت مذهولة لاتفهم ماكان يرمي إليه بكلماته . سمعت خطواته فلم تدر أكانت وقع خطى أم وقع صبح وعروج إلى الملكوت . أذهلها الغريب الجريح .. ظلت كلماته عالقة في وجدانها .. ترامى لسمعها أصوات رفاقها استدارت تناديهم : ـ أنا هنا .. وقد وجدت طعاما كثيرا سيغني المدينة بأسرها ركضت نحوهم . لكن يا للهول وجدت نفسها مرة أخرى .. تائهة . رأت جماعة من الناس يتحلقو حول جثة لشهيد يزفونه نحو المقبرة اقتربت منهم ، تأملت الشهيد .. هالها مارأت ..وقع الوعاء من يدها أخذت تصرخ : ـ إنه هو .. إنه هو .. بكوفيته .. بجراحه النازفة . أقسم أنه كان يحدثني . نظر إليها أحدهم باندهاش : ــ لكنه استشهد منذ ثلاثة أيام .
|
المشـاهدات 99 تاريخ الإضافـة 04/10/2024 رقم المحتوى 54356 |
كلمة : حصاد 2024 السينمائي |
استطلاع: كيف يمكن تعزيز وتطوير الفرص أمام المرأة لتصبح قيادية في المجتمع؟ |
رقصة المفارقات: تأثيرها في تطوير الأحداث وصقل الشخصيات في قصة "الحمار زعرور" للأديب فرج ياسين |
قـــــــــــصـــــــــة قـــــصــــيــــرة : (( مــع الــحــب .. بــعــيــداً عــن الــحــرب )) |
التشكيلي كريم جبار الساعدي : للتشكيليات حضور فاعل ومهم وواعد ومشرف في الساحة الفنية |